من الأرشيف

من فضلكم.. قِفوا احتراماً لهذا الرجل!‏

كانت نهايةُ الأسبوع مدهشةً رائعة على غير العادة! فقد قرأت أن شيخاً من مأرب سلّم ولده ‏المتهم بالاشتراك في جريمة خطف الإيطالي بيير فرسيسكو إلى وزارة الداخلية. سلّمَهُ مبادرةً ‏منه واحتراماً للقانون! ياله من شيخٍ رائع! اسمُهُ : علي القِبْلي نِمران من قبيلة مراد.‏

مرةً أخرى.. هذا هو اليمن الذي نعرفه ونحبّه. وهذه هي مأرب أرَبُ البلاد، وهذه هي مُرادُ ‏الفؤاد. حقاً ما يزال ريفُنا العظيم يمدّ حياتنا بالرائع والجميل والمدهش.‏

الأرجح، أن الشيخ نِمران لم يتحدث يوما عن الدولة المدنية! ولم يتشدّق تِيْها بأنه المدني ‏الوحيد في البلاد! والأرجح كذلك أنه ليس مؤسّسا لمنظمات المجتمع المدني أو مِن اولئك الذين ‏يقضون نصف أعمارهم على ابواب السفارات! كما يفعل ويتحدث ويتشدّق بعض السياسيين ‏المتحذلقين الذين يتحاورون نهاراً ويذبحون الجنود ليلاً!‏

يتحاورون، ويقاتلون في نفس الوقت! وربما شاركوا في الحكومة ثم "تشاركوا" الجنود غيلةً ‏وغدراً! يقتلون الجنود في شبام حضرموت، وسَيْحوت، وشبوة، والضالع، وعمران. ويريدون ‏منّا أن نصمت! هل رأيتم صور الجنود المغدورين في سيحوت؟! وتحتفلون بالمُخرجات!..‏

يقتلون الجنود كل يوم في حرب إبادةٍ صامتة. وعندما تحاول أن تفهم أو تتساءل تقوم القيامة ‏ولا تقعد! وكنتُ أريد للقيامة أن تقوم انتقاماً للجنود، وغضباً على قاتليهم لا انتقاماً من التساؤل ‏أو غضباً على محاولة الفهم!‏

الشعب يريد أن يعرف!.. ومِنْ حقّه أن يعرف. مَنْ يقتل جنوده في سهول البلاد ووديانها ‏وسواحلها كل يوم؟ ولمصلحةِ مَنْ؟ وما الهدف على المدى القريب والبعيد؟.. ولماذا صمت ‏الدولة وإلى متى؟ هل يراد إخلاء محافظات بعينها من الجيش والأمن بالقتل اليومي والترهيب ‏والإرهاب.. والإهمال! هل ثمّة خارطة طريق سِرّية لا نعرفها.. وإلى أين ستقودُنا؟

يقتلون جنودَ البلاد غيلةً وغدراً بلا معركة أو حرب كل يوم. وعندما يرتفع صوتُك بالألم ‏يلتفتون إليك مستغربين! فالألم خارج السيناريو!.. يجب ألاَّ تصرخ ألماً لأن البلاد في مهرجان ‏واحتفال! كن صامتاً ومتفائلاً ومحتفلاً.. حتى لو ذهب نصف الجيش والأمن ضحية الغدر ‏والخيانة! عويلُ الأمهات الثك إلى في كل قرية يمنيةٍ صابرة بينما تحتفل النُخَب نصف الأمّية ‏وتصخُب وتتقاسم!.. يا له من سيناريو بائس ويا لابتسامة السيناريست الخليق الأنيق.‏

ماذا تأكل النخبة الحاكمة المتوافقة وتشرب حتى تتبلّد مشاعرُها ويموتُ شعورُها إلى هذه ‏الدرجة؟ ألا يصحوا ضميرُها قليلاً وهي تستقبل وفوداً من أنحاء العالم حتى من الفيليبين! تأتي ‏هذه الوفود من أجل مخطوف واحد في اليمن! ألا يذكّركم ذلك بما يجب أن تقوموا به تجاه ‏جنودكم المغدورين، ومواطنيكم المظلومين بالآلاف!؟

المضحك أن خاتمة الزيارة لا تخطر على بال.. فبدلا من عودة الوفود إلى بلدانها مصحوبةً ‏بالمخطوفين تعود محمّلةً بمخرجات الحوار! فلا بدّ أن يستفيد العالم من التجربة! ولا بدّ قبل أن ‏تغادر أن تستمع طويلاً إلى كل الفرقاء المتوافقين كُلاً على حِدَه! وكل طرف له روايةٌ وتأويل ‏وخلاف واختلاف.‏

الخَطْف أهْوَنْ من هؤلاء! يقول رئيس الوفد الزائر وهو في طريقه إلى المطار.. يقولها كئيبا ‏قرْفانا!‏

آن للكائنات المتوافقة في هذا البلد أن تعرف أن الأفعال لا الأقوال هي المحك، وأن استخدام ‏السلاح ضدّ الدولة أو الخصوم جريمةٌ لا يمكن غُفرانُها. ثمّ إن الدولة لا تستحق هذا العقاب ‏لأنها لم تعُد تُغضب أحدا!.. فلماذا إذن يقتلون الجنود غيلةً وغدرا؟ ليس إلاّ الحقد والكراهية ‏واجتثاث قوة الدولة تمهيداً لما وراء الأكَمَة!.. ولأننا نعرف الأكمَة وما وراءها ومَن وراءها! ‏فإن الصّمت يغدو وصمةَ عارٍ، والتهاونَ إهانة شعب وخيانة أوطان.. ولن ننتظر طويلاً كي ‏نرى حكم التاريخ وأحكامه.. فالزمن أصبح بسرعة الصوت!‏

زر الذهاب إلى الأعلى