رغم وطأة المعارك الشرسة التى يخوضها اليمن هذه الايام ضد تنظيم القاعدة وعناصره الإرهابية وضغوط الفترة التى قد يستغرقها الحسم العسكري في هذه المواجهات المفتوحة لاعتبارات جغرافية تتعلق بوعورة التضاريس واخرى اجتماعية تتصل بالبيئة السكانية والتركيبة القبلية في المناطق التى تدور فيها المواجهات العسكرية بين الجيش وقوى الارهاب وثالثة ترتبط بالاوضاع الاقتصادية والازمة المالية الخانقة التى يعاني منها اليمن في الوقت الراهن رغم ذلك فان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بدا واثقاً بان بلاده قادرة على كسب هذه المعركة وتحقيق الانتصار على عناصر الارهاب والتطرف التى قال انها من توافدت على اليمن من سائر بلدان العالم مؤكداً في هذا الصدد ان من يجري قتالهم اليوم معظمهم من الاجانب ومن جنسيات افريقية وآسيوية وعربية وغربية بعد ان وجدت تلك العناصر ان اليمن الذي اقترب في العامين الماضيين من (الدولة الفاشلة) والانهيار الامني والسقوط في دوامة العنف المسلح والاحتراب الداخلي يمكن ان يكون بالنسبة لها الملاذ الآمن بعد افغانستان لنشاطها وتحركاتها قبل ان تتفاجأ بان مشروعها المتطرف يتهاوى تحت ضربات الحملة العسكرية الاخيرة التى تسعى الحكومة اليمنية إلى جعلها المواجهة الاخيرة مع هذا التنظيم الذى وإن كان قد مني بهزيمة كبيرة بحلول عام 2003م لكنه سرعان ما استجمع قواه من جديد بقيادة ناصر الوحيشي وقاسم الريمي ليظهر الجيل الجديد اشد همجية من الاول واقل استعداداً على رفض ثقافة التطرف والتكفير والقتل المجاني.
وفيما ان الرئيس هادي في حديثه الاسبوع الماضي عن التهديدات التى بات يشكلها تنظيم القاعدة على اليمن والذي اصبحت له مواقع عسكرية للتدريب وتجهيز القتلة في محافظتي ابين وشبوة الجنوبيتين لم ينف حقيقة المصاعب الامنية والسياسية والاقتصادية التي تواجه بلاده فانه الذي كان اكثر صراحة مع اليمنيين حينما قال إن اكبر خطر يتعرض له اليمن هو تنظيم القاعدة خصوصاً بعد ان اتجه هذا التنظيم إلى تغيير استراتيجيته وتصعيد عملياته وحربه الاجرامية عن طريق الاغتيالات الغادرة والتفجيرات المفخخة مستهدفاً قادة وجنود الامن والجيش والنقاط الامنية والمعسكرات والشركات النفطية ما ادى إلى مغادرة اكثر من 34 شركة تعمل في مجال النفط والغاز وتوقيف النشاط الاستثماري واثارة القلق في نفوس الناس بعد ان بدت القاعدة في الفترة الاخيرة وكأنها من تختار مكان الهجوم وزمانه وتمتلك زمام المبادرة في مهاجمة اهدافها ما اظهر الدولة وكأنها في حالة دفاع وغير قادرة على حماية نفسها ومواطنيها من تلك القوى الظلامية والمتخلفة المتعطشة للدم وازهاق ارواح المسلمين بدم بارد.
ومع اهمية النجاحات الكبيرة التى حققها الجيش اليمني في اطار حملته المكثفة على اوكار عناصر القاعدة فان الاهم من ذلك يتمثل فيما عبرت عنه مختلف الشرائح والمكونات المجتمعية اليمنية من دعم ومساندة للدولة وموقفها المناوئ للارهاب وقد تكون من الحالات النادرة ان يتفق اليمنيون على امر كما هو اتفاقهم على ان الارهاب اصبح فيروساً خبيثاً ينال من حاضرهم ومستقبلهم وامنهم واستقرارهم وانه حان الوقت للقضاء على هذا الفيروس مهما كانت التضحيات.
واذا ما كان مثل هذا الموقف يمثل تطوراً يعبر عن ادراك اليمنيين بمخاطر الارهاب على بلدهم والمنطقة عموماً فانه ادعى إلى الفهم من قبل الاشقاء والاصدقاء الذين يتعين عليهم ان يكونوا عوناً لليمنيين ليتسنى لهم حسم المعركة لصالحهم وذلك امر ليس بعيد المنال بل إن ما يدور على الارض يجعلني متاكداً من ان هذا الحسم لم يعد إلا مسألة وقت ليس أكثر.