[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

«فوضى خلاقة» وعصابة مستدامة في يمن المراحل الانتقالية!‏

تحالف الفساد السياسي برئاسة هادي في العاصمة فشل، كما كان منتظرا منذ عام ونصف، ‏في انجاز مهام المرحلة الانتقالية. تفاقمت الأزمة في الجنوب وتعقد الصراع في صعدة قبل أن ‏يتوسع إلى عمران وما بعد عمران.‏

‏***‏
الجنوب وصعدة هما القضيتان الرئيسيتان اللتان انتظر اليمنيون حلهما في المرحلة الانتقالية. ‏وإليهما، هناك الاصلاح السياسي وبسط نفوذ الدولة وإخلاء العاصمة من المسلحين وإدارة ‏الدولة طبق معايير الحكم الرشيد، وتهيئة الظروف في اليمن من أجل الانتقال إلى مؤسسات ‏سياسية عبر الانتخابات.‏

‏***‏
انتهت الفترة الانتقالية ولم تنجز "عصابة المبادرة" شيئا يذكر على صعيد مهامها. واقع الأمر ‏أنها تكالبت على الدولة وهيئاتها وأجهزتها، وضربت فكرة الدولة في الصميم بنهج ‏المحاصصة في الخدمة المدنية والجيش والأمن. ثم اجتازت الخطوط الحمر وانتهكت ‏المحرمات كلها بإقرار مشروع لتمزيق اليمن على اسس طائفية ومناطقية في ما يشبه الامتثال ‏لصانعي "الفوضى الخلاقة" في واشنطن ولندن وتل أبيب.‏

‏***‏
الفشل الذريع لنخبة الخراب في دار الرئاسة ومقر الحكومة وموفنبيك، يستوجب المساءلة إن ‏لم يكن العقاب، لكن هذه العصابة التآمرية عمدت إلى تمرير "وعد" موفنبيكي يقضي ‏باستمرارها في الحكم بذريعة عدم انجاز مهام المرحلة الانتقالية جميعها "لكأنها انجزت الكثير ‏من المهام".‏

التطورات في الجنوب وصعدة وعمران التي تضافرت مع المتغيرات في القاهرة والرياض، ‏دفعت التجمع اليمني للإصلاح إلى تقوية تحالفه بالرئيس المؤقت والانخراط في مشروع تقسيم ‏اليمن بما يؤدي إلى عزل الحوثيين في معزل "زيدي" في الشمال، وضرب جماهيرية الحراك ‏الجنوبي بتقسيم الجنوب إلى اقليمين بما يقوض الجامع الجنوبي بعزل حضرموت. والقاعدة ‏هنا هي أنه يمكن تخيل حضرموت بدون جنوب، لكن يستحيل أن يوجد "جنوب" من غير ‏حضرموت.‏
وإلى الإصلاح المحكوم بصراعاته في الشمال والجنوب، انخرط التنظيم الناصري في ‏الساعات الأخيرة في عملية تنفيذ مخطط "الفوضى الخلاقة" مبديا حماسة شديدة يصعب ‏تفسيرها خارج المصالح الشخصية والشللية لقياداته التي تهيمن عليه منذ نهاية السبعينات.‏

ماذا عن الحزب الاشتراكي؟
في رومنسية جامحة ليست طارئة على قياداته، اعتنق هذا الحزب "عقيدة" الفدرالية قبل 3 ‏أعوام، ثم داخل هذه العقيدة تمترس شيئا فشيئا، تحت لواء الإقليمين. أدار كل تحالفاته واحتكم ‏في كل تكتيكاته إلى هذا "اللواء" وهاتيك "العقيدة". صار الحزب اليساري دوغمائيا بما لا يليق ‏بتاريخه، حتى أنه أسقط أوراقه الواحدة تلو الأخرى، في سبيل الفردوسين اللتين ستتنزلان من ‏كوكب "موفنبيك". بات الاشتراكي "فرانكشتاين" اليمني الذي خلق "الوحش" من دون أن ‏يتحسب لتقلباته واحتياجاته. كانت "فدرالية" الاشتراكي هي "الوحش" الذي انقض عليه في ‏الأيام الأخيرة لرحلة "موفنبيك" الخيالية.‏

والآن؟
تلتزم قيادات الاشتراكي موقفا مهينا لأعضائه وانصاره. هي تبدي اعتراضا على مشروع ‏ال6 أقاليم الذي عده أمين عام الحزب، محقا وواعيا، مشروعا تآمريا على الجنوب وتفتيتيا ‏للشمال، لكنها لا تكف عن التكرار بأنها ملتزمة بالسير في العملية السياسية ولن تقوم بإعاقتها. ‏بكلمة أخرى فإن الاشتراكي لا يمانع في تقسيم الجنوب وتفتيت الشمال لأنه طرف في "الحوار ‏الوطني". لا أغالي إن قلت بأن موقف "اللا موقف" الذي تلتزمه قيادة الاشتراكي قد تكون ‏عواقبه وخيمة على مستقبل الحزب علاوة على أنه يعرض كوادره وشبابه إلى الانكشاف ‏السياسي في "يمن" يشهد تناميا للعصبيات الجهوية والمناطقية والطائفية.‏

‏***‏
اليمن مختطف من قبل عصابة إجرامية وفاسدة، عصابة تتغول على البسطاء والمسالمين ‏والمقهورين والمظلومين. تتقاسم السلطة وتقسم الدولة، وتنبطح للأجنبي، أي أجنبي. هذه ‏العصابة، على تفاوت قوة أعضائها وتنوع خلفياتهم وألوانهم وايديولوجياتهم، لن تسمح للشعب ‏اليمني أن بستقر أبدا، وستقوده من تمديد إلى آخر، لأن مشروعها الوحيد هو إحكام السيطرة ‏على السلطة وعدم الامتثال لأية وثيقة وأي عهد.‏

زر الذهاب إلى الأعلى