من الأرشيف

حزب المؤتمر.. حتى لا يكرر أخطاء الماضي وأخطاء الآخرين!

الخطر المترتب على النصر أو تحقيق نجاح قد يكون أشد من ثمن الفشل، والمتابع يقرأ أن أحداث الفترة الماضية خدمت المؤتمر الشعبي العام كحزب، من خلال تحطم غرور خصومه السياسيين وانكشاف كثير من الإدعاءات.. مع تأكيد على أنها خدمة معنوية وسياسية لحظية لا تعني أبداً أن الحزب أصبح أفضل، لأن السفينة التي عليها الجميع هي الخاسر الأكبر... فماذا ينفعك انتصار حجتك والوطن أصبح دماراً؟

هذه المرحلة أخطر على المؤتمر من 2011 بالمقارنة بحجم التهديدات، لأن الغرور الذي قد يقع دون قصد وحجم الأحقاد والثارات ليست قليلة، لذلك لمجرد عدم التعامل مع اللحظة بحجم ما تحتاجه دون النظر إلى الوراء فالبلد يذهب من أيدي الجميع.

كانت مشكلة المؤتمر بعد 94 هي الشعور بالنصر والقوة والأمان بما يجعله يبدأ بالتفرد أو لا يأبه بما يمكن للآخرين فعله، اليوم الخطر أكبر من أي عام مضى.. والوضع يكاد يخرج من يد الجميع.

ما يجب أن يدركه المؤتمر أن مكامن قوته الآن ليست فيه ذاته، وإنما لأن موقفه في هذه اللحظة الفارقة يمكن أن يرجح كفة الحفاظ على الدولة. وبالتالي المؤتمر لا يستطيع أن يفعل ذلك وحده وإنما يمكن أن يقود هو كافة القوى الوطنية، على قاعدة الالتزام بالنظام والقانون وكأن الجميع ولد اليوم.

أما القول بإننا نقف على مسافة واحدة من الجميع فإما هو تكتيك سياسي أو هو تضييع للبلاد.. وإذا كان بعض المؤتمرين يرون أنه يجب أن يؤدي صراع الحوثي والإصلاح إلى نهاية الأخير، فهم يكررون أخطاء الإصلاح عندما ظن في 2011 أنه بعد التخلص من المؤتمر وحكمه يمكن أن نواجه كافة الإشكالات الأخرى.. وهنا يجب التأكيد أنه رغم أخطاء أي طرف ورغم دوره فيما وصل البلد إليه، إلا أن رد هذه التحديات المهددة بالدمار الشامل على البلاد لن يتأتى إلا بالتعامل مع الجميع الذي يتفق على القانون بدون الماضي.

أي حسابات إقليمية أو سياسية أو ثأرية تعتمد على عناوين الصراع "إخوان" وغير ذلك، إنما هي خطأ كبير، فمهما كانت أخطاء المحسوبين على الإصلاح إلا أن التحديات في الساحة اليمنية لا تسمح بأي تصنيف أو ثأر من هذا القبيل، لأن الوضع سيخرج من أيدي الجميع، ولنا أن نتخيل العراق وما آل إليه وما يمكن أن يؤول إليه الوضع. ومن الطبيعي أن أحداث الفترة الماضية وما دفعه الإصلاح من ثمن أصبح كافياً ليتعلم من الأخطاء... فهل يكرر أخطاءه المؤتمر؟

القول إن المؤتمر متحالف مع الحوثي وغير ذلك، شائعات ودس وفتنة تحاول خلط الأوراق مع عدم إغفال وجود مؤتمرين يدافعون أو يتواطأون مع الحوثي. لكن هل موقف المؤتمر الآن على قدر التحديات؟ هل يتعامل مع الخطر الحقيقي على الجميع؟ أم ما يزال يحاول اثبات خطأ الآخرين في الوقت الذي ما من وقت؟

هل يدرك المؤتمر أن أغلبية أنصاره الذين وقفوا معه ضد الإصلاح وضد غير الإصلاح ليسوا بالمطلق مع الموقف غير الحاسم؟

هل يدرك أن الملايين ممن لم يتحزبوا يوماً ولم يناصروا الأطراف الأخرى يوماً وناصروه.. هل يدرك مدى مخاوفهم مما آل إليه الوطن؟.. وإلى أي مدىً خسارة المؤتمر الكبرى ستكون في هذه المرحلة إذا لم يرتقِ الموقف إلى المستوى المطلوب؟

ندرك أن المؤتمر أو جزءاً كبيراً منه، مسؤول أكثر من حزب آخر، ولكن المعول عليه ليس كالمعول على الآخرين.. وليس المطلوب منه أن يعلن وقوفه ضد طرف أو مع طرف وإنما التعامل مع المخاطر بحجمها والوقوف مع كل ما من شأنه الحفاظ على الدولة ودعم النظام والقانون واقعاً لا خطاباً.

زر الذهاب إلى الأعلى