[esi views ttl="1"]
من الأرشيف

عن وزير دفاع يدمر عسكرية اليمن ويسلم البلد للعصابات والجريمة!‏

لا أحد يسأل لماذا لا يتم تغيير وزير الدفاع محمد ناصر أحمد؟ أكثر من 8 سنوات في منصب وزير ‏الدفاع، في عهده تصاعدت مشاكل اليمن وانتشرت الجماعات المسلحة والانفصالية، وفشل ‏فشلاً ذريعاً في حماية المصالح العامة ما أدى لتدمير الاقتصاد، وتحول هذا الوزير إلى وسيط بين المجموعات المسلحة وما تبقى من الجيش، في مشهد مهين يدوس على كل معاني الدولة وشرف العسكرية والمسؤولية.

هذا الوزير في عهده 4 حروب مع الحوثي انتهت بتوسعه، وفي عهده أيضاً بدأ الحراك ‏كمطالب حقوقية واصلاحات، تطور إلى دعوات انفصالية.. وفي عهده حروب القاعدة ‏الخاسرة والتي تشوبها الكثير من الفراغات وعلامات الاستفهام؟. ‏

‏ في الشطر الشمالي في الثمانينات كانت الشرطة في كل مديريات صعدة تقريباً وكذلك في ‏أكثر نواحي البلاد وكان الجيش يشارك بمعارك دولية وفي الجنوب أيضاً كان الجيش والأمن مؤسسة قوية، ‏وفي العام 1990 توحد اليمن وكانت هناك مخاوف دولية من أن جيش اليمن الموحد سيصبح قوة ضاربة.. تكالبت المؤامرات للفتنة بين اليمنيين وأثمرت حرب 94 الأهلية.. ورغم الخسائر ‏والمأساة والضحايا، كان الجيش لا يزال قوياً. ‏

بعد 94 بدأت فتن التوريث والحزبية، وأسهمت بشكل أو آخر بإضعاف المؤسسة العسكرية ‏اليمنية، لكن الجنود والسلاح لم يتغيرا على الأقل.. حتى حرب صعدة التي نهبت الجيش، ولم ‏تكن في الحقيقة لعبة محلية خالصة ولكن كان للتدخلات الدولية يد في إشعالها وعدم حسمها. ‏

في 2011 جاءت الضربة الثالثة للجيش اليمني بالانقسام الذي كان محصلة لأزمة الفتنة التي ‏بدأت بعد 94 بدعم جزء من الجيش واستغلال عاطفة الرئيس بتشجيع التوريث، ومحصلة أيضاً ‏لإدارة حروب صعدة بطريقة كلفت اليمن والجيش كثيراً من الضحايا. ‏

مع كل ذلك كان الانقسام رأسياً وليس أفقياً وبقي الجيش وبقيت الألوية العسكرية ، وحتى في ‏المناوشات لم يتم استخدام الأسلحة الثقيلة واخراج الدبابات دليل تعقل. ‏

بدأ نقل السلطة وكان الناس يطالبون دون وعي بهيكلة الجيش، وكان أغلب من يرفع هذا ‏يريد في الحقيقة إبعاد رموز النظام السابق وأقارب صالح، لاعتقادهم أنهم المشكلة الجاثمة حسب ما هي التعبئة، ولم ‏يكن هناك وعي بمعنى "الهيكلة" وماذا يمكن أن يتم من خلالها، فتغيير القادة يحتاج قرارات ‏وليس هيكلة تم دسها ورددها الناس ببغائية، بينما كان هناك من يعلم ماذا يريد من وراء هذا. ‏

إلى بداية 2012 والناس لا يسألون عن وزير الدفاع، لاعتقادهم أن المؤثر المباشر في أداء ‏الجيش هو علي عبدالله صالح وأحمد علي وعلي محسن وآخرون. ولكن منذ أكثر من عامين صار ‏واضحاً أن وزير الدفاع له دور واضح في تقسيم وتفكيك الجيش. وإذا بقي أي تأثير لغيره فهو أقل بكثير مما كان. ‏

