سقط اللواء 310 واستشهد قائده «حميد القشيبي» واقفاً بكل كبرياء رافعاً العلم الجمهوري وقسمه العسكري بحماية الوطن, حارب في معسكره مع جنوده إلى آخر لحظة، واستحق الحب والاحترام كبطل وطني دخل إلى كل بيت وكل قرية يستحث اليمنيين على الاستنفار العام لحماية وطنهم.
لم يُسقط المتمرّد الحوثي عمران ومعسكر الجيش؛ وإنما الخذلان والغدر؛ منها المعروفة ومنها المجهولة التي ستكشفها الأيام القادمة، كان يمكن أن يحاصر المحاصرون للجيش؛ لكن بعدت المسافة بين صنعاء وعمران وكأنها في القطب الشمالي ولم يعرف أحد أين وصلت الإمدادات وكيف توقّفت..!!.
كان يمكن بمزيد من الجدّية تلافي هذا الموقف، وأن يُدحر الإرهابيون وجماعة التفجير إلى أبعد من جحورهم وهي التي كادت أن تخور أمام صمود اللواء 310 الذي قاوم الحصار لأشهر ومعه مواطنون أحرار فُجّرت بيوتهم وقُتلت أسرهم بوحشية وبربرية غير مسبوقة.
كان أحد أبناء الحجرية يتحدّث: كيف فجّروا منزل أخيه الذي يملك ورشةً ومنزلاً هناك في عمران «اليمن الجمهوري» منذ عقود ودمّروا سياراته وتركوا عائلته مذهولة في العراء، لم يكن طرفاً ولا محارباً؛ لكن الحقد الطائفي دائماً ما يصاحب هؤلاء؛ بينما دمّروا منازل أخرى على رؤوس الناس بوحشية لا مبرّر لها إلا الكشف عن النفسية الحاقدة والمتوحّشة لهذه الجماعة الإرهابية القادمة من عصور الظلام.
استمرّت الوساطات والمُدارات التي لا تعي خطورة أن تداري جماعة قتل وإرهاب لا تحمل قيماً ولا تعرف في قاموسها معنى لكلمة شرف أوعهد.
قالت اللجنة الرئاسية التي كان المتمرّد الحوثي يشيد بها من قبل في بيان لها إن اللواء القشيبي قُتل نتيجة للغدر بعد أن تم الاتفاق الذي تم بعد ذلك نقضه بمجرد نزول الجنود من مواقعهم ليُقتل القشيبي ورفاقه غدراً قبل أن يجف حبر الاتفاق، وفي حضور لجنة الوساطة كما تقول بعض الروايات، قُتل الرجل محارباً ومغدوراً، هذا الغدر لن يُفلح ولكنه يستفز الدولة والمجتمع وينسف فكرة الحيادية خاصة للدولة والجيش؛ فلا يستقيم الأمر أن تكون محارباً ومحايداً مقتولاً وشاهداً؛ لم يُستهدف القشيبي هنا وإنما قيادة الجيش، ولم يسقط معسكر القشيبي وإنما الجيش.
عدونا السلبية والرخاوة والخذلان الذي كان الفاعل الحقيقي، وقوة أعداء الوطن استمدوا قوّتهم من هذه الرخاوة التي يجب أن تنتهي باستشهاد القشيبي على هذا النحو، وفي هذه المعركة أعيدت لنا صورة استشهاد بطل حصار السبعين يوماً عبدالرقيب عبدالوهاب الذي استشهد بنفس الطريقة بعد اتفاق وغدر مشابه، سقط عبدالرقيب وبيده العلم الجمهوري لتسقط الملكية وتغرق بدمه ودماء رفاقه وبالخيانة ونقض العهد.
لقد قدّمت جماعة الحوثي المتمردة الخارجة عن النظام والقانون إلى الشعب كل شيء لتثبت كم هي إرهابية ودموية وملكية، وهي هنا لن ترهب اليمنيين كما تتوهّم؛ وإنما تستحث حتى الأطفال على مقاومتهم، والالتفاف حول الدولة كعنوان للكرامة اليمنية.
المعركة لم تنتهِ بعد، ولعل عمران والقشيبي وجنوده الأبطال يكونون قد سطّروا بدمائهم وصمودهم الأسطوري بداية ملحمة الشعب لبناء الدولة وتكنيس بقايا التخلُّف والظلام إلى الأبد.