أرشيف الرأي

هل لهذا الليل من فجر؟

الناس تعيش اليوم في حالة من الإحباط لما يرونه من ظروف أمتهم. حروب في سوريا ‏وتدمير شعبها، وحرب في العراق، وحرب في اليمن، وحرب في ليبيا، وصراع في مصر. ‏وخلافات عربية والجامعة العربية غابت عن الساحة والناس تبحث عمن يخرجها من هذا ‏النفق، وهذا الليل. ‏

تفتح التلفزيون أو تفتح أي موقع لا تجد إلا أخبار الحروب والصراعات والشتائم ونفخ نيران ‏الحروب وثقافة الكراهية والأحقاد والعداوات والصراعات، وكلها استنزاف داخلي. حتى إذا ‏خرجت الشارع يتشاتم الناس في السيارات وفي البيوت. تقاطع وخلافات ميراث وهجر بين ‏الأصدقاء والأرحام. هناك ثقافة عنف وصراعات وقسوة في التعامل ولا توجد معاني للرحمة ‏والعطف والمحبة والتسامح.‏

‏ دعونا نكن صرحاء حتى إذا خرجت سيارة بالطريق لا تجد من يقف ليساعد. فقدنا كل ‏معاني الحب والرحمة بعد استيرادنا أسوأ ما في الحضارة الغربية حتى الإسلام قدمناه للعالم ‏بصورة قاتمة وتصدرت بلداننا لغة العنف ضد بعضنا. لم يعد أحد يتكلم عن تهديد المسجد ‏الأقصى والمقدسات المحتلة ودور إسرائيل وحرمات الشعب الفلسطيني من أبسط حقوق ‏الإنسان، وإسرائيل تتكلم بكل صفاقة ووقاحة عن الدولة اليهودية والعرب اليوم يقفوا بين ‏دولتين نوويتين. ‏

وإذا نظرنا إلى العالم نجد الاتحاد الأوروبي، رغم خلافاته الفكرية واختلاف اللغة والمذاهب، ‏يسير نحو الوحدة والالتئام والدفاع عن المصالح، وأصبحت أتشوري متحدثة باسمه في السياسة ‏الخارجية. والاتحاد الأفريقي ودول أمريكا اللاتينية، والهند ننظر إليها اختلاف أعراق ومذاهب ‏وأديان أصبحت دولة كبرى يحسب لها ألف حساب والناس تتعايش وأكبر دولة منتجة ‏ومتقدمة، وطبعاً قبلها الصين ولا ننسى كوريا الجنوبية وفيتنام. أما نحن ربنا واحد وديننا واحد ‏ونبينا واحد ولا يختلف أحد عن القرآن والسنة وسيرة الأصحاب، فلماذا لا نبحث عن القواسم ‏المشتركة ونقبل بالتعايش وننظر للمستقبل. ‏

هناك أمور هامة في بلداننا وهي أن نصبح قوة اقتصادية ونعيد النظر في بعض الدول في ‏قوانينها الاستثمارية والتجارية التي ورثتها عن النظام الاشتراكي الفاشل في الماضي وتعيق ‏كل تنمية ولا تمكن الدول الغنية من الاستثمار ولا أمان، وأن نصلح الجوانب الزراعية ‏والثروة الحيوانية وننسق التعليم ونعد المدرسين ونستفيد من آلية العالم المتحضر في تطور ‏وسائل التعليم ونحارب الجهل والأمية، ونصلح الخدمات الصحية. أمامنا ملفات عدة تستطيع ‏أن نتكامل بها وننظر في حال أبنائنا وقد وقدراتهم الذين هجروا إلى بلاد أخرى ويموت الكثير ‏منهم في البحار وعند المهربين وتجار البشر ماذا نصنع.‏

هناك قضيا كبيرة ويجب أن ندرك أن الله قد أعزنا بالإسلام ولكن هذا الإسلام هو ما جاء به ‏نبينا صلى الله عليه وسلم وأئمتنا من الصحابة والسلف الصالح وليس إسلام الذين يأخذونه من ‏النت والمواقع ولا إسلام الذين يفتون بغير علم ويحققوا أهداف أعداء الأمة في تمزيقها ‏وتفتيتها. وهو دين واضح ومحفوظ بإذن الله. ‏

ونحن بحاجة إلى أن نفهم دورنا في الإسهام بالحضارة الإنسانية، وندرك أننا إذا لم تطلع ولا ‏نبالي بما يخططه أعدائنا في تمزيق الصفوف وتشتيتها والسعي للقضاء علينا من خلال ما ‏يرسموه لنا. وللأسف إن الغرب والكنائس التبشيرية تدرك تماماً أن الإسلام ينتشر وأن هذا ‏الدين أصبح رقماً صعباً فهو في العالم اليوم أصبح أكثر انتشاراً، ولذا لم يجدوا وسيلة أفضل ‏من تفريق صفوفنا. ‏

واليوم الإعلام يساهم بشكل كبير في تفريقنا وإثارة الفتن والخلافات، وهناك عناصر مريضة ‏تحرض على تمزيق الأمة والخلاف بيننا وهو ما حصل في التاريخ وليس بجديد. نحن اليوم ‏دويلات والدويلات قابلة للتمزق، ونرى للأسف مهاترات وشتائم تبث اليأس والإحباط ‏وصراعات بين أخوة دينهم واحد وقرآنهم واحد ونبيهم واحد وأصولهم واحدة. على ماذا ‏نتصارع؟ على دنيا فانية.. أين الذين من قبلنا؟ أين ذهبوا ما مصيرهم ؟كلهم إلى التراب ولم ‏يذكر التاريخ إلا الذين صنعوا فيه المجد والحضارة وخدمة الإنسانية.‏

التاريخ يذكر عمر وسعد وأبوبكر وغيرهم والشافعي والحسن البصري ومالك وأبو حنيفة ‏وابن تيمية والغزالي وابن حنبل وابن القيم وصلاح الدين وقطز ومحمد الفاتح وغيرهم لأنهم ‏صنعوا الأمجاد وأثروا أمتهم، ولا يذكر دعاة الفرقة والفتنة.‏

أيها العرب إذا لم تتداركوا أنفسكم فسوف يستبدل الله قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم. عندما ‏تمزق العرب في الأندلس قبائل وعشائر وتمكن منهم الصليبيون خرجوا منها بشر هزيمة بعد ‏ما دخلها طارق بن زياد وموسى بن نصير. وعندما تمزقوا دويلات حصل صلاح الدين ثم ‏جعل سيف الدين قطز ليحموا الإسلام. اليوم الحمد لله راية الإسلام تنتشر بدون العرب، ‏للأسف، الذين تركوا القدس وفلسطين وتركوا أفريقيا وخلا الجو للمبشرين وإسرائيل ولدعاة ‏التطرف والإرهاب ولإيران بفكرها المنحرف تعبث هنا وهناك. فهل لهذا الليل من فجر يشع ‏بالحب والسلام والأخوة. (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ). (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ ‏لِلنَّاسِ) (َوعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا). (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ).‏

زر الذهاب إلى الأعلى