أرشيف الرأي

فلسطين والأقصى والخلافات العربية

في الوقت الذي نرى حرباً شعواء بين العرب داخلياً وخارجياً، نرى الحروب والحملات ‏والمواقع تشتعل والقنوات تُصعد والتهم والشتائم والمهاترات، وهي حرب لم نشهدها منذ ‏سنوات طويلة. وقد وصلت إلى إشغال الشعوب بالعداء وأصبحت أجهزة الإعلام تُصعد ‏المواقف والوضع العربي يُرثى له.‏

‏ الجامعة العربية ضاعت وسط الأحداث وأريد لها أن تصبح هيكلاً وآثار يندب حولها من ‏لازالوا يراهنوا على هذا الواقع المرير الحزين. من يصدق أن العرب عادوا قبائل وطوائف. ‏من يصدق أن الجيوش والأحزاب العربية التي هزمت أمام دويلة صغيرة احتلت أراضي ‏عربية مرات عديدة من قيام دولة إسرائيل، هذه الجيوش والقبائل والجماعات تقتل بعضها ‏وهي أشد شراسة وقوة في حروبها ضد بعض. ‏

ويا ليت كانت هذه القوة للدفاع عن شرف الأمة وكرامتها. يا ليت هذه الدماء، كما قال سمو ‏الأمير نايف رحمه الله، كلمة توزن بالذهب لم أنساها حكمة رجل عاقل. قال: تمنيت لو هذه ‏الدماء سفكت لتحرير الأقصى والمقدسات. كان الملك فيصل يقول إن أمنيته يصلي في القدس. ‏وكان العرب صفاً واحداً مع الشعب الفلسطيني ولا تخرج قمة عربية أو إسلامية إلا وتتحرك ‏الوفود شرقاً وغرباً للدفاع عن قضية فلسطين وحشد المواقف لنصرة هذه القضية. ‏

أما اليوم فوا أسفاه ماتت الغيرة. لم نسمع أي موقف لشباب الربيع المزعوم ولا لدول الربيع ‏ولا غيرها تتحدث عن القدس وانتهاكات إسرائيل. اليوم إسرائيل تبني المستوطنات وتُهجر، ‏وسيفاجأ العرب أنها ستصبح قوة تهديد استقرار المنطقة. وها هي تحقق مكاسب في البحر ‏الأحمر وغيره وسفنها أصبحت تبحر في أرجاء البحر الأحمر ومعها شريكتها إيران، والكل ‏يتآمر ضد العرب والعرب يقدموا لخصومهم ما يريدونه مجاناً. ‏

وكل يوم الإعلام يعمق الخلافات والمجالس والصحف والمواقع. لا يوجد من يدعو للمصالحة ‏وجمع الكلمة. رحم الله عبد الرحمن عارف وإسماعيل الأزهري كانوا دعاة الصلح والسلام. أما ‏اليوم فلا تجد علماء ولا ساسة ولا مفكرين. الكل حمل سلاحه وشحذ قلمه وحرك لسانه ضد ‏أخيه، أما إسرائيل فلا تعني أحد. الغرب اليوم والنشطاء الغربيون يستنكروا ممارسات ‏إسرائيل ويرفضوا الحصار وانتهاك حقوق الإنسان والقمع الإسرائيلي. والعرب غافلون ‏يتصارعوا. دمروا الاقتصاد وأهدروا الأموال، ولغة العنف والتطرف هي لغة الجميع. ‏وللأسف حتى العوام أصبحوا جزء من ذلك وكأن المطلوب هو عداء بين الشعوب العربية ‏حتى تتحقق لإسرائيل آمالها. ولم يعد لنا حليف. خسرنا تركيا لخلاف حول موقف لها من ‏مصر وتركناها تذهب نحو إيران التي أصبحت تستقطب وتصطاد في الماء العكر وهي مثل ‏إسرائيل سعيدة بما يجري لأنه يحقق أطماعها التوسعية. وراهن العرب على الغرب وتبين أن ‏إيران وأمريكا وإسرائيل حلفاء، وأن العرب اليوم يتجه نحو إيران كحليف قادم. ‏

لم يعد للعرب دور وهم يسيروا نحو التقسيم بإرادتهم ليصحبوا تحت ولاية إيران وإسرائيل ‏اللتان ستكونا شرطي المنطقة وأوصياء للغرب. والأيام تكشف التحالفات السرية وبطلان ‏تضليل أصحاب الصحف الصفراء من الكُتاب الذين خدعوا قراءهم بأن الضربة الأمريكية ‏قادمة لإيران.... الخ. ويتحدثوا عن سيناريوهات مزورة أصبح الإنسان يشك أنهم ينشرونها ‏عن عمد لصالح الدول الغربية. المنطقة مقدمة على أحداث خطيرة، اقتصاد ينهار وشباب تائه ‏بين المخدرات والفساد وضياع الوقت في مقاهي النت والتواصل عبر الشبكات بسخافات، ‏وبين الجماعات الإرهابية المضللة التي تصطاد الشباب المحبط التائه وهذه الجماعات الدموية ‏وغيرها لم نسمع لها صوتاً يخص فلسطين والقدس ومقدساتها.‏

‏ خطف الأجانب وقتل الأبرياء والرعب والخوف وتدمير الجيوش وتحقيق أهداف العدو. ‏وهذه الجماعات الموالية لإيران من حزب الله إلى عصابات بغداد إلى طغاة صعدة إلى مجانين ‏البحرين. أين أنتم من شعب فلسطين والقدس. أين أسيادكم في طهران وشعاراتهم الكاذبة ‏المزورة ومحطاتهم المضللة وشعاراتهم الزائفة.‏

‏ نحن أمة أيتام لا علماء ولا مفكرين ولا قادة. علمائنا مشغولين بالمدح والذم والظهور على ‏القنوات والفتاوى للبنوك للحصول على الأموال وأبوابهم مغلقة ويعيشوا في أبراج عاجية. ‏ومفكرينا يتحدثوا عن أوكرانيا والحروب، والمضحك المبكي تجد من يظهروا على القنوات ‏يكرروا نفس الشريط تهم بين طرفين أو قصة مكررة يومياً ولم نسمع عاقل يقدم البديل ‏والمخرخ والحل ومبادرة ، ولم نسمع أي مبادرة لماذا.‏

نحن بحاجة إلى عقلاء يسعون لحملة مصالحة ولم الشمل ومنع المهاترات ورفضها ورفض ‏جماعات العنف ومحاربتها ونجعل القدس وفلسطين الغالية أولوياتنا ونجمع الحلفاء في أفريقيا ‏وآسيا وأسيا الوسطى حولنا كما كنا سابقاً. اللهم أهدي قومنا إلى الرشاد والصلح والوفاق ‏والصفو والسماح.‏

زر الذهاب إلى الأعلى