تمر التعزيزات الحوثية من صعدة إلى عمران من أماكن فيها معسكرات مجمدة بامر الرئيس والوزير، بإمكانها على الأقل منع الإمداد. وتتجه هذه التعزيزات إلى مواجهة زملاءهم في مدينة عمران وما حولها.
هذا كملاحظة بسيطة، تكفي لترجيح فرضية أن موقف القيادة يدمر الجيش والدولة. والمسألة هناك ليست سوء تفاهم عارض بين معسكر وجماعة عابرة.. بل هي أزمة جماعة تتوسع خاضت طوال الأعوام الماضية العديد من المواجهات مع الكثير من الخصوم وصلت نقطة من الصعب على العسكر التفهم والسماح بمرورها . فهل يحتاج الأمر إلى تحقق أو بحث أو وساطة أم أنها مغالطة واضحة لأبسط من يرى؟
**
هنا يقفز السؤال: هل يتعامل الرئيس عبدربه منصور هادي ووزير دفاعه محمد ناصر أحمد مع مشكلة الحوثي على أنها مشكلة "شمال" يقيمون فيه مؤقتاً بانتظار وصول المشكلة إلى العاصمة ثم يغادرون؟
لو صنعنا آلة لترتيب الأخطار، شبيهة بجهاز فحص السلاح مثلاً، 1+1 =2. لدقت ناقوس الخطر، لوجود جماعة مسلحة بخلفية طائفية وتتبع أجندات إقليمية ودولية تقترب من صنعاء ما يهدد أمن مركز الدولة ويهدد الأمن والسلم الاجتماعي.
أي رئيس أو سلطة تريد الحفاظ على البلاد، سوف تتحرك، مهما كان مذهبها أو توجهها. لأن ذلك يمثل خطراً أكيداً على البلاد وعلى مناصري هذه الجماعة نفسها الذين سيتضررون نتيجة الفرز والاحتراب.
أن يأتي رئيس ووزير دفاع يتعاملان ببرودة مع تحدي كهذا.. هل معقول أنهما يتعاملان من زاوية من يريد تفجير الوضع والرحيل؟ أم من زاوية الغبي جداً الذي لا يشعر بالخطر؟ لم يؤجلا المشكلة بسبب أولويات أخرى، بل منحاها غطاءً لتصبح تهديداً جدياً للجمهورية ولمركز الدولة في صنعاء.
لو اخترنا أي مواطن عاقل من أطرف رصيف، وسلمناه الدولة، والمعطيات.. هل معقول أنه سيجهل المخاطر؟
الذي يظن أن المسألة لعب بالقوى مخطئ.. المسألة تبدو لعب بأوراق تنسف الدولة وليس القوى. حتى أنصار الحوثي سيكونون ضحية.. يتم دعمه فقط لكي يكون أداة قادرة على إشعال الصراع ثم تحرق.
**
الذي يكره الحوثيين هو من يتواطأ مع توسعهم كتنظيم مسلح في بلد لن يتمكنوا في نهاية الأمر من السيطرة عليه، ولن يتعايشوا معه والواقع خير شاهد، فهناك عشرات إلى مئات الآلاف نازحين من صعدة وجوارها الذي سيطر فيه الحوثي. دليل على عدم التعايش.. فإما نظام وقانون على الجميع وإما حروب.. هم يعتقدون أن الرياح جاءت لتحقق لهم الحلم، ولا يعرفون أو يتجاهلون أن من يدعمهم ويتواطأ معهم ويسهل لهم، يريدهم فقط أن يكونوا أدوات لإغراق البلد بالفوضى واشعال فتنة طائفية.. ثم في النهاية، حتى وإن تمكنوا من قتل أعداد من اليمنيين.. يفتحون على أنفسهم النار!.
**
مسألة موقف هادي ووزير الدفاع لا علاقة لها بالأحزاب.. مسألة أمنية وعسكرية بحتة.. أي إنسان يريد البقاء وهو يعلم أبسط أمور السياسة والدولة والأمن سيعلن حالة طوارئ لأن الوضع لا يطمن.. ولا يتعلق بعمران لوحدها..
قبل أكثر من عام تبين أن سفينة تحمل أسلحة كانت في طريقها إلى اليمن قالت المصادر الأمنية أنذاك إنها تكفي لقتل ملايين، ومن بين ما فيها مثلاً 15 ألف غلاف لعبوة ناسفة تكفي لاغتيال بلد.. وأعلن رئيس جهاز الأمن القومي علي حسن الأحمدي أن شحنة مثلها قد وصلت إلى الهدف .. كان يكفي ذلك، في أي دولة، لإعلان حالة الطوارئ والتحرك بكل أجهزة الدولة لاعتقال القائمين على الجماعة التي استوردت سلاحاً بهذه الخطورة.. ولكن الأمر بسلام!. وحوار!
فهل هؤلاء لا يشعرون؟ أم أنهم يتعاملون مع المسألة ك"شمال" يريدون توريطه؟