الدول العشر الراعية للعملية السياسية في اليمن . تشجع الرئيس المؤقت، المنتهية ولايته، على ارتكاب الفظاعات ضد شعبه. تشجع "صناعة الإجماع" في اليمن بكل ما يترتب على هذه الصناعة من عسف وإكراهات وانتهاكات لحقوق الإنسان وحرية الصحافة (صحيفة "عدن الغد" على سبيل المثال).
يعرف ممثلو هذه الدول في اليمن أن التسوية التي نزلت على اليمن من كوكب موفنبيك، هشة وغير قابلة للحياة، وقصارى ما ستقدمه لليمنيين هو محفزات إضافية على الانقسامات والحروب الداخلية، لكنهم يدفعون رئيس الأمر الواقع - الضعيف ومحدود القدرات وعديم الملكات وغير الشرعي منذ 21 فبراير 2014- إلى ارتكاب حماقات من شأنها تفجير الوضع في اليمن بما يجعل من خريف 2011 (فترة توقيع المبادرة الخليجية وآليتها) ربيعا يمنيا فعليا بالقياس إلى الجحيم الذي يدفعون اليمنيين إليه.
***
اليمن في غنى عن رسائل غربية وخليجية إضافية خاطئة. أي مشروع قرار دولي بخصوص اليمن يعني دفع أطراف في اليمن إلى حماقات ومقامرات. أكبر دعم يمكن أن تقدمونه للشعب اليمني يتمثل في إلزام رجلكم في اليمن وحلفائه الحزبيين باحترام حقوق الإنسان وووقف الحرب على الصحافة (كتعطيل طباعة صحيفة "عدن الغد") والكف عن التحريض الممول من مكتب الرئيس هادي ضد الكتاب والصحفيين المعارضين والمستقلين، والسماح لليمنيين بالتعبير السلمي عن آرائهم ومواقفهم من مخرجات الحوار الوطني التي تم "سلقها" في موفنبيك لتوافق نخبة سياسية محدودة وفاسدة في العاصمة ضدا على مصالح اليمنيين واحتياجاتهم وتطلعاتهم.
***
سفراء الدول العشر الراعية، تدركون تماما أن اغلبية ساحقة في الجنوب تعارض هذه التسوية المفروضة على اليمنيين من أعلى. ويوما تلو يوم تتكشف هشاشة هذه التسوية لدى الرأي العام في الشمال. بل إن استعجال تنفيذ بعض هذه المخرجات بشكل انتقائي يخدم مصالح الرئيس هادي وحليفه الأول في اليمن التجمع اليمني للإصلاح، من شأنه تفجير حروب في غير موقع، وبخاصة في الشمال.
هل تدفعون باليمن إلى الهاوية الافغانية أو الصومالية أو العراقية؟ هل تريدونه حقل تجريب جديد لشطحاتكم في "الهوية" و"الحرب على الإرهاب" و"الفوضى الخلاقة"؟
***
إن أردتم مساعدة الشعب اليمن فعليكم البدء من هنا:
- وقف "صناعة الإجماع" التي تشجعونها في صنعاء. اليمن ليس رئيسا مؤقتا وحفنة سياسيين فاسدين حوله.
- الكف عن تشجيع الرئيس هادي على المضي قدما في تنفيذ مخرجات لما يوافق عليها الشعب اليمني بعد.
- التوقف عن بعث أية رسائل ملتبسة - كمشروع القرار البريطاني- قد تستغلها أطراف يمنية لتصفية حساباتها في مواقع وساحات لم تكونوا تقصدونها أصلا.
- إدانة الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة اليمنية وبخاصة منع طبع الصحف وتهديد الصحفيين والكتاب من أعلى مسؤول في السلطة المؤقتة. واستهجان أي تلويح باستخدام مجلس الامن لقمع حرية الصحافة في اليمن.
- تشجيع السلطة المؤقتة على الانفتاح على مكونات وتعبيرات سياسية يمنية -وبخاصة جنوبية- لم تشارك في مؤتمر الحوار الوطني.
- مراجعة منهجكم في دعم العملية السياسية في اليمن خلال العامين الماضيين. فهناك من يعتقد- وأنا من هؤلاء- إن ما تفعلونه يتناقض تماما مع بنود المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي، بل أنكم سوغتم للرئيس المؤقت هادي وحلفائه الانتهازيين في السلطة الانتقالية، انتهاك الوثائق الحاكمة للمرحلة الانتقالية بدءا من الدستور اليمني وانتهاء بقرارات مجلس الأمن. والانتهاك الأخطر هو حرمان الشعب اليمني من التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات عامة، رئاسية وبرلمانية ومحلية.
- مراجعة استراتيجيتكم في اليمن التي تلقى تبريرها من "الحرب على الإرهاب". لكن الشعب اليمني يكتوي بنار الإرهاب بأكثر من أي وقت مضى. خطر "القاعدة" يتنامى بتسارع، واليأس صار وقودا بشريا للجماعات المسلحة، وحضور "الدولة" يتآكل شعبيا ورقعة سيطرتها تنحسر يوميا. هل تتخيلون كيف سيكون حال اليمن إذا واصلتم دعم مشروع "هادي" الخيالي في تغيير طبيعة هذه الدولة والبدء في رسم خطوط الطول والعرض لدويلات 6 في بلد يقبع نصف سكانه تحت خط الفقر؟