هل الإمكانيات التي تتمتع بها دولة قطر، لحظة فوزها باستضافة بطولة كأس العالم في 2022، من حيث المنشآت الرياضية والبنية التحتية والتجهيزات اللازمة، أفضل من التي تتمتع بها بريطانيا وأستراليا؟ قطعاً الإجابة لا، ولن تجد مَن يجادل في هذا الأمر، مع الانتباه إلى أن المقارنة وقت الاختيار، وليس اليوم، أو بعد عشرة أعوام، وهنا نسأل: لماذا حصلت بريطانيا العظمى على صوت واحد فقط، في التسابق على تنظيم كأس العالم 2018، وحصلت أستراليا، المنافس لقطر في بطولة 2022، على صوت واحد أيضاً، فيما فازت قطر بأحقية التنظيم وأهليته؟ مَن يعرف قطر، مطلع التسعينيات من القرن الماضي، سيعرف جيداً ما نتحدث عنه هنا.
حدثت قفزة هائلة في البلد، لا يمكن تصورها، ولا أتحدث، هنا، عن السياسة والحيوية غير الاعتيادية التي تمتعت بها في العقدين الماضيين، بل عن التطور العمراني الهائل، والمشاريع الكبرى التي أصبحت في الصدارة.
خذ مثلاً الخطوط الجوية القطرية، وكيف وجدت من العدم، وأصبحت من أهم شركات النقل الجوي في العالم، وهذا واضحٌ، ولا حاجة لإثباته، مشاريع البنية التحتية وسلسلة الفنادق العالمية والأبراج والمجمعات التجارية التي تمت في هذه الفترة القياسية.
لدى قطر اليوم أكبر شبكتين تلفزيونيتين في العالم، شبكة الجزيرة الإخبارية، وقناة بي إن سبورت، فضلاً عن الأندية والمجمعات الرياضية التي تم إنشاؤها، وأهَّلت هذه الدولة الصغيرة لاستضافة ناجحة للآسياد، وغيرها من البطولات الرياضية الكبرى.
وباختصار شديد، كأن بلداً جديداً زُرِع في هذا البلد خلال مدة قصيرة. كيف نجحت قطر باستضافة كأس العالم؟ بالرشى؟ هذا ما يريد الإنجليز، اليوم، إخبارنا به، في حملة منظمة مشبوهة، دفعت رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جوزيف بلاتر، للقول إن مزاعم الفساد بشأن مونديال قطر 2022 تتسم بالعنصرية والظلم والتمييز.
بينما السبب الرئيسي لنجاح قطر في تنظيم كأس العالم لا يخرج عن أمرين، الأول نجاحها الباهر في تقديم نموذج متميّز من التنمية والتطور في ظرف عقدين، وانعكاس ذلك على استضافات رياضية كبرى، كالآسياد وغيرها، والآخر أن كرة القدم لعبة شعبية عالمية، ولا يمكن احتكار تنظيم بطولاتها على الدول المتقدمة فقط، ما أعطى قطر فرصة أن تكون ممثلاً عن الدول العربية والإسلامية في هذا الفوز.
ويومها، قال القطريون بعد فوزهم: إننا جزء صغير من هذا العالم العربي، وفوزنا بالتنظيم هو فوز للعالم العربي برمته، وهذا ما لم يعجب الإنجليز ومَن يتحالف معهم.
لقد مرّغت قطر أنف الإنجليز، ليس باستضافة كأس العالم فقط، بل بأشياء كثيرة، يوم ساهمت بتأسيس حالة عربية تنشد العزّة والكرامة والاستقلالية، ويوم ولد الخطاب العربي الجديد، الذي يهدد الاستبداد، آخر معاقل الاستعمار والنفوذ الأجنبي، ويوم كسر احتكار المعرفة والخبر والرأي والنقاش، ويوم تزامن ذلك مع نجاح اقتصادي واستثماري تغلغل في قلب أوروبا نفسها.
أما سحب تنظيم البطولة، وما يحلم به رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، وحلفاؤه من السياسيين ورجال الأعمال، فهو ما لن يحدث مطلقاً، على الرغم من كل حملات التشويش الرديئة.