من الأرشيف

قراءة في خطاب هادي.. اعترافات ضد الوحدة وتبشير بالجرعة

في خطابه الهام، بذكرى الوحدة، اعترف الرئيس عبدربه منصور هادي أن أبرز ما فعله ‏مؤتمر الحوار الذي انعقد في صنعاء لقرابة عام هو إقرار إلغاء دولة اليمن الموحد، والتأسيس ‏لبناء جديد على أساس "اتحادي". وهو تأكيد لما تحدث عنه الكثيرون منذ بدء العملية الحوارية ‏وحتى نهايتها. ‏

هذا الحديث، في هذا الخطاب، يمكن اعتباره إعلاناً من هادي بالتراجع عن الوحدة اليمنية في ‏الذكرى الـ24 لأهم أيام اليمنيين وهو يوم إعادة توحيد الوطن، بغض النظر عن الأخطاء ‏والاختلالات، التي كنا نتفق على إرجاعها إلى الإدارة والظروف وليس إلى "الوحدة".! وبقية ‏حديث هادي وتأكيده على الوحدة، مجرد "كلام" للتضليل. ‏

في أبسط بديهيات السياسة وعلومها لا يختلف اثنان من المختصين، على أن الدولة ‏‏"الموحدة" هي التي تتألف من دستور واحد، وحكومة واحدة، وقوانين وأنظمة موحدة. أما ‏‏"الدولة الاتحادية" وهي جوهر "الفيدرالية" كما هو واضح في نصوص الحوار، فهي دولة ‏مركبة، تتركب من حكومات، وشعوب، وأنظمة متعددة، تتحد فقط في جوانب محدودة، هي ‏في الغالب، السياسة الخارجية، والدفاع. أما عملياً فإنها "الحكم الذاتي"؛ تقسيم الوطن إلى ‏أجزاء، كل جزء يسمى "إقليم" ويتمتع بأبرز خصائص الدولة، فله حكومة، وحدود، وشرطة، ‏وبرلمان، وقوانين محلية. (ولا "مساواة" في هذا النظام، باعتباره عدداً من الأنظمة). ‏

وبالتالي - الحديث عن دولة موحدة اتحادية - مغالطة لا أساس لها من الصحة، فإما دولة ‏‏"موحدة" أو "اتحادية"، والذي يقول إن الاتحادية حفاظ على دولة موحدة، إما غير مدرك، أو ‏غشاش، يغالط ملايين الناس في قضية مصيرية. ‏

‏**‏
في السياق، تحدث هادي عن "صياغةٍ حديثة ومعاصرة لمشروع الوحدة ‏اليمنية"، ونلاحظ ‏هنا "مشروع"، وكأن اليمن ليس موحداً منذ 24 عاماً. ولكن إقراره يعزز أن الحاصل هو ‏‏"مشروع" بما يعني العودة إلى الصفر.!‏

‏**‏
خرج هادي هذه المرة، مبشراً ب"الجرعة" - رفع الدعم عن المشتقات - وبطريقة مفضوحة، ‏تعزز بأن له يد في ما يجري للبلاد. هو يقول إن فارقاً كبيراً بين العام الماضي وهذا العام. هذا ‏الفارق هو "التنازل عن الوحدة"، أما الوطن في الحقيقة فيمر بأزمة اقتصادية حادة وحروب ‏مشتعلة وانسداد سياسي، وإلا لما لمح لـ"الجرعة".‏

‏**‏
تجاهل هادي الحروب المشتعلة في شمال الشمال أثناء الحوار وبعد انتهائه وحتى اليوم، ‏والحوار كما يقول "حقق نجاحاً كبيراً". لكن الواقع أن النجاح يتمثل بإقرار تقسيم الوطن ‏وتشكيل اللجان، ومنها لجنة الدستور، التي ستقر تحويل اليمن إلى شعوب وقبائل وأقاليم.. أما ‏الوضع فيزداد سوءاً على أرض الواقع. ‏

وفي حين أنه يعترف بالأزمة الاقتصادية ويبشر بأنه سيلجأ لنهب المواطن بإقرار الجرعة، ‏فإنه يعكف "بهمةٍ وطنيةٍ عالية" على تنفيذ مخرجات الحوار بتقسيم البلاد إلى أقاليم. مع أنه لا ‏يختلف اثنان متخصصان في أن الدولة الاتحادية والأقاليم - التي سيبدأ بنائها - تحتاج لضعف ‏الموازنة لتؤدي إلى دولة مستقرة في أدنى الحدود، فضلاً عن المخاطر والمهددات السياسية ‏والأمنية وغيرها. ‏

زر الذهاب إلى الأعلى