[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الحروب الإعلامية في العالم العربي

يمر العالم العربي اليوم في ظروف صعبة بحيث أن هناك انحدار ثقافي وفكري وعدم وجود ‏حصانة بين شباب هذه الأمة. اعتمد الغرب منذ دخوله إلى المنطقة بالتأثير على توجهات ‏الأجيال من خلال مناهج التعليم والثقافة فمسخ الهوية الإسلامية. وقد أعدت الدول الغربية ‏الاستعمارية أناس يحملون أفكارها ثم زراعتهم في المؤسسات ومصادر التفكير.‏

‏ وسبحان الله فإن هذا الإسلام الذي تكفل الله بحفظه لأنه الدين الحق ودين الأنبياء جميعاً الذين ‏هم رسالتهم واحدة، فسخر الله رجال يقفوا أمام هذه الهجمة يدافعوا عن الإسلام ومخططات ‏وشبهات المستشرقين ويفندوا مزاعمهم، وكان عدد كبير من هؤلاء قد درسوا أفكار هذه ‏الطوائف والجهات فبذلوا جهداً كبيراً لوجه الله وحموا عدد كبير من شباب وأجيال الأمة وشهد ‏لهم الكثير. وبذل المستشرقون ومن معهم جهوداً مضنية، وكلما فشل لهم مخطط بحثوا عن ‏غيره، وعندما رأوا أن الإسلام لا يمكن استئصاله ولا يمكن القبول بوجود دولة إسرائيل ‏المزعومة في المنطقة، فقد رأوا أن يغيروا إستراتيجيتهم بجعل الإعلام يركز على التطرف ‏والإرهاب وشجعوا هذه الجماعات وسهلوا لها الأمور ودعموها من خلال أنظمة معينة ‏وسلطوا عليها الإعلام وصنعوا منهم أبطالاً كما صنعوا من الشيوعيين واليسار والقوميين في ‏الستينات والسبعينات لمواجهة هذا الدين وإبعاد الناس عن الوحدة الإسلامية حتى تبقى المنطقة ‏تحت هيمنة الدول الغربية وتفوق إسرائيل، وذلك لأن هذه المنطقة مهبط الأديان وقيادة ‏الحضارات الإنسانية وموقع إستراتيجي وثروات فلا يجوز حصرها بالنفط أو الغاز أو غيره ‏بل هي أكبر من ذلك.‏

‏ لذا فإن الذين صنعوا مراكز وجهات أبحاث لدراسة هذه المنطقة ووضع الخطط لمحاربتها ‏قد بذلوا جهوداً كبيرة ويغيروا إستراتيجيتهم في كل مرحلة ويبذلوا وسائل من خلال زراعة ‏الشيوعية والتطرف والفقر والحروب والأنظمة العسكرية الشمولية لاستنزاف الطاقات ‏والحروب الأهلية، وأخيراً لجئوا لبرنامج الحروب الأهلية على أساس الطائفية والمذهبية ‏والعرقية وتشجيع طوائف ضد طوائف والفوضى. وكانت تجربة العراق نموذج لهذا لتطبيقه ‏بأساليب مختلفة على حسب وضع كل قطر. ولكن عدم وجود الحصانة الفكرية، ولذا تم ‏محاربة هؤلاء الرجال الذين سخرهم الله ليدافعوا عن الإسلام وعدم تمكين الشباب من الاطلاع ‏وقراءة كتبهم فاندثرت واختفت كتب هؤلاء الصادقين المخلصين أمثال الشيخ أبو الحسن ‏الندوي وسعيد حوى وعبد الرزاق نوفل ومحمد جلال كشك ومحمد الغزالي وغيرهم، وظهرت بدلاً ‏عن ذلك كتب تتحدث بلغة ضعيفة وغير مؤثرة، وركز الإعلام على الوجوه المطلوبة. وبذلك ‏الإعلام وبخبث عن حجب الناس عن المعلومات الصحيحة وعن تصور الأوضاع. وللأسف ‏فإن القنوات العربية كانت جزء من هذه اللعبة إذ قررت القنوات العربية بلا استثناء أن تلمع ‏وتسط الأضواء على أشخاص من جهلة وتدفع لهم مئات الآلاف من الدورات ليملئوا الشاشة ‏سباً وشتماً ومعلومات تحتقر المستمع وتقدم له أشياء موجودة في النت والصحف وشتائم ‏واستعراض وملابس وكرفتات ولا جديد إلا الأكاذيب ونشر ثقافة الكراهية والحقد. والأمة ‏وهويتها وثقافتها مغيبين عن المشهد.‏

‏ أشعر بالألم وغيري كذلك وأنا أشاهد القنوات العربية لا تقدم جديد ولا تقدم حلول ولا ‏دراسات جذرية عن القضايا. والغربي في هذه القنوات ومعها الصحف، هو التركيز على ‏أشخاص معينين شهادتهم الجهل والتخلف ويجيدوا الشتائم ولا تعرف ماذا يريدوا. لم نجد ‏متحدثاً في هذه القنوات من يتحدث عن حلول ومقاربة ومصلحة الأمة. لم نجد متحدثاً من ‏هؤلاء يتحدث عن هموم الناس اليومية ومشاكلهم والرأفة بهم. ونلاحظ في الآونة الأخيرة ‏اختفاء عدد كبير من الناشطين والمحللين، وذلك لمخالفتهم لشروط الاستضافة في القنوات ‏العربية وهي الجهل والسب والشتم وثقافة الكراهية ولبس البدل والشياكة والاستخفاف بعقول ‏السامعين والمشاهدين.، لأنه بصراحة هناك جهات تريد تضليل الأمة وإيصال معلومات ‏خاطئة وعدم وصول الناس للحقيقة. ‏

اليوم نجد المهاترات تماماً مثلما كانت في الستينات.. تقدمي ورجعي و..... الخ. وأحمد سعيد ‏وصوت العرب عادوا إلينا بأسلوب عصري حديث لأن هذا هو المطلوب. تذهب القدس وتدمر ‏فلسطين وتتفوق إسرائيل وتعيش الأمة تهجير وحروب وفقر وجوع وتشريد ومآسي إنسانية ‏صحية وغيرها، وهناك من يتجاهل كل هذا ولا تجد خلفية عن شيء. ‏

الشباب للأسف خرجوا من المولد بلا حمص وباعوا لهم الأوهام، وحتى شباب الثورات ‏اختلفوا من هذه القنوات التي أصبح الإنسان يشك ويتساءل ماذا تريد؟ وإلى أين تسير بالأمة؟ ‏وحسبنا الله ونعم الوكيل فيهم. وكذلك أصحاب المواقع والصحف الصفراء حسبنا الله ونعم ‏الوكيل. فهؤلاء لا يدروا أن السجل الإلهي لن ينساهم وسيسألهم الله في ذلك اليوم عند الميزان ‏عما اقترفوه بحق شعوبهم.‏

زر الذهاب إلى الأعلى