تم تفكيك الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع (كان المطلوب فقط تغيير القيادات) وأُبعد ‏محمد صالح الأحمر من القوات الجوية ومحمد علي محسن من حضرموت إلى آخره.. وفرح ‏الناس وصفقوا لهذا التغيير ومجيء أسماء جديدة، ثم ماذا بعد عامين؟ تصاعدت الجماعات ‏المسلحة والانفصالية ونشأت مجموعات جديدة تطعن الدولة وتم الاعتراف بالجماعات المسلحة ‏خارج القانون، وإقرار تقسيم البلاد.. خاض الحوثي ما يقرب من عشرة حروب، الرضمة، إلى ‏همدان، إلى أرحب، إلى الجوف، إلى حجة إلى دماج، إلى إكمال مديريات صعدة، إلى حاشد ‏إلى عمران.. ووزير الدفاع مجرد وسيط والجيش المهيكل ضعيف وكأن المعسكرات تحولت ‏إلى مزارع أغنام تنتظر سكاكين الجماعات المسلحة. ‏

ما الذي جرى؟ حرب في 2012 سُحبت إليها العديد من الألوية وبمسرحية هزيلة سُحبت ‏القاعدة إلى مديريات وظلت تستهدف الجيش، وسحبت ألوية إلى حضرموت وبقيت صنعاء ‏بين عدة ألوية بيد أقارب هادي وأخرى محدودة ترتقب الاجهاز عليها.. يتوسع الحوثي باتجاه عمران ويقتل مواطنين ‏ووزير الدفاع، وسيط، بين القبائل و"أنصار الله"، وكأن القبيلة تنظيم مسلح وليس مواطنين ‏وإن حملوا السلاح للدفاع عن قراهم.

أكمل الحوثي إخضاع القبائل ووقف على مداخل عمران 50 كيلومتر عن صنعاء، وبدأ ‏ينتشر بوضع قتالي ويحفر المتارس بالجبال استعداداً لإسقاط اللواء 310 مدرع الذي يرفض ‏التحول إلى "غنمة" تسلم رقبتها للحوثي. وبالتزامن مع هذه الإعدادات بدأ وزير الدفاع ‏مسرحية في المحافظات الجنوبية بحملة عسكرية ضد "الإرهاب" الذي هو مشكلة أمنية وليس ‏جيشاً يحتاج لحملة عسكرية لو كان جاداً، فمن سلم هذه المناطق وسمح للقاعدة بها في الأصل؟ ومع ذلك تمت الحملة وسحب نحو 5 ألوية إلى شبوة ‏لخوض المعركة الفاصلة ضد الإرهاب وقتل "بيكاسو" لتنتهي المسرحية بمقتل نحو 10 ‏إرهابيين وهو عدد أقل من عدد القوى العسكرية المشاركة في الحملة.‏

شمالاً، أيام واليمن من طرفه إلى طرفه يدافع عنه لواء عسكري خارج عن إرادة وزير الدفاع ‏في عمران وهو اللواء 310 بقيادة العميد حميد القشيبي ووزير الدفاع وسيط بين الجنود الذي يموتون وعلى جباههم ‏الطير الجمهوري وبين المغرر بهم مع جيوش الإمامة التي تحمل الفتنة والشعارات الطائفية ‏نحو صنعاء. ‏

كادت عمران أن تسقط -وسقوطها طريق لصنعاء- لولا مساندة ابناء القبائل ووجود قادة عسكريين ميدانيين في ‏مناطق أخرى مدوا وشجعوا وضغطوا لتدخل رمزي للطيران. ووزير الدفاع ينسق مع مبعوث ‏الأمم المتحدة خطة لاتفاق تهدئة بين الجيش والحوثيين في عمران. ثم يخرج وزير الدفاع ‏رئيساً للجنة الاتفاق بين جيش الحوثي وبقايا جيش الدولة على بعد عدة كيلومترات من مركز ‏الدولة، ما يعني أن المؤسسة العسكرية تتحطم وتتآكل بينما يتم تغطية المؤامرة بتصنيفات ‏مغالطة، من نوع صراع "الإصلاح" و"الحوثي"، صراع بين أحزاب سياسية!. ‏

ولينزع سلاح الطرفين إن كان على حق، الحوثي حارب الكل في ‏الشمال قبل أن يصبح في واجهة مع الإصلاح.. حتى لو وُجد إصلاحيون من أبناء القبائل ‏يحاولون الدفاع عن قراهم.. فهل هذا يعني أنها حرب حزبية؟ أم هم مواطنون في الأصل ‏اضطروا لحمل السلاح بعد تخلي الدولة عن واجبها واختطافها بواسطة عصابة تعمل لصالح ‏الجماعات المسلحة وتتواطأ على تدمير البلاد؟ ‏

