لا يوجد شيء اسمه الدولة، ليس هناك شيء اسمه الشعب. هذا وهم قديم استخدمته "مراكز القوى" لتثبيت نفوذها.
لا وجود لشيء اسمه "الوطن"! ليس هناك خطأ أو صواب، ليس هناك جانٍ وضحية فالكل سواء، ليس هناك طرف يهاجم ومواطن يدافع، ليس هناك خطر أو مشروع مدمر ومشروع بناء.
ليس هناك شيء اسمه اليمن . ما هو هذا "اليمن"؟ هل هناك شيء ملموس اسمه "اليمن"؟ هذه مساحة من الأرض كغيرها كان يمكن أن تكون بأي اسم آخر! هؤلاء الناس هم عبارة عن "سنة" و"شيعة"، و"شمال" و"جنوب". فلا وجود لشيء اسمه اليمن أو اليمنيون..!
ما هو الموجود إذن؟ كل ما هناك هو "مراكز قوى"، والصراع هو صراع "مراكز قوى" تحاول أن تتوسع أو تحافظ على نفوذها.. فهذا العسكري محسوب على هذا الفريق، وهذا المسؤول على هذا الطرف.. ولا وجود لدولة!
**
هذه المفاهيم التي يرسخها عصر الفوضى لدى السياسيين والمهتمين بالشأن السياسي، وعن طريقها يتم تضليل الناس وتحطيم الدولة والهوية ويذهب الناس إلى الصراعات باحثين عن ذواتهم في دائرة "أضيق" مخلوقة في الوهم ومن عصبويات تم تجاوزها، أو يتخلون عن مصالحهم ومصالح بلدانهم بحجة أن ما يحدث "صراع قوى"!.
فالصراع في عمران ليس صراع طرف مسلح يريد احتكار مساحة من البلاد وإشعال فتنة طائفية اصطدم بقوات أمن وجيش وظيفتها فرض السيطرة كما اصطدم بمواطنين لا يتبعون هذا الطرف.
**
يذهب بلد.. يُقسم.. يموت الناس جوعاً وحرباً.. يغرقون في الظلام.. وكل ذلك تحت غطاء عنوان هو "مراكز قوى" يتخذ جزءاً من الحقيقة ليطمس الحقائق الأصلية والعناصر البارزة. فكل ما كان خطأ، ولا وجود لدولة، وليس هذا شعباً ولا هذه قوانين ولا هذا خطر أو هذا مشروع وطني. الكل سواء، المذاهب سواء، الأطراف كبعضها، الذين هنا أو هنا مع هذا الطرف أو ذاك هم مغفلون يتبعون مراكز قوى. وإن أخطأ هذا أو هذا في مرة ما، فهذا لا يغير من واقع الأمر شيئاً. العَلم والنشيد واسم البلد والمؤسسات والقوانين والتعريفات الوطنية والدفاع عن البلاد.. كل ذلك وهم تسرب إليكم يا أبناء البلدان المتخلفة.
**
بهذه المغالطات والطروحات المدمرة تُحرق بلدان والأحزاب خصوصاً في الواقع اليمني تظهر الالتزام بها وهي من يُسيّر دماغ سلطة اليوم. فصراع عمران صراع بين "مراكز قوى" وليس هناك دولة حتى تقول إن الصراع بين الدولة وجماعة مسلحة. فهذا حميد القشيبي وهذا عبدالملك الحوثي. فلا فرق!.
26 مليون مواطن لا وجود لهم ولا حقيقة ليتبعونها أو بلد يحافظون عليه. عليهم أن يراقبوا تصارع مراكز القوى... يذهب البلد وتذهب الدولة والصراع بين "القوى"، ولا قيمة للإنسان ولما أنجزته التجربة البشرية من مبادئ وأسس تقوم عليها الدول وتتعايش فيها الشعوب وتحمي مصالحها وتسير أمورها!
ما هذه "الجمهورية اليمنية" ومن أين ولدت؟ إنها وهم وجاءت بالخطأ! في الحقيقة هذا البلد هو "إقليم فلان".. و"إقليم علان"، وسبب ما يواجهه المواطنون هو أنهم لم يكونوا كذلك. ثم إن هذا بلد ولد ب"الخطأ". لقد كان في الأصل "جنوب" و"شمال"؟. ثم ما "الجنوب" اسمه لجهة.. هذا حضرموت وهذا "جنوب"، ثم ما هو "السنة"؟ هؤلاء جنوبيون.. وهؤلاء شماليون.. ولا وجود لـ"السنة" أو "الشيعة"، وما هي في الأصل؟ وما هو "الجمهوري"؟ خيار خاطئ.. يمكن ان يصلح لهذا البلد أن يُحكم كما السابق؟. ولو كان صالحاً أو ناجحاً لما وُجدت صراعات وحروب أو فقر..!
ثم لماذا الحكم ولماذا الجنوب أو الشمال؟ كل قبيلة أو قرية أو مركز قوى تحكم نفسها وتدير شؤونها؟. وما الفائدة من ذلك؟.. فما معنى هذا الانتماء؟.. يجب أن يذهب كل ولا يبقى شيء لأنه لا شيء في الأصل..
**
هكذا هي فلسفة الغزو الفكري وتفكيك الدول والشعوب وإشعال الحرب بين أبنائها وإن لم تكن بهذا الوضوح لكنها تؤدي هذا المعنى.. يظهر ذلك في كل مرحلة حسب ما تقتضيه!.
"مراكز القوى" وهم لتشويش الرؤية عن الناس وجعلهم يتنازلون عن بلادهم وأرضهم وحياتهم دون وعي. فعمران ليس مدينة وأرضاً وناساً، بل هي "مراكز قوى"! ولم تهجم قوة أو تدافع قوة.. وصنعاء ليست عاصمة دولة و3 مليون يسكنها، بل هي مراكز قوى. الكل سواء.. الخطأ والصواب سواء!! وإن وُجدت فروق فهي بسيطة ولا تستحق الذكر.