الوضع في اليمن في مرحلة حرجة جداً والسبب هو مواقف الساسة اليمنيين تجاه بلادهم. حيث أن هؤلاء لا يستشعروا المسؤولية من حيث تصعيد الأحداث. فنرى الرئيس السابق ومعه الإعلام الموالي له ينتقم من خصومه بكل الوسائل وكذلك أقرباءه.
وكان الأولى للرئيس السباق أن يترك بصمة طيبة، فقد ابتلاه الله بالحكم والآن في هذا السن والظروف كان الأولى أن يتفرغ للأوضاع الإنسانية وأعمال الخير والمصالحة بين الناس وجمع الشمل وتقديم مثال ونموذج عربي متميز بسجله التاريخ وأن لا يلتفت إلى الصراعات الجانبية ولا ينخدع بمن يريدون ابتزازه لأمواله من الإعلاميين والمشايخ والساسة العاطلين الذي لا يهمهم إلا المال ويخدعونه للابتزاز ولا يدلونه على الطريق الصحيح. وكذلك زملاءه علي سالم البيض وعلي ناصر محمد اللذين تحاربوا في 13 يناير وظلوا على خلاف، واليوم اتفقا على مصالحة آنية وليست صادقة والقلوب مليئة بأشياء أخرى، وكان الواجب أن يستفيدوا من الماضي ويعطوا الفرصة للآخرين، ولكن حب شهوة السلطة . وأعجبني محسن العيني عندما قال عند تشكيل حكومة الانفصال في 94 أن هذه لو قامت بعد الاستقلال لم نكن بحاجة إلى هذه الحروب والدمار والخسائر.
مشكلة القيادات السياسية اليمنية أنها تنظر إلى مصالحها الذاتية وإلى الشهرة وخداع المرافقين والمحيطين بهم. ولا ينظرون بعين العقل والمصلحة ولكن للحاجة الآنية والعواطف ودون النظر إلى النتائج الناجمة عن ذلك. يعرف السيد علي سالم البيض والمهندس حيدر أبوبكر العطاس وعلي ناصر وغيرهم أن المنطقة اليوم غير حرب 1990، حرب الخليج، حيث كانت هناك ردة فعل ضد موقف علي عبد الله صالح وأنهم فشلوا في حرب 94 وخرجوا ومن قبلهم علي ناصر بعد فشل تجربته في 13 يناير. ويجب وبكل شجاعة إن فضل الإنسان وأخطأ في تجربة مثلما يفعل الغربيون، أن يعتزلوا الأوضاع وبشجاعة.
ودعونا نسأل قادة ما سمي بالحراك هل الوحدة كانت غزوا واحتلالاً وأرسلت الحكومة اليمنية سابقاً قواتها لاحتلال المناطق الجنوبية أم أن هذه القوات كانت في الحروب السابقة تنهزم أمام قوات الحزب الاشتراكي الأقوى؟. لقد كانت الحروب السابقة دليل على ذلك. أما حرب 94 فالأستاذ علي سالم البيض يعرف أنه أخذ المساعدات والإمكانيات وهي لا زالت مجهولة المصير إلى الآن ولم يعطي الذين تحالفوا مع شيئاً، والرجل قد فشل مع قحطان ومع سالم ربيع وعبد الفتاح وحليفه الحالي؟؟؟؟ علي ناصر، وكان دائم الغضب ولا يعجبه شيء. وكانت عُمان قد أكرمته باللجوء وفتح الله عليه بالاستثمارات والأموال. والمفروض أنه يفكر بآخرته، فقد كبر سنه وعمره وعليه أن ينتبه لصحته ويراجع أموره ويكتب مذكراته ويسعى لعمل إنساني هو وعلي ناصر يقدموا مساعدات وأعمال إنسانية لأبناء مناطقهم.