قوة مسلحة منظمة تتوسع وتحارب سلفيين أو مؤتمرين أو عسكر أو مستقلين وفي كل مرة ‏تتم شخصنة الصراع كرماد على عيون اليمنيين حتى يفزوا بلادولة. ‏

اللواء 310 مدرع خارج عن إرادة محمد ناصر أحمد ليس لأنه تحرك إلى مران في صعدة ‏واعتدى على منزل الحوثي ولكن لأنه رفض تسليم عمران المدينة للحوثي بعد أن سكتت ‏الدولة على بقية التوسعات.. من الجيش الذي تتخوف منه الدول إلى الجيش المحاصر في ‏عمران لا حيلة له لأن الرئيس ووزير الدفاع أصبحا كأنهما ممثلان للجماعات المسلحة. ‏

تتحمل الأحزاب وقيادات النظام السابق جزءاً كبيراً من المسؤولية عما يجري، ولكنها كانت ‏تلعب بحدود تعتقد أنها تحت السيطرة ولم تكن لتسمح بوصول الأمر ما هو الحال اليوم. ونشير ‏هنا إلى أنه بالنسبة للعسكر حتى الذين انقسموا في 2011 لا يرضيهم وضع اليوم ولا يرضي ‏عسكري على أخيه، ولم يعد تصنيف ذلك الانقسام قائماً إلا بحدود ضيفة.. فالكل شاهد تدميراً منظماً للدولة.. ‏

بهذا وغيره يمكن القول إن وزير الدفاع الحالي، هو وزير مختص بإنهاء المؤسسة العسكرية ‏اليمنية وإيصال البلد إلى جحيم الاقتتال الطائفي والمناطقي وعودة الاستعمار والتقسيم وتسليم ‏البلد للعصابات. ‏

محمد ناصر وزير عيّنه علي عبدالله صالح، ثم تغير الأول، وبقي الوزير هذه المرة يتجول في ‏المعسكرات ويهاجم النظام السابق ويتهمه بنهب الألوية ثم لاحقاً صار بطلاً ضد الأطراف ‏الأخرى وتحول إلى وسيط متآمر على جيشه وعلى المواطن في شمال الشمال ويقول انها ‏حروب حزبية.. وهل الأحزاب بالقانون قوى مسلحة؟ إذا كان هناك طرفان مسلحان فواجبه ‏ليس التوسط بل أن يضرب الاثنين لأن الجيش والأمن هما الوحيدان الذي يحق لهما التسلح ‏وفرض السيادة. ‏

وزير كهذا 8 سنوات.. كيف يمكن تفسير بقاءه مع كل الفشل والبلاد التي تتساقط؟ أي تغيير ‏لرئيس الوزراء أو أي وزير لا معنى له بدون تغيير وزير الدفاع، فالاقتصاد مرتبط بمشكلة ‏الأمن والحروب وقد جرت تغييرات في وزارة الداخلية.. فلماذا لا يجري تغيير وزير الدفاع ‏الذي تسلم بلداً غير اليوم..؟ ‏

أين الأحزاب والقوى على خلافاتها لتطالب بتغيير هذا الوزير الذي يتردد في زيارات ‏خارجية ويدمر الدولة؟ وهل بقاؤه يعني أن النظام السابق لم يزل يحكم؟ أم أن الرئيس السابق ‏لم يكن يحكم أصلاً؟ ماذا يعني هذا الخلود للوزير الذي يتساقط الجيش وتتساقط الدولة في ‏عهده؟ لا يمكن فصل موقف هادي ولكننا الآن نتحدث عن هذا الوزير الذي يمكن تغييره ‏بسهولة، والكل يعلم بدوره، ومع ذلك يظل ويحول وزارة الدفاع عرين الأسود إلى ديوان شيخ ‏يتوسط ويساوي بين جيشه وبين من يحاربونه.. ومن جيش يخافه الأعداء إلى جيش يتساقط ‏ومؤسسة عسكرية يمنية تتحطم ليتحول البلد إلى دولة للجريمة والعصابات. ‏

اليمن يسقط وفيه أكثر من 200 ألف جندي ونحو 75 لواء عسكريا مزودا بمعدات والآف الدبابات والمدافع والمدرعات وأجهزة ‏مختلفة.. لأن المشكلة ليست في الجيش بل في القيادة. هااهي عمران أنموذجاً كيف أصبح حال ‏الدولة ووضع الجيش المفكك المدمر الذي لا يعاني أكثر من معاناته من القيادة العليا ووزير ‏الدفاع. ‏

زر الذهاب إلى الأعلى