بغض النظر عن أي أخطاء للرئيس العراقي الراحل الشهيد صدام حسين، ومهما تكن الأخطاء التي حسبت عليه، إلا انه لا يستطيع أحد الإنكار انه كان سداً منيعاً أمام المد الفارسي نحو العراق والخليج العربي، بالإضافة لمواقفه المشرفة من القضية الفلسطينية، وهذا ما جعل الغرب والفرس يتفقون على عدائه وضرورة إسقاطه وبالتالي انتزاع العراق من حضن الأمة العربية وإلحاقه بدولة الفرس، مستغلين الأخطاء التي وقع بها النظام العراقي وخاصة خطأ غزو الكويت، مما جعلهم يستميلون دول الخليج بتسخير كل إمكاناتها للقضاء على صدام ونظامه، وتحرك الغرب وعلى رأسهم الأمريكان بقضهم وقضيضهم وبتنسيق تام مع الدولة الإيرانية الفارسية وبالأموال العربية وسخرت لهم كل الأراضي والمنافذ العربية البرية والبحرية ابتداءٍ من قناة السويس وانتهاءٍ بمضيق هرمز وكل البراري والبحار، واحكم الحصار على بلاد الرشيد بمباركة عربية وبحماس منقطع النظير وكأن هذا الحصار سيحرر بيت المقدس وسينتصر للأمة ويعيد لها كرامتها، وكأن الأطفال العرقيين الذين كانوا يموتون جوعاٍ هم المجرمون بحق هذه الأمة .
إن الحقد الذي كان في نفوسنا على صدام حسين أعمانا عن كل مواقفه المشرفة سواء في حرب 73 ضد إسرائيل، أو في الدعم السخي للمقاومة الفلسطينية ورعاية اسر الشهداء، حيث كانت اسر الشهداء الفلسطينيين تعامل معاملة اسر الشهداء العراقيين بكامل الحقوق والمستحقات الشهرية، والاهم من ذلك تناسى القادة أن الشهيد صدام هو الوحيد الذي أو قف جنون الثورة الإيرانية التي كانت تريد تصدير الثورة لدول الجوار وخاصة الخليج، وان حرب الثمان سنوات التي اشتعلت بين العراق وإيران كانت مفروضة عليه وهي من أعادت القيادات الإيرانية إلى رشدها، بعد أن كانت قد بدأت تتحرش بالعراق وببعض دول الخليج مستغلة اتباعها وعملائها هناك، رغم أن الكثير لا يدركون أبعاد هده الحرب وأسبابها الحقيقية ويكتفون بالحكم الظاهري السريع أن صدام أشعلها بدون أسباب.
أكاد أجزم أن إخواننا في الخليج اليوم يشعرون بالفراغ الذي تركه الشهيد صدام, خاصة بعد أن انتزعت العراق من حضن الأمة وسلمتها أمريكا لإيران على طبق من ذهب، وأثبتت الأيام أن الخلاف الذي بين أمريكا وإيران خلاف وهمي لا أساس له في واقع الأمر، وهذا حال الفرس عبر التاريخ فهم مع كل غائر على المشرق العربي مهما رفعوا من شعارات براقة كالموت لأمريكا الموت لإسرائيل، أو قولهم عن أمريكا بأنها الشيطان الأكبر.
نناشد الأشقاء في الخليج العربي أن نستفيد جميعاً من أخطائنا ونعمل على عدم تكرارها، فقد فقدنا البوابة الشرقية للأمة ببساطة، وليس من السهل إعادتها إلى أمتها في الزمن المنظور، فإعادة العراق إلى أمته يحتاج إلى معجزة ولكن يظل الأمل بأبنائه الأبطال أحفاد المثنى بن حارقة وسعد بن أبي وقاص والخليفة الرشيد،
ومن نافلة القول أن نخاطب أشقاءنا الكرام في الخليج والجزيرة بالقول: إن اليمن تشهد اليوم تآمراً ومكراً كبيراً وتغلغلاً فارسياً يبذل فيه الغالي والنفيس لانتزاع عمقكم التاريخي الواقع في جنوب وجنوب غرب الجزيرة العربية، لقد ضيق الخناق على إخوانكم هنا في اليمن يحاربون في عيشهم وفي كل مناحي الحياة، وتهل الإغراءات على المواطن المسحوق بأن طريق النجاة عبر وكلاء الدولة الفارسية، وانتم في غفلة ساهون عما يجري في اليمن وربما مساهمين فيما نعانيه من مرارة من حيث لا تعلمون.
أيها الأشقاء: الجوع كفر وقد قال سيدنا علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- " لو كان الفقر رجلاً لقتلته". المواطن اليمني الذي هو أصلكم وكما قال الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمة الله عليه- :"من ليس له جذور يمنية فإني أشك في عروبته ", هذا الشعب يعاني اليوم من بطالة واضطراب أمني ويعيش في الظلام معظم ساعات اليوم, كما يعيش أزمة حادة في المشتقات النفطية، وأصبح يكابد الحياة، فقد مسنا وأهلنا الضر، وانتم تسمعون كلام المصطفى- صلى الله عليه وسلم- " ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به" ولا يتحرك لكم ساكن.
وأنا هنا لا أسرد الحديث لاستعطافكم ولكن لا ذكركم وأنبهكم أن الوضع الذي وصل إليه المواطن اليمني يجعله يمد يده لأول من يظهر عليه مبدياً الإنقاذ ولو كان شيطاناً، وما أكثر من يمدون أيديهم لليمن ولكنها أيادٍ ملعونة، والثمن سيكون باهضاً ولن يدفعه الشعب اليمني بمفرده، بل ستكونون في مقدمة من يدفع الثمن معنا، فأرجو الصحوة من هذه الغفلة، والتحرر من الأنانية التي تنظرون بها لهذا الشعب الصابر المكافح، وتقفوا معه وقوفاً مع أنفسكم، فتعيدون النظر في تعاملكم مع إخوانكم اليمنيين المقيمين بين أظهركم، وتفتحون مجالات أوسع لاستقطاب العمالة اليمنية وتدعموا التحول الحاصل في اليمن دعماً حقيقياً حتى نصل إلى بر الأمان، ولا تتركوا اليمن ينهار أو يقع في أحضان عدوكم, فتندموا حين لا ينفع الندم، فاليمن يقع في خاصرتكم وعبر منافذه تقع حركتكم وشرايين حياتكم، فإذا فقدتم اليمن بعد العراق فما الذي بقى لكم..
يا قادة الأمة في الخليج العربي: هذه صرخة من مواطن يمني لعلها تصل إلى مسامعكم وتلامس شغاف قلوبكم, أردت بها النصح لنا ولكم عملاً بقول الرسول الأعظم- صلى الله عليه وسلم- " الدين النصيحة".. أسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وينفعكم بها، ويوفقكم إلى العمل لما يجمع الشمل ويوحد الأمة ويزيل بكم الغمة وهو الهادي سبحانه إلى سبيل الرشاد.
- عضو مجلس النواب اليمني