[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

حصاد كوارث الربيع

بعد أن قامت ثورات الربيع لم أكن متفائلاً بهذه الثورات لأنها ليست الوسيلة المشروعة ‏للتغيير والإصلاح، ‏فالمظاهرات والصراخ وعدم الوضوح له مخاطره ونتائجه الخطيرة، وما ‏إن خرج هؤلاء بطلب التغيير الذي وافق ‏آلام ومعاناة الناس من الظلم والفساد والقمع وغلاء ‏الأسعار والبطالة والأوضاع التي خلفتها الأنظمة ‏العسكرية الشمولية التي أدعت أنها جاءت ‏للتحرير والثورية ....الخ من شعارات..‏

‏ إن هؤلاء الذين خرجوا ‏للمظاهرات المطالبة بالتغييري ليسوا محصنين ولا يحملون فكرا ‏وكان دور أجهزة الإعلام وشبكات التواصل في ‏توجيه هؤلاء الشباب بأفكار تريدها أن تصل ‏لعقول هؤلاء، وفعلاً كان هناك ثعالب في الداخل وذئاب في ‏الخراج، فثعالب الداخل هم الساسة ‏وأصحاب الأحزاب المعارضة التي بعضها مفلس لا رصيد له، وبعضها ‏وجدها فرصة للوصل ‏إلى السلطة، وذئاب الخارج كانت تخطط لحروب وجر المنظمة لصراعات طائفية ومذهبية ‏‏وعرقية وتمزيق هذه البلدان..‏

‏ وقد حصل فعلا اختفى هؤلاء الشباب وضاعوا، وتحول بعضهم أبواقاً لساسة ‏وأحزاب لها ‏أجندات ليست في مصلحة الأمة، وهي لا تختلف عن الأنظمة السابقة إلا في المسمى، وفعلا ‏عاد ‏نظام مبارك في مصر بمسميات جديدة، وعلى مراحل واستطاع نظام الدولة العميقة هذا أن ‏يوجه ضربة ‏لخصومه، فكان وصول مرسيي للرئاسة مرتب له ترتيباً تكتيكيا ذكيا، وانخدع ‏الرجل ومن معه وصدق إنه رئيس ‏جمهورية، ولم يكن الرجل يعرف ماذا يراد له، وللأسف ‏أنه قبل ببعض الممارسات كحل مجلس الشعب وساير ‏العسكريين ونظام مبارك على ما أرادوه ‏، وهؤلاء قرروا أن يحرقوه ويدمروا من معه ويعيدونهم لنقطة الصفر، ‏وبخسارة كبيرة، وفعلا ‏خرج مرسي من الحكم خاسراً وبطريقة مذلة واستطاع خصومه أن يحرقوا سمعته وتحالف ‏‏الجميع ضده وضد فكرته التي تخلى هو نفسه عنها..‏

‏ وتمكن الإعلام من شن حملات قاسية غيرت الشارع ‏ضده، وضاع الشباب الذين خرجوا، فلم ‏يعرفوا أين يكون موقعهم واضطربت لديهم الأفكار. واختل الوضع ‏في مصر وانشغلت مصر ‏بمشاكلها الاقتصادية وتعثرها ولم تعد ذات موقع قيادي أو لها أي دور، وهو ما اراده ‏ذئاب ‏الخارج، وأصبحت الأوضاع بشكل محزن وانقسم الشارع إلى أنصار مرسي وإلى أنصار ‏الدولة الجديدة. ‏وكان ذلك على حساب قضية فلسطين والقدس الشريف ودور الأمة العربية ‏وضياع الهوية.‏
وكان هذا متزامنا في اليمن من ظهور حركة الانفصال التي تقف ورائها إيران من خلال ‏دعم علي سالم البيض في ‏الضاحية وغيرهم والتدريب والتمويل كجزء من مخطط يشمل ‏العراق وسوريا والبحرين وغيره، وكذلك تمويل ‏الجماعات الإرهابية، وذلك لتمكين الأحزاب ‏الشيعية من السيطرة والذين تم إعدادهم من السبعينات، وما ‏جرى في اليمن أخيرا من توسع ‏الحوثي ظاهراً من خلفه الأحزاب الشيعية وإيران والعراق وحزب الله تنفيذاً ‏للمشروع الصفوي ‏للإمبراطورية الإيرانية، ولا زال الأمر يسير من فوضى وخوف باليمنن وفشل القيادات ‏‏والأحزاب التي هربت إلى مشاريع أخرى، كمشروع الأقاليم وغيره والوقوف بسلبية لمستقبل ‏وأمن واستقرار ‏اليمن، وجره لحرب أهلية تخدم مصالح خراجية وأجندات تستهدف الأمة ‏وضمت عربي وضياع هؤلاء الشباب ‏وانشغل من وصلوا إلى السلطة عبر الربيع بالكراسي ‏والمظاهر ولم يقدموا أي برنامج أو إنقاذ بل أصبحوا ‏يسيرون في المخطط المرسوم لهم، ولم ‏ينظروا إلى الأبعاد الحقيقية وظنوا أن الدول الغربية ستقدم له حلولا ونسوا ‏أطماع هذه الدول ‏وموقفها من قضايانا المصيرية وظلمها للشعب الفلسطيني.‏

وهذا ما رأيناه في ليبيا التي تصدرتها الجماعات المسلحة ولم تعرف طعم الأمن والاستقرار، ‏وهذا مسلسل تابع ‏للسودان ومأساته، ومن كارثة العراق التي هي أكبر مأساة إنسانية في ‏التاريخ المعاصر، وما يجري في سوريا ‏وتلاعب الغرب.‏

زر الذهاب إلى الأعلى