تعرض تنظيم القاعدة للصدمة في بداية العمليات العسكرية لكنه امتص الصدمة بعد ساعات بدينامية عجيبة واستدار فأعاد الكرة وامتلك المبادرة في ظل قيادة للجيش خاوية من التجديد والابداع والمرونة في التخطيط، وقد أثبتت الاحداث أنها عديمة في الرؤية وعقيمة في التنبؤ وقراءة الافق على وقع الحدث، تستهويها انتصارات محدودة هي اقرب للطُعم منها للانتصار، فتحتبس عندها دهشة فرحة فاغرة فاها تستمع وتنتظر التهاني وتسجيلات الاعجاب والمكافآت والأنواط..
مع الأسف الشديد.. فإن الحرب مع القاعدة لم تك باستراتيجية شاملة وعميقة ومحيطة تأخذ في الحسبان أسوء الاحتمالات والمخاطر..وكأنه لم تكن هناك إحاطة تامة بموارد وإمكانات وخطط تنظيم القاعدة..
بل يبدو أنها كانت أشبه بهبّة عاطفية استجابة لاستحقاقات دولية وهروبا من استحقاقات وأزمات داخلية..
كما يلاحظ في هذه الاثناء أن القاعدة أعادت الترتيب ونقلت عملياتها إلى الاماكن والمناطق الرخوة وتركت مناطق المواجهة الاّ بقدر ما تناوش كتكتيك...
وهي تلعب اليوم لعبة البعوضة والفيل... توجه القرصات والضرب في مواقع مفصلية وبطريقة فنية ولا يملك الفيل الا ان يضرب بخرطومه على الجبل والحجر فترتد ضربته عليه ويقتله جسمه..وفي هكذا حروب لا يمكن لجيوش مخندقة تقليدية أن تخوضها...
الحرب مع القاعدة حرب عصابات ولها أدواتها وتكتيكها الخاص ويُفترض أن الجيش قد اكتسب خبرات نتيجة للتراكم وتجارب المواجهات..
ويُفترض أن الفهم حاصل والاحاطة عميقة ببنيوية تنظيم القاعدة الفكرية، والتكتيكية، والتنظيمية، والبعدين الاجتماعي والسياسي، وموارده البشرية والمادية...وأين نقاط القوة، وأين وجعه، وما آفاقه المستقبلية، ومدى استفادته من محاور الارهاب الأخرى، وعن دور الفساد وسوء الادارة في مساره...الخ..
هناك خلل كبير في عقلية قيادة الدفاع تكمن في السطحية فتكون التعبئة التقليدية المكررة لمواجهة جيوش تقليدية برية... وتغيب النوعية الاستخباراتية ذات الاحتراف والجودة الفنية والتقنية والتي الحاجة لها في مثل هكذا مواجهات..
ويفترض صدور تشريعات مواكبة في إطار الحرب هذه بشأن الارهاب تُعرفه " وهو كل فعل وسلوك وقول يستهدف اليمن في جميع الجوانب " كما تعرفه جميع الدول الحريصة على أمنها وتحدد وأدواته ومن يخون ويُقصر، فنحن في حرب أشبه بالشاملة ويلزمها استنفار شامل وحيطة وحسم كحالة الطوارئ تماما عند اعلان الحروب.
لكن أمرا من هذا لم يكن..
فقد استغلت بعض القوى وجود هذا التنظيم كأداة لتمرير مشاريع كيدية، وكذلك فعلت قوى أخرى داخل الجيش لتحقيق الثراء العاجل ولخدمة مكايدات تلك أيضا.. ثم ساد بين النخب والشارع والقوى السياسية أن القاعدة في اليمن ليست حقيقة بقدر ما هي أداة وفزاعة..
والحقيقة أن القاعدة هي من استغل الغير على وقع المكايدات والحدث فاخترقتهم بما ظنوه هم أنهم اخترقوها إذ تمايلت فتعرضت لهم فطربوا حتى حسبوها لهم أداة وطيعة ولم يكونوا الاّ هم الاداة..
فأين جهاز الامن القومي الذي يتقاضى أكثر من ميزانية وزارة ويمتلك احداث تقنيات التجسس والمراقبة والمتابعة على مستوى الجزيرة.. وأين الامن السياسي، وجهاز المخابرات العسكرية... وأين تحريات البحث الجنائي..
الآن يبدو ان سلسلة من الهجمات تتوسع ومتواصلة بعضها ذات صخب ودوي فقط الهدف منها نفسي وتمويهي تصرف الانتباه لأخرى مفصلية حملتها وتحملها القاعدة للساعات القادمة..
الجيش اليمني يا سادة مستوى قيادته القيمي والفني دون مستواه....فأنى تسير العربة..؟ نطالب بتحقيق عاجل مع بعض الدفاع والداخلية والاجهزة الامنية المختلفة لكشف ما هو حاصل، وكيف تم السماح لتنظيم القاعدة بالاستيلاء على مدن ومحافظات ومعسكرات ولماذا لم يتم مواجهته في المهد حتى اشتد عوده وصار صلبا، وهو نفسه ما حصل مع الحوثيين التنظيم الارهابي الآخر عندما أفسحوا له الطريق وعبدوها من مران إلى عمران وارحب وخولان، والآن في صنعاء.
هذه المهازل والمؤامرات يلزم الوقوف عندها وكشفها ومحاسبة من كان السبب...
حتى لا يستمر النزيف العام ويظل الجيش والامن هم من يدفعون فاتورة الخونة وأطفال السياسة...
- لدينا في اليمن إمكانات نوعية في الادوات المادية وتقنية مكافحة الارهاب تفوق ما للجزيرة العربية، وكذلك الكوادر البشرية المحلية المؤهلة لتسييرها...لكننا نفتقد العقلية لدى رأس المؤسسة العسكرية التي تقرأ وتحسن الرؤية وصناعة الاستراتيجية، فقد احتجزها الفساد لصالح الغبي الخب ذي الريبة وبقيت هي في الوسط تدور كالرحى، ويوم تقدم بعضها من الادارة الوسط في غفلة عن كوابح الفساد رأينا ابداعا مهولا في وزارة الداخلية..
وغياب الضمير هو الشق الثاني للمعضلة المكمل للعقل، فقد تحضر العقلية ومعها الرؤية لكن الضمير الغائب يحيل كل شيء هباء..
وعن مجرة الشرطة في المكلا...
فإن أمنية المحافظة تتحمل كامل المسؤولية القانونية والاخلاقية عنها إذ كان من الواجب أن تحسب لهذا الموقف حسابه وهي تسمع بخروج القاعدة من مناطق التماس إلى فضاء حضرموت وتعلم بأن القاعدة سترد في المناطق الرخوة...
فكان لزاما وهذه عند فطنة رجل الشارع العادي أن تقوم بسلسلة من التوعية والاجراءات وان تدعم الوحدات والمواقع المكشوفة بالتحصينات والموانع، وأن تكون لديها قدر من البداهة والتوقع في أين ستضرب القاعدة؟
لكن أمنية حضرموت مع الاسف اسم دون مسمى وجعجعة دون طحين، وهي ليست بأكثر من أسد مفرشة، ومن شابه أباه فما ظلم...والواجب ان تقع تحت المساءلة..
حفظ الله جيشنا وأمننا من كل مكروه وفاسد.... وعاشت اليمن حرة أبية سالمة موحدة...