عجبت من التصريحات المستمرة لنوري المالكي ضد دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك يعبر عن العزلة والفشل الدائمين في سياسته الطائفية، وجعل العراق تحت الهيمنة الإيرانية وكيف حوّل بلاده إلى سجن كبير، وعجبت أن المالكي الذي يتحدث عن العدالة والقضاء كيف يتعامل مع الآخرين بالقوة والعنف والتهديد. وهذه اللغة استخدمها مع خصومه، أي ديمقراطية وعدالة يتحدث عنها حكام بغداد وهم يقتلون مرافقي القادة السنيين ويجبرونهم على اعترافات مضحكة مكشوفة، والناس ليسوا بهذه السذاجة، فهم من ضحايا الإرهاب. وقد أخطأ المالكي حتى أن البرزاني والطالباني لم يقتنعوا بدعواه. وهو يهدد الدول العربية والأفراد كأنه دولة عظمى. إذن لماذا هاجم وحارب صدام وهو يمارس نفس السلوكيات وأشد حتى جعل الناس يرون أيام صدام وعزت الدوري جنة.
أي عدالة يتحدث عنها المالكي وقضاء طائفي ونحن نرى تفجير المساجد وقتل العلماء وقتل علماء الطاقة والبرامج النووية العراقية والأساتذة لصالح من؟ من هي الدولة التي لها مصلحة في قتل هؤلاء. أرجو من السيد المالكي ومن معه من الطائفيين الذين قزموا العراق في دائرة ضيقة أن لا يظنوا أن الناس سذج إلى هذا الحد، فهو يريد اسكات دول الخليج وصحف الخليج والعالم كله كأنه إمبراطور. هذا أمر مضحك مبكي.
ولكن العيب ليس فيه، وإنما عند ضعف الآخرين، فهو اضطهد الفلسطينيين اللاجئين ودمّر العراق وباع نفطه وهجّر أهله، وسجون أبو غريب وغيرها شاهدة. إن منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الأمريكية تشهد بذلك، وليس القنوات والصحف العربية أبداً. الكل يتحدث في لندن وباريس عن القمع والإرهاب والتصفيات على يد صِرب بغداد وهولاكو الجديد. وجنون المرجعيات في استباحة الدماء والأعراض.
بذلت دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات جهود مضنية لمساعدة العراق دون النظر إلى الطوائف، فهم يعرفون أن العراق عربي مسلم ولكن دون جدوى. ورأوا المهرجين والقتل المستمر وضياع هذا البلد ومحاولة طمس هويته ليعد تبعاً لدولة أخرى مجاورة. أيظن المالكي ومن معه أن هذه الدولة ستكافئهم. لا والله، بل لن يجدوا أي مساواة وسيعتبرون من الدرجة الثالثة. آن الأوان لإخواننا في العراق أن يستيقظوا ولا يسمعوا حواديت وروايات تاريخية لا أساس لها، فهم شعب لا يمكن أن يكون له تاريخ يعيش عصر العولمة والكيانات والعمل المشترك.
ولعل السيد المالكي يرى أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أصله كيني، وأن العالم اليوم لم يعد يعيش في سجن الطائفية والعِرقية، وهو يعرف من هي رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة، وكذلك مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة والسفير خليل زادة الأفغاني الأصل. ألا يكفي هذا درساً للمالكي ومن معه. أما آن الأوان لهؤلاء أن يختاروا من يمثل العراق بدون طائفية وإرهاب وقمع، وقد وصلت جرأتهم على أن يهددوا صحافة بلد ليس لهم وعضو مستقل وحرية صحافة. نحن اليوم في 2014 وليس في القرن الثالث ولا في عصر الإمبراطوريات، هذه فترة انتهت، إن على حكام العراق أن لا يسلموا أمورهم للمرجعيات التي تعيش أحقاد التاريخ.
لقد فوجئت بشخص يحدثني أن معاوية هو سبب مشاكل العالم، فقلت له حاكمه في قبره بدمشق. هذا الاستخفاف بعقول البشر لماذا يتم نبش قبر الصحابي شرحيبل بن حسنة في العراق وغيره؟ لما يشتم الصحابة "تلك أمة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون".
لذا المواطن العربي يستغرب التلفيق والإدعاءات ضد رموز السنة التي لم تظهر إلا أخيراً بطرق أصبحت تذكرنا بأيام المهداوي ومحاكمه المعروفة، ومحاكم التفتيش. إن على الدول العربية وعملائها عدم السكوت على الظلم الذي أصاب العراق وأهله، وأحوال المشردين والأيتام والسجون المليئة بالأبرياء والتدمير للبيوت بالجملة على يد عصابات المالكي.
العراق وأهله المشردين محرمون من أبسط حقوق الإنسان حتى تجديد الجوازات ممنوع لإجبار هؤلاء على طلب جنسيات أخرى تماماً مثلما يفعل الكيان الصهيوني بالشعب الفلسطيني تصفية عرقية واضحة كالشمس وتهجير وظلم وفرق موت. يعرف السيد المالكي ومعه الصدر وغيرهم في حزب الدعوة وائتلافهم من هم وراء فرق الموت، ولكنهم كالمثل ضربني وبكى وسبقني واشتكى. وأقول لهم إن الظلام لن يستمر طويلاً فشمس بغداد ستشرق يوماً!