عندما كان الحوثيون يحاصرون ويحاربون في عمران كانوا "أنصارالله". وعندما أكلموا اجتياح عمران وانكشف وجه من تواطأوا معهم من الوسطاء والسلطويين خرجوا يسمونها جماعة "الحوثي" ويتهمونها بارتكاب أعمال مخالفة ويطالبونها بالعودة إلى صعدة. وترى قناة "اليمن" تتحدث عن هجوم وتخريب وقتل قامت به جماعة "الحوثي". وكانت إلى الأمس جماعة "أنصارالله" مع أنها تحارب منذ شهور وسنوات والحرب ذاتها لم تتغير!.
بفضل سقوط عمران وطعن كرامة وهيبة ورجال الدولة تغير الاسم من "أنصارالله" إلى "الحوثيين" كرماد على العيون ومعجزة كبرى كمعجزة مخرجات الحوار التي حولت الدولة إلى اتحاد دويلات يتم تأسيسها بتصفيات طائفية ومناطقية تذهب بمدن وبدولة وتُقام على رفات المواطنين، ومن إعجاز الإعجازات الأخيرة التناغم والتغير المنظم في الاسم في بيانات وخطابات السلطة أو المبعوث..! إنما سرعان ما سيعودون إلى الاسم الأول فور التغطية على قدر مأمون من الفضيحة.!
**
الآن تريد أن تمتص الغضب وتغطي لذر الرماد على العيون وهي التي رعت كافة الخيانات وأخفت الجناة وبينما كانت عمران تُذبح في الساعات الأخيرة كانت "اللجنة الرئاسية" تجلس في طاولة مع ممثلي "أنصارالله". وبين لحظة وضحاها قامت تسرق مأتم الشعب والوطن وتذرف دموع التماسيح.
الحوثيون أصدقاء من في السلطة ووزير الدفاع زار قائدهم، وممثلوهم أعضاء لجنة الرئيس ولا داعٍ لإطلاق تهديدات في الإعلام لأنها تُفهم عكسياً، بعد أن سمعنا الكثير من التحذيرات والتهديدات من حصار دماج وحتى اغتيال رجل الدولة حميد القشيبي.
**
خرجت المنظمات والمبعوثون والإدانات لجماعة الحوثي ومطالبتها بإخلاء موقع الجريمة وترك الغنائم... وبعض الأطراف المتهمة بأنها خصم للمد الإمامي تشارك بالتغطية وتحسب النصر الكبير: ألا وهو انكشاف جماعة الحوثي! وكأنها لم تكن معروفة ولم تمارس حروباً مع الجيش والمواطنين منذ سنوات.. وكأن المجتمع الدولي كائن أصنج وأعمى لم يقرأ ولم يسمع بها إلا هذه المرة عندما كان الانفجار قويا!.
احترموا الشهداء واتقوا "فتنة لا تصبين الذين ظلموا منكم خاصة". سقطت محافظة عمران وسقط أهم لواء عسكري في طريقها إلى صنعاء، وكل ذلك كان بغطاء سلطوي ودولي ووساطات رئاسية رعت كل شيء.
الآن يتحدث هادي ويتحدث الإعلام الرسمي والمبعوث عن "الأعمال المروعة" التي جرت في اللحظات الأخيرة في عمران، وكأنهم كانوا يعتقدون أن الحوثيين يحملون وروداً على أبواب مدينة عمران وكان القشيبي يمنعهم خلافاً للتوجيهات الرسمية بالسماح لهم.. ثم اكتشف الرئيس هادي والمبعوث والدول التي كانت سفاراتها ترعى المهازل، اكتشفت حالاً أن الحوثي ارتكب "أعمالاً مروعة".
ورداً على اقتحام مدينة واستباحة دماء الجنود والمواطنين فيها ونهب ممتلكات الدولة وتدمير منازل المواطنين، فإننا نحمل جماعة الحوثي "المسؤولية" ونطالبها بإعادة ما آخذت وأن تخرج إلى صعدة. بدلاً عن أن تحاكم على إشعال حرب أهلية وتُلاحق ويقبض على الجناة.. فإننا وكرماد على العيون.. ندين ونستنكر ونطالب ونحذر...! وفي الواقع يعتمل شيء آخر بضوء أخضر!
لو كانوا يريدون مواجهة الحوثيين ما سمحوا بإسقاط عمران وأهم لواء في المنطقة الشمالية.. وإلا بماذا سيواجهونه وأين قوة الذي قال إن السكوت لم يكن من "الضعف" والجيش يفرق وتُدمر نفسياته ويقتل. ماذا يعني هذا إلا محاولة تبريد الجراح والتغطية على الفضيحة لمواصلة الطريق إلى صنعاء؟.
على كل مواطن وصاحب رأي أو قادر على الفعل شاهد ما شاهد أن يتحمل مسؤوليته تجاه هذه الألاعيب حتى لا نكون من حزن إلى حزن ومن سقوط عمران ظهر العاصمة إلى سقوط صنعاء مركز الدولة.
والله من وراء القصد..