بين أكتوبر 2003 وأبريل 2004 عاش العراق وضعا شبيها لوضعنا في اليمن الآن. واعتقدت النخب العراقية أنها مجرد محنة عابرة سرعان ما تزول.
تماما كما تعتقد النخب اليمنية الآن.
لو سألتم عراقيا، شديد التشاؤم، في منتصف 2003 هل تتوقع أن تسوء الأوضاع الأمنية وأن تشهد العراق انفجارات عشوائية في الأسواق والمساجد والأضرحة والفنادق والأماكن العامة؟ قطعا كان ليقول مستحيل. لكن كل المعطيات الموضوعية في العراق وقتها كانت تتجه نحو ذلك. ويؤسفني القول أن اليمن تسير بخطى متسارعة نحو السيناريو العراقي.
لم يستغرق الانهيار سوى ستةأشهر حتى انزلق العراق إلى حرب أهلية وطائفية هي الأشنع في تاريخ المنطقة العربية.
هكذا كانت الأوضاع في العراق أواخر 2003م تماما كما هي اليوم في اليمن:
اغتيالات ونزاعات مسلحة
تفجيرات متفرقة وعمليات خطف
فرز مناطقي ومذهبي وتفكك مجتمعي
سيطرة وانتشار المليشيات على بعض المدن
تفكك مؤسسات الدولة وتآكل شرعيتها شيئا فشيئا
تحول الضحايا إلى مجرد أرقام كما هم الآن في اليمن:
مقتل 50 شخصا
مقتل 20 شخصا
مقتل 17 شخصا
تعايش العراقيون مع القتل واعتادوا عليه مثلنا، وظهر من يبرر الجريمة إذا كانت ضد خصم طائفي أو مذهبي كما هو الحال عندنا الآن، فإن كان الضحايا من جماعتهم أو مذهبهم ارتفعت وعلت أصوات الإدانة كما هو الحال الآن في اليمن ولكم في ردود الأفعال والتعليقات على تفجير ميدان التحرير.
يقتل هذا فيقال هذا سني يستاهل
يقتل ذاك فيقال هذا شيعي يستاهل
ولم يقل إذا ابن بلدي
وهذا حالنا الآن
تحدث جريمة فيقال هذا داعشي يستاهل
وتحدث جريمة فيقال هذا حوثي يستاهل
ولا يقال هذا يمني.
هذا إنسان.
الحل هو الدولة
الحل هو رئيس قوي
الحل وجود حكومة قوية
الحل هو قبول الآخر والتعايش
كل من يعتقد ان الحل المواجهة المسلحة مع "س" من الناس أو "ص" فهو يقود البلد نحو السيناريو العراقي.
كل من يعتقد أن الحل والخالص في جماعة مسلحة خارج الدولة حتى لو كان اعضائها من الأتقياء فهو واهم.
افيقوا أيها اليمنيون ما لم فعلى البلد السلام.