ظل هذا الشعار (الموت لأميركا) شعارا للثورة الاسلامية في إيران التي كانت ولا تزال تطلق على الولايات المتحدة اسم «الشيطان الأكبر»!
وقد صدّق الكثير من المسلمين جديّة هذا الشعار في بدايات الثورة الإيرانية أواخر السبعينات، وتأملوا ان تُحدث الثورة انقلابا في أحوال الأمة الاسلامية التي أنهكتها الأنظمة القمعية التي كانت تحكمها، حتى كادت ان تفقد هويتها الاسلامية والقومية، وكان التنظيم العالمي للاخوان المسلمين من هؤلاء الذين صدقوا هذا الشعار، وتأملوا كثيرا من هذه الثورة في اتجاه اصلاح حال العالم الاسلامي الذي مزقته الفتن الداخلية والخارجية، وأصبحت معطم أنظمته تابعه للغرب بقيادة قبلتهم الجديدة.. أميركا!
ولكن سرعان ما ظهر زيف هذا الشعار وأدرك العالم الاسلامي الخدعة الكبرى، عندما وجدوا إيران تتبنى الطائفية المذهبية منهجاً وأصلاً تنطلق منه في نشر أفكارها! فجاء شعار تصدير الثورة ليكشف حقيقة عقيدة هذه الثورة وهي نشر المذهب، وليس نشر الاسلام الشامل بعدالته ومساواته ومبادئه العالمية، فشاهدنا تفجيرات المنشآت النفطية وخطف الطائرات وتهديد أمن الحجاج في مكة واحتلال جزء من دولة الامارات العربية، ناهيك عما يتم اكتشافه كل يوم من خلايا تجسسية تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار دول الخليج!
ومع هذا ظل البعض مقتنعا بمصداقية هذا الشعار لما يسمعه من الخطاب السياسي للثورة ضد الاميركان ولما يشاهده من علاقة حزب الله العدائية باسرائيل! ولما يسمعه من أن الثورة الإيرانية جاءت لنصرة المظلوم واعلاء كلمة «لا اله الا الله محمد رسول الله».
اليوم يشاء الله ان يكشف المستور ويُظهر حقيقة هذه الثورة، حيث استيقظنا ذات صباح على أخبار التفاهم بين الغرب وإيران برعاية الشيطان الاكبر الاميركان (!) في معالجة موضوع المنشآت النووية الإيرانية، واستغربنا من ضغط «الشيطان الاكبر» على معظم دول الخليج لتغيير سياستها العدائية لإيران، واعادة صياغة خطابها السياسي ونسيان تاريخها العدائي مع دول الخليج، ومحاولة نسيان الجزر الثلاث المحتلة، بل والتنسيق معها في محاربة المكوّن السني في المنطقة، وأوله جماعة الاخوان المسلمين كبرى الجماعات الاسلامية في العالم!
وبقدرة قادر وبين عشية وضحاها أصبحنا نشاهد قوات «الشيطان الاكبر» مع فيلق القدس الإيراني يقاتلون عدوا واحدا في بلاد الشام وبمشاركة من قوات خليجية! بل وصل التعاون بين هذه المكونات الثلاث (اميركا - إيران - دول الخليج) إلى اليمن، حيث أسفر هذا التنسيق والتوافق عن احتلال الحوثيين المدعومين من إيران صنعاء تحت مرأى ومسمع بقية الاطراف! حتى أثناء حرب غزة الاخيرة، كنا نتوقع ان تنتفض إيران لنصرة ارض الاسراء وقبلة المسلمين الاولى، فإذا بنا نشاهد بقية فريق التنسيق الدولي يدعم اسرائيل في حربها مع الفلسطينيين، وبشهادة واقرار عدد من المسؤولين الصهاينة!
اليوم نسمع وبكل تبجح مسؤولا إيرانيا كبيرا يقول من دون حياء ان على الاميركان ان يدركوا ان سقوط نظام بشار في دمشق سيهدد امن اسرائيل ووجودها!
وكأنه يعلن أن هدف إيران من دعم نظام بشار طوال السنين الماضية كان لحفظ أمن اسرائيل ووجودها!
ولعل هذا الانقلاب العقائدي يفسر لنا تصرفات إيران الغريبة في المنطقة، بل وتصرفات الاميركان الأغرب! وها هم الحوثيون عندما دخلوا صنعاء كان شعارهم التضليلي «الموت لأميركا..!»، فدمروا الجامعة الاسلامية فيها وحرقوا كل مقار حزب الاصلاح وتعرضوا للمساجد، وفي المقابل ارسلوا حماية للسفارة الاميركية!
كل هذا كوم.. واتباع «ربعنا» للمخطط المرسوم لهم كوم اخر..!