في تصريح سافر، لم يُغلَّف بأيٍ من العبارات التي تحتمل معاني متعددة، بما هو معروف في متن الفارسية، طلع علينا رحيم صفوي، وله من لقبه نصيب كبير، مؤكداً ما سبق أن أوردناه، في "العربي الجديد"، أن مشروع إيران الإمبراطوري يبدأ من حدود الصين في جبال البامير، مروراً بأفغانستان وإيران والعراق وسورية ولبنان.
يقول صفوي: "حدودنا الغربية ليست في الشلامچة على الحدود الشرقية للعراق، قرب البصرة، بل في جنوب لبنان على البحر". ويقول، أيضاً، إن هذه ثالث مرة تصل فيها إيران (فارس) إلى المتوسط، في إشارة ليست مكتومة إلى وصول الأخمينيين والساسانيين إلى هناك.
كل هذا، وهناك من القوميين العرب مَن لا يزالون يدافعون عن إيران، ويتصدون لنا لمجرد إشارتنا، ولو تلميحاً، إلى الدور الإيراني المخرّب في الوطن العربي، وفي مشرقه تحديداً، وقد شهدنا هذا في المؤتمر القومي العربي، وفي مؤتمرات وندوات علمية وأكاديمية.
وموقف إيران هذا ينسحب على موقف هذه النُخبة، غير المفهوم، من ثورة الشعب السوري، حيث استهداف هذا الشعب من جزار يقتل شعبه، وهو الموقف عينه الذي أشار إليه رحيم صفوي.
ما هذا التطابق في الموقف! إذا كانت لإيران مبرراتها الجيوستراتيجية ودوافع مصالحها لإسناد نظام الجزار، فما دوافع ومبررات النخبة التي أشرت اليها؟
في إجاباتهم، أرجو أن لا يركنوا إلى مقولتَي الممانعة والمقاومة، فهو عذر مضى وقته، ولم يعد له في السوق مشترٍ. ولا إلى "الدواعش"، فالثورة السورية لم تَدْعُهُم إلى سورية، بل تسلّطت على رقاب الناس، بفعل فاعل. وتشير الشواهد إلى حلف مصلحي، غير معلن، بين هؤلاء الداعشيين، وبين مَن يدافع السادة القوميون العرب الجدد عنه، أكانت إيران أم الأسد.
لا أدري، هل اختلّت بوصلة الاتجاه، أم أن مجالاً مغناطيسياً قوياً حرف اتجاهها؟ فهناك مواقف غريبة بدأت تطفو على السطح بين مَن كنّا نعتبرهم حَمَلة إرث الحركة القومية العربية التي انحسرت، ويا للأسف، بفعل هذه المواقف.
الكلمة موقف، والموقف نفسه التزام وهوية. فهل ضاعت الكلمة والموقف والالتزام؟ لا أدري.