وعندما سقط الاتحاد السوفييتي وأصبحت الولايات المتحدة هي الرقم الأقوى والمعلم الأكبر للمنطقة، أغلقت أبوابها أمام أتباع النظام السوفييتي السابق وقررت طي صفحة هذا الماضي وإعداد رجالها، لذا لجأ البيض والحزب الاشتراكي للوحدة للهروب من أي تغيير قد يقودهم للمحاكمات عن ممارسات القتل والتأميم والمصادرة والمظالم ودمار الجنوب الذي كان عروس الجزيرة العربية وإقصاء الرجال وأبناء القبائل والتجار والمعاني الجميلة لعدن وغيرها. وشاركوا في حكومة الوحدة وحصلوا على الدرجات والترقيات والمخصصات لهم ولأصحابهم، وعندما اختلفوا على القسمة الجميع غضب.. علي سالم البيض وجر الناس معه إلى المعركة والحروب وأنه كان معتزل وحصر نفسه في بينه.
وبعد انعزال طويل طلع اليوم يدعو للانفصال. أي انفصال يتحدث عنه هو وباعوم وعلي ناصر وهم يعرفون أن الجيش حل والشرطة والدولي أصبحت كياناً واحداً ولم يعد لهم وجود في الساحة سوى التاريخ الذي يتم تحريفه ودفع الأموال له، وأنهم ينفذوا سياسة إيران التي احتوتهم لأجل تفتيت الجهود وتشتيتها لأجل تمكين المشروع الإيراني، وأن إيران تريد إفشال المبادرة الخليجية. وهم يعرفوا تماماً أن هناك لاعبين رئيسيين جدد لهم قوة ووجود أكثر منهم وهم الجماعات الإرهابية التي صنعوها تحت المسمى الديني أنصار الشريعة ولعبوا بها جميعاً وأصبحت اليوم أدارة إيران للضغط واللعب بالمنطقة. هذا ما يجري من تلاعب بالألفاظ وخداع للناس، ويدفع له حق القات مع إعلام يقود البلاد نحو الهاوية.
تغير النظام السابق وبقيت آثاره بلا شك، والناس تحتاج إلى التغيير، والرئيس الجديد لم يعطى فرصة للإصلاح وكان بإمكان السيد علي ناصر أن يمد يده لعبد ربه منصور هادي ويقدم له الخبرة والتجربة ويساعده على الإصلاح وإخراج الأمة من مأزقها وأن البلاد ستنجر إلى حروب أهلية وأن هناك مخططات دولية تشمل اليمن كجزء من المنطقة والعراق وسوريا وليبيا ومصر والسودان جزء من المنظومة. وأن يتقوا الله في خداع الأمة وتضليلها بالمن والسلوى والجنة الموعودة.
ها هم الصومال انفصل الشمال عن الجنوب فماذا هي النتيجة وها هي تجربة أرتيريا ماذا حصل بعد حكم أفورتي. أثيوبيا بأحسن ما يكون للأفضل، واريتريا أنتم أعلم بما فيها وما يعانيه شعبها وكذلك جنوب السودان وحروب مشار وسلفاكير وأبيي. وستستمر أوضاع اليمن إلى حدود وجماعات وصراعات وستحكم الجنوب والشمال من عصابات وإرهاب وحروب لا نهاية لها. ولن يربح أو يكسب أحد.. الكل خاسر وإيران بعد أن تحقق أهدافها ستترك الجميع الذين استخدمتهم وتقول لهم شكراً أديتم المهمة.
فكروا بالأمة والشعب مسلم عربي وأخوة وساعدوا الرئيس هادي للخروج من الأزمة وأصلحوا الأخطاء والممارسات واتركوا هذه الكلمات الغير لائقة التي تتنافى مع ديننا وأخلاقنا وعروبتنا .. شمال جنوب دحابشة احتلال.. هذه الثقافة لعب بالنار ستحرق الجميع وابدءوا بمصالحة حقيقية وأصلحوا الأخطاء واجعلوا الأجيال القادمة تدعو لكم بالخير. ويا جماعة ضعوا بقع وعلامات بيضاء مرة واحدة في حياتكم، والأمور لا تتحمل والبلاد تخسر، والقبول بالمشاركة وإصلاح الأوضاع أفضل الحلول وانشروا الحب والإخاء بين شعب واحد واهتموا بقضية الأمة فلسطين والقدس وتفرغوا لدعم هذا الشعب المظلوم وقدموا مشروعاً حضارياً لأمتكم وانظروا ما يجري حولكم ولا تعودوا بناء إلى الخلف.