[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الصمت الذي يغري ويغوي

هنا، على هذه الصفحة، أُذًًَكِّر، من وقت لآخر، ببعض الأفكار والمواقف والحقائق، التي أرى صحتها وسلامتها، بل وبداهتها، وهو تذكير يدور حول قضايا، لم تكن محل جدال أو خلاف بين معظم اليمنيين من قبل، وأرجح أنها ستعود من جديد، لتكون محل إجماع وطني في ظروف طبيعية لاحقة.

نتيجة لوضع البلاد المضطرب، تضعضع كل شيء ذي قيمة ، بما في ذلك البديهيات المنطقية والمسلمات الوطنية، وكثير مما كان يعد من الثوابت المحترمة غير القابلة للأخذ والرد ، ومن ذلك وحدة البلاد ومصالح الشعب وسلامته وأمنه، وكل هذا مناط اليمين الدستورية والشرف الوطني منذ نشوء الحركة الوطنية وتكوين الدولة اليمنية المعاصرة.

تحدثت قبل أيام عن ثلاثة مشاريع خطيرة واعتبرتها مثلث الشر.. ومع أن الشر واضح والخطر جلي في تلك المشاريع ، غير أن كثيرا من أصحابها وأتباعها استنكفوا واستنكروا وصفهم بمحور الشر أو مثلث الخطر..!

يمكن التفهم للنزوات، والتعايش مع الأفكار والمشاريع والمواقف المخالفة والصبر عليها، ما جنحت إلى السلم حتى تنجلي الحقائق .. وطالما بقي التسامح أساسا والسلام سياجا فالأفكار تتغير وتتطور، وكذلك المواقف ، غالبا باتجاه إيجابي، وقد يجمع الله الشتيتين، وكثيرا ما حصل ذلك في اليمن ذاتها ..!

أما المشاريع التي ألمحت إليها هنا ، في عجالات، فهي محور شر حقيقي وخطر ماحق...ولن يعجز أحد في بيان ذلك وإيضاحه.. فهي إما تقوم على الكراهية والعنصرية وتحرض عليها بطرق شتى، أو تنتهج العنف الواسع المفرط، سبيلا إلى غاياتها، أو أنها تتصف بكلما سبق.. ويبدو أن كلما قيل إلى الان حول مشاريع الخطر والشر تلك ، غير كاف وغير واف ..ولو قيل عنها كلما يجب وممن يجب، لتبين الصواب والحق لكثير من أتباع تلك المشاريع أنفسهم قبل غيرهم ..

ومن الواضح أن حالة المهادنة والتغاضي وسكوت كثير من أصحاب الفكر والمعرفة، وانقسام أهل السياسة وتناحرهم، فاقم من حالة هوس المشاريع الخطيرة وغلوائها وتعاليها وصخبها وخطرها، إلى أن توهم أتباعها أنهم على الحق وأنهم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق المآرب ونيل الغايات.. لكن وعلى الرغم من كل شيء، أرى أن الحقيقة تقول : هيهات ، هيهات..!

وفي ظل ظروف البلد الطبيعية أو شبه الطبيعية، نستطيع التذكر الآن أنه ما كان لأحد من أصحاب تلك المشاريع استطاعة الجهر بما يقولون والتبجح بما يفعلون على النحو الذي صار مألوفا .. ولا بد من التذكيرهنا، بأن إمكانية المجاهرة بالباطل في ظروف إستثنائية، ليس دليلا على أنه حق، وليس مقدمة لغلبته وانتصاره في النهاية، وأن توهم أنصاره إنما يبتغون قد أضحى قريب المنال.

يعلمنا التاريخ أن صوت الباطل الصارخ يخفت مع الزمن ويتلاشى ، وأن الناس ينصرفون عن الرأي الأهوج والنهج المعوج ، ولو بعد حين ...ولا يصح إلا الصحيح في النهاية ..!

وان مما يشجع تلك المشاريع في الغي والغلو، هو صمت من يفترض فيهم الجهر بالقول وبيان الحق وإيضاح الحقائق .. وأقصد بأولئك الكثير من أهل الفكر والفقه والسياسة والوجاهة الذين طال صمتهم وسكوتهم حتى صار يغوي ويغري ...!

زر الذهاب إلى الأعلى