كان العرب قبل الإسلام قبائل مثل اليوم قبائل باسم الأحزاب يتقاتلوا بين عبس وذبيان وقريش وكنانة وتاريخهم صراع على أشياء غريبة مثل سباق ناقة، وقتل ناقة مثل حرب دامت سبعين سنة على ناقة، وهي حرب البسوس، ولعلنا نقرأ التاريخ حول الصراع والدماء والقصائد بين الشعراء من عنتر إلى امرؤ القيس إلى عمر بن كلثوم وغيرهم.
وعانوا ويلات تحت سيطرة الروم والفرس ويطوفوا بالبيت عرايا. فجاء الإسلام وأعزهم وجعلهم عبيداً لله وحررهم من عبادة الأصنام وعبادة البشر إلى عبادة الله وأعطاهم زمام القيادة وكرمهم برسالة إنسانية إلى البشرية وولاهم الأمانة وشرفهم بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان ولا زال أعظم مثال حتى خصومه يعرفون ذلك واسمه يعلو منابر العالم من شرق الصين واليابان إلى غرب الولايات المتحدة، ومن شمال سيبيريا وألاسكا إلى استراليا وجنوب إفريقيا كلها تسمع فيها أشهد أن محمداً رسول الله.
وحاول المستشرقون والمستعمرون القضاء على هذا الإسلام بكل الوسائل عبر المناهج والحملات والتزوير التاريخي، إلا أن ذلك فشل وقيض الله لهذا الدين رجال يدافعون عنه، وبذل الغرب كل وسائله عبر نشر الشيوعية لعلها تنهي الإسلام، فعاد الإسلام أقوى مما كان، وعادت الأمة رغم التعثر ورغم المفاهيم الخاطئة لغياب القيادات وفشلت الليبرالية والعلمانية في القضاء على الإسلام رغم أبواقها وحملاتها المسعورة التي لا تتوقف.
انتشر الإسلام في بلاد الغرب وامتلأت المساجد فيها وازداد بنائها وكثرت المراكز ودخل الغربيون الكثير منهم للإسلام، وكانت الحملات ضد هذا الدين أكثر وسيلة لنشر الإسلام. فقد أراد تيري جونسون أن يحرق القرآن فإذا به يضيء في نفوس الكثير، فشلت الكنيسة في نشر مبادئها الغير معقولة المخالفة لمنهج المسيح عليه السلام، وفشلت كل الأديان والأفكار وهي تتهاوى، وبذل الغرب جهداً من خلال المراكز الخاصة بالأبحاث وصنعوا جماعات التطرف والإرهاب من أفغانستان إلى اليمن والعراق ومصر والجزائر ومالي والصومال وباءت بالفشل وجربوا سلاح الطائفية والمذهبية، ولا زالوا يبذلون الكثير ويساعدهم في ذلك أناس من أبناء جلدتنا ويتكلون بلغتنا وأسماءهم أحمد ومحمد وحسين، ولكنهم بعقول ماركس ولينين وديغول وسارتر وبوش وتشرشل، يحاربون في التيار المعاكس ومعهم أعلام وأجهزة وشبكات تواصل وكتب وإفساد وغزو، ورغم ذلك لا فائدة، فقد وصل الإسلام إلى بلاد الغرب لأنه بحماية الله وتأييده.
تخلى العرب عن هذه الرسالة وتوقف إرسال الدعاة لإفريقية وتوقف دعم هذه القارة وتركوا الباب لجماعات الإرهاب والتطرف ليقال هذا هو الإسلام إذا حكم، وأعادوا صراعات يزيد والحسين وآل البيت وبني أميه واستغلا أعداء الأمة وعلى رأسهم امبراطورية كسرى الصفوية التي تظاهرت باسم الإسلام وحلفائها الغربيين. ونشروا الحروب والقتال والصراعات ، ولكن ماذا نجد؛ ازدياد المساجد في الغرب حتى عدد من مفكري الغرب يرفضوا أن يلصق الإسلام بالإرهاب ويدافعون ضد حصار غزة.
هناك نشطاء أوربيون يأتوا لرفع الحصار عنها ولا نجد ناشطا عربيا واحداً. ظن العرب وإعلامهم أنهم سيرضون الغرب ليبقيهم على رأس السلطة وكأن هذا الغرب هو من يدير الكون وليس الله هو الخالق الآمر، فما كان إلا يروا أن الإسلام سيصبح رقما مؤثرا في الغرب وسنرى عدد من المسلمين في الوزارات والبرلمانات الغربية. وعلى رغم من عشوائية المسلمين في الغرب وحمل البعض منهم لأفكار موروثة وعدم وضوح الرؤيا ألا أن القادم هو حقيقة الإسلام.
فإذا العرب تخلوا عن هويتهم ويصارعون الموتى من ألف وأربعمائة سنة وهم تائهون بين الليبرالية واليسار والصراع المذهب والتطرف وغيره، فإن ذلك لن يؤثر على الإسلام الذي تكفل الله بحفظه، فهو يرعاه وأن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم.
العرب يعيشون هزيمة منكرة في مشروعهم الحضاري العربي الطائفي المذهبي والحزبي والغرب المستعرب، ولكن الإسلام ينتشر وينتصر وبدون العرب .. الذين دمروا اقتصادهم ودمروا بلادهم وعاشوا التخلف الفكري وأضاعوا مقدساتهم، عندهم خير كثير لو تمسكوا بالإسلام الصحيح وأصلحوا اقتصاده وحملوا رسالة نبيهم وأصلحوا المؤسسة الدينية وعرفوا هويتهم وتعلموا من تجربة الهند وكوريا والصين لأصبح لهم شأن، ونأمل أن يأتي جيل يصحح هذه الأخطاء ويستيقظ من هذا السبات ومن التضليل والجيل المنهزم حاليا والمتهافت على السلطة المتسلق إليها والجاري واللاهث خلف الدنيا كلهث الذئاب الجائعة، فليس هناك من حل إلا بالعودة إلى المنبع، وإلا فإن السلام سيكون في بلاد أخرى أقوى وسيصبح هؤلاء أتباع كما كان الغساسنة والمناذرة ، فمتى يعود الجميع للعقل، ومتى نستطيع أن نتعلم من أخطائنا وننظر للمستقبل لا إلى الوراء، ومتى نرضي ربنا ونعود إليه ليرضى عنا ويرحما ولا يسلط علينا بذنوبنا من لا يخافنا ولا يرحمنا.