[esi views ttl="1"]
من الأرشيف

انكشف الغطاء وظهرت الحقيقة

أمطرتنا وسائل الإعلام المصرية، الرسمي منها والخاص، منذ الثالث من يونيو/حزيران الماضي بوابل من الأخبار والتحليلات السياسية أن الشارع المصري، عن بكرة أبيه، يرفض قيادة حزب الحرية والعدالة الذي قاعدته حركة الإخوان المسلمين. وقيل لنا، في وسائل الإعلام المصرية: إن الشعب اندفع إلى الشوارع، معبراً عن رفضه حكم الرئيس المنتخب، الدكتور محمد مرسي، والذي لم يكتمل عامه الأول في الرئاسة.

كان الاندفاع الجماهيري بقوة شعبية، قدرت، في حينه، بثلاثين مليون مصري، وفي رواية إعلامية أخرى، قيل لنا 50 مليون مصري، أو أكثر، وصدق بعضهم هذه الأقوال، وتحفظ عليها آخرون، وكذبها العالمون بمعرفة المساحة، وكم فرد في كل متر مربع.

قيل لنا إن الرئيس محمد مرسي، "أخون أجهزة الدولة" بتعيينه قيادات الإخوان المسلمين في مفاصل الإدارة الحكومية، والحقيقة أن تشكيلة مجلس الوزراء التي وافق عليها الرئيس مرسي، لا يوجد فيها أكثر من خمسة وزراء، ينتسبون إلى حركة الإخوان المسلمين، بينما هناك أكثر من ثلاثين وزيراً، من اتجاهات مختلفة، كما أنه لا يوجد في عهد مرسي أكثر من خمسة محافظين من حزب الحرية والعدالة من أصل 27 محافظاً، وكذلك رؤساء الجامعات، وأهم من ذلك، لا وجود للإخوان المسلمين في الحرس الجمهوري، أو المخابرات العامة، وكذلك أجهزة الأمن، بدءاً من وزير الداخلية وانتهاء بوزير الدفاع ، فأين الأخونة يا شعب مصر العظيم؟

(2)
كشفت مسرحية الانتخابات الرئاسية المستور، فمقولة الثلاثين مليوناً، أو الخمسين مليوناً الذين خرجوا تأييداً لدعوة الجنرال عبد الفتاح السيسي، بتكليفه لتخليص البلاد والعباد من الإرهاب والإرهابيين "الإخوان المسلمين وحزبهم"، في مطلع شهر يونيو/حزيران العام الماضي، تبخروا أمام لجان التصويت التي انتشرت في البلاد، لانتخاب المشير السيسي، ورأينا لجاناً بلا ناخبين، ورأينا على شاشات التلفزة المصرية مشرفين على لجان الانتخاب، يغطون في سبات عميق، لأنه ليس هناك ناخب.

راح مروجون يبررون عدم توجه الناس إلى صناديق الانتخاب بأن الدنيا حر، أو أنهم منشغلون في زراعة موسم الصيف، أو صيام المصريين بمناسبة الإسراء والمعراج، تلك العوامل، كما يزعمون، حالت دون ذلك. وفوق هذا وذاك، مددوا فترة التصويت ساعاتٍ، لتقترب من ساعات الليل ليبرد الجو، ومنحت الإدارة المصرية يوم إجازة لكل مؤسسات الدولة، وجعلت وسائل النقل العام مجانية للناخبين، ولم تجذب تلك المغريات الشعب للتوجه إلى مقار لجان الانتخاب، فجاء التهديد والوعيد بفرض غرامة مالية، مقدارها 500 جنيه على كل من لم يدل بصوته، وفي الريف المصري، هددوا المواطنين المسجلين في قوائم الانتخابات بوقف التعامل مع البطاقة التموينية، لمن يقاطع الانتخابات، وعلى الرغم من كل هذه التهديدات والإغراءات، لم تجد نفعاً، فكان الإقبال في أدنى مستوياته.

(3)
المهم أن السيسي، وصل إلى الحكم، وأصبح الرئيس المنتخب "بالقوة"، فماذا عساه أن يفعل، في سنة من فترة أدائه اليمين الدستورية، أفضل مما فعل الرئيس السابق، محمد مرسي، وفي المدة نفسها التي انقلب فيها عليه وزير دفاعه، وأودعه السجن، بتهم لا تليق بمصر وحضارتها. وشتان بين انقلاب/ثورة عام 1952 وانقلاب/ ثورة 2013. الأول كان ثورة عسكرية إنسانية أزاحت الملك، وقدمت له التحية العسكرية، وأطلقت المدفعية 21 طلقة في وداعه، وهو يغادر إلى منفاه الذي اختاره، أما الانقلاب الأخير فكان انتقامياً، اجتث القيادة وأنصارها، وأودعهم السجون، وحكم على عديدين منهم، ويقدرون بالمئات، بالإعدام.

أتوجه بسؤال إلى مهندسي "حركة تمرد" التي جيشت الشارع المصري للثورة ضد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وحشدت الملايين، ألم تستطيعوا تحشيد تلك الجماهير، للتصويت لصالح الجنرال السيسي، أو حمدين صباحي؟ يقول العالمون ببواطن الأمور في مصر: الأجهزة الأمنية المصرية اقتنصت الفكرة، وحولت دعاتها "أي تمرد" إلى تحشيد الجماهير لإسقاط "الرئيس محمد مرسي، عضو حزب الحرية والعدالة"، المنبثق عن حركة الإخوان المسلمين، والتخلص من الإخوان وحركتهم جميعاً. ونسأل ما مصير جبهة الإنقاذ الوطني التي سلكت سلوك "تمرد"، في التحريض والتشويه لكل ما هو إسلامي؟ ألم يستطيعوا جميعاً تحشيد الملايين، كما فعلوا سابقاً للتصويت لصالح السيسي، أو حمدين صباحي؟

الرأي عندي أنهم حاولوا، بكل الوسائل، ترغيباً أو ترهيباً، لحشد الملايين للإدلاء بأصواتهم، لكن إرادة الشعب المصري كانت أقوى وأشد تمسكاً بحقهم في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، وحقهم في اختيار الرئيس الذي يثقون فيه بكل حرية.

لقد اكتشف الشعب المصري في سنة أن المرشحيْن، السيسي وصباحي، ليسا أهلا لتحمل الأمانة، وقد استجابت الغالبية العظمى من الشعب للدعوة إلى مقاطعة الانتخاب الذي سيأتي في نهاية المطاف بزعيم الانقلاب العسكري المشير السيسي.

آخر القول: أكذوبة ديمقراطية في مصر وسورية والعراق، وانتخابات مفصلة على يدي ترزيي الأجهزة الأمنية. فهل يرتقي الجنرال السيسي، إلى مرتبة الجنرال ديغول، عندما فاز في الانتخابات الحرة والنزيهة في فرنسا، لكنه رفض تلك النتيجة، لأنه لم يحصل على الأغلبية المطلقة.

أتوقع الإجابة من شباب مصر الذين فجروا الثورة في 25 يناير، وأخرجوا من الساحة، وفاز بها الجنرال السيسي.

زر الذهاب إلى الأعلى