من الأرشيف

لا أحد يمكنه الخلاص من وجهه

لم نكن نتوقع يوما ان تصل بنا الاحداث للتوجيه المعنوي وكأن أحدنا منشورا تائها في موسكو على بعد ثمانين ميلا من الالة النازيه.

عندما اجدني في إب الليالي الأخيرة ذهنيا اتجول فيها بالمعنويات وليس بالذكريات
الحث الوطني يجعلك مصمتا ، يكثف وجودك في المكان كصخرة تتكسر عليها التهديدات بينما كنا قبل هذا الجنون كله اشبه برخويات قيعان المحيطات وهي عرضة للتيارات على وضعية المجس المتلقي لمويجات قيعان الذات والكائنات .

كيف تثني على وهنك الجذاب بينما تتآكل بلادك في اشداق الالات العمياء وهي تحفر في مضارب ومستحثات الجماعات وصولا لقيعان الحق الأصيل بينما تقتلعك من وجودك الواهن بحماسة تطهيرية واستعلاء.

كم مرة كتبنا ملامسات مرتبكة للحداثة وما بعدها مستعرضين بشغف ذلك الهجاء العالمي لزمن الببسي كولا وعروض الكيتش السخية .

لكننا وفجأة بوغتنا بكوننا نقف في زمن ما قبل الدولة وقد دفعتنا العشائر لحروبها محاولة استخدام ما راكمناه من كتب واستخلاصات في حروبها ضمن رضوخ بدائي لأهمية اللقانة والرطانة المتثيقفة في خنادق اعتراك الميراث مع واقع يزمع ان يكون جديدا.

الأدوات لم تعد معضلة الجماعات لكن اين يفترض بأرواحنا التواجد ؟

هل تسترخي في محيط العالم الانساني بلا تحيزات اثناء ما تقضم البدائية فكرة الوطن ؟ام نحاول فعل شئ ولو باللقانة والرطانة التي لا نملك غيرها ؟

بينما يوقع روائي على نسخه الأولية في مكتبة بأمستردام ويوغل المخرج الايطالي في متاهة تجريبية مرتجلة وبينما تصدح موسيقى اخر عروض مسرح الأغروف تكون انت في شارع العدين تطمئن لكون عدد مقاتلي إب المدافعين عن مدينتهم اكثر من عدد مقاتلي المليشيا.

المليشيا التي من داخل تراثك وترابك الوطني لكنها من خارج الحاجة اليمنية لوجود يتعرف ذاته.

غير ان الحرب كلها من خارجك انت
انت المجبول بريبية الميتافيزيقا ومرايا الهويه
لكن هذا هو الحال
عليك التخلي مؤقتا عن مرضك الصميم على ايقاع السرد الداخلي لأجل ما تبقى من وطنك وهو بحاجة لوجودك اليقظ صقيلا من الادهاش والشغف
الأمر ببساطة ان لا أحد يمكنه الخلاص من وجهه
وانت يمني على كل حال .

زر الذهاب إلى الأعلى