عندما كان الانتداب البريطاني لعدن والمحافظات الجنوبية كانت بريطانيا أعلنت أنها ستنسحب من الجنوب ورصدت ميزانية لمساعدة هذا البلد بعد الاستقلال، وكانت عدن تحكمها حكومة منتخبة لإدارة شؤون البلاد تحت إشراف المندوب السامي البريطاني حيث حكم عدن عدة مندوبين بريطانيين كسير وليم لوس وكيندي تريفاسيكس وسير همفيري تريفليان الذي هو مع وليم لوس أخطر سياسيين، وعندما كانت المقاومة في الضالع بقيادة غالب راجح لبوزة ثم ظهور الجبهة القومية التي كانت مدعومة من جورج حبشي ونايف حواتمة من حركة القوميين العرب ثم قامت هذه الجبهة باحتواء الثورة وطمس دور أولئك المناضلين واستمر الوضع بقيام عمليات فدائية واختلفت الجبهة مع عبد الناصر وحزب البعث العراقي والسوري وظهرت جبهة التحرير التي أسسها عبد القوي مكاوي وعبد الله الأصنج وباسندوه ومحمد سالم علي عبده وكانت من اتحاد العمال وحزب الشعب الاشتراكي الذي كان يؤيد النضال السلمي. ولقيت هذه الجبهة دعم مصر والجامعة العربية ودخل في تحالفها الكثير وجزء من الجبهة القومية وبقي فيصل معارض. أما رابطة أبناء الجنوب فقد انكفأت وأصبحت غير وطنية في نظر الكثير وتم إحراق مقرها في حقات صبره. ثم عندما شاركت في جنازة أولاد المكاوي الذي تم تفجيرهم بأسلوب وحشي تم رمي أحد قادتها من على منارة المسجد من قبل الجبهة القومية بشكل وحشي والتمثيل به، فقد كانت الجبهة القومية تميل إلى هذا النوع من الوحشية مع الخصوم إذ أنها أحرقت اليهود والإنجليز الذي تم حرقهم أمام قهوة زكو بميدان كرتير. ولكن بريطانيا تريفليان فتحت خط حوار مع الجبهة القومية من تحت الطاولة كيداً في عبد الناصر وجبهة التحرير وحكومة صنعاء وبعدها قبل الاستقلال طلبت من الجيش الذي أسسته تسليم البلاد للجبهة القومية والقضاء على جبهة التحرير والسلاطين بعد فضل حوار لورد شاكيلتون مع جبهة التحرير بتعز وتم إسقاط المحافظات لصالح الجبهة القومية وهرب قادة التحرير والسلاطين بشكل دراماتيكي بأسرع من الخيال رغم قوتهم، ثم تم تصفية هؤلاء الذين ساعدوا وهرب بعضهم كعسال الميسري وغيرهم للشمال وبعدها تم تسليم الجبهة القومية في مؤتمر جنيف بعد تنازلات ثم تقديمها أهمها التنازل عن وعد بريطانيا بدعم الميزانية ومستشفى الملكة إليزابيث، وكانت صناعة النظام الشيوعي، كما اعترف هذا المندوب السامي في مذكراته لخلق عدو لتمكين المصالح في منطقة الخليج، وبدأت الجبهة القومية تصفي الخصوم وقتلت محمد بن عيدروس العفيفي وضربت العوالق بالطائرات لكونها موالية لجبهة التحرير وتم تصفية قحطان الشعبي وفيصل عبد اللطيف ومحمد صالح عولقي وسيف الضالعي وكثير منهم وتم سحل علماء الأمة مثل الحداد بشبوه واختفاء علماء كإبن حفيظ وشخصيات كعبد الله صالح الجفري وملأت السجون ودفن بعضهم أحياء وتم مصادرة الأموال والبيوت منها ممتلكات كبيرة لعبده حسين الأدهل صاحب صيدلية الشرق وعدد كبير من التجار وبيوت وأراضي وهو ما تم نسيانه اليوم وكذلك تم قتل سالم ربيع ومن معه وكذلك تم تصدير الإرهاب إلى شمال الوطن وتم قتل محمد علي عثمان عضو المجلس الجمهوري ومحاولة تفجير منصة الاحتفالات للقاضي عبد الرحمن الإرياني وقتل القاضي عبد الله الحجري ووزير الخارجية محمد أحمد نعمان والشعيبي ببيروت والكثير أضف إلى ما جرى في 13 يناير واستمر تصدير الإرهاب ... وتعز والبيضاء التي أرسل لها حمير ملغمة تقتل الناس وتسميم الآبار والمناطق الوسطى والكثير التي تم مقاومتها. وعندما قامت الوحدة التي قامت على أسس خاطئة لإنقاذ النظام المتهاوي بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ورغبة الولايات المتحدة بسقوط نظام الجبهة القومية الشيوعي، وبارك جورج بوش الأب هذه الخطوة ودعمها. ثم بدأ الصراع على السلطة والمصالح وسلبية علي سالم البيض ساهمت كثيراً في انتشار الفساد وهو كذلك سحب أرصدة من أموال الجنوب إلى الخارج مع عدد من زملاءه. ولم يعود الحق لأصحابه ممن صودرت ممتلكاتهم وفيللهم ومحلاتهم وعماراتهم فأين حقوقهم. وحصلت تجاوزات كعادة العرب للأسف ولأن الوضع كان كذلك في معظم البلاد.
واليوم بعد إفلاس الجبهة القومية المسماة بالحزب الاشتراكي وتحالف قادتها مع إيران تحت مسمى الحراك وإصرار هؤلاء على العودة للحكم ولو مع الشيطان وعدم ترك فرصة للآخرين من فصائل وطنية لتبدأ في هذا الجزء الحضاري من اليمن ليصلحوا ما مضى فإن هؤلاء يرغبوا في سرقة الثورة من جديد. وظهرت الجماعات الإرهابية التي تحتويها اليوم إيران وتريد شريط حضرموت شبوه أبين يكون لنشر الإرهاب في المنطقة وهي تريد أن تقلب الطاولة لمصالحها القومية. وجرى حوار ونقاش ومطالب بالانفصال رغم أن الشعب واحد ولكن السؤال الأول هل سيكون القادم هو عودة دولة الشيوعيين بلباس عمامة إيرانية من خامثني ونصر الله وأنصار الشريعة سيتم إدخالهم في المعادلة وهم قوة وكذلك ما دور المصالح المتداخلة بين العائلات والأسر والحدود وترسيمها وهل سيتم حماية الحدود من تصدير الحوثيين إرهابيهم للجنوب وغيرهم وهل سيتم حماية المناطق المجاورة للشمال من جماعات الإرهاب وأنصار الشريعة وكذلك تجارة الأسلحة بين الدولتين. وهل سيتم بناء سور كهربائي عازل للحماية الأمنية وفي حال حرب أهلية في الشمال مع الحوثيين وحرب أنصار الشريعة في الجنوب وهروب اللاجئين كيف سيتم التعامل مع ذلك. وهل سيتم إشراك جميع الفصائل في الحكم في الجنوب أم أنها ستبقى شركة مقاولة للحزب الاشتراكي ووراثه ولن يعود للمظلومين من السلاطين الوطنيين منهم وجبهة التحرير وغيرهم وكذلك حقوق التجار أمثال عبده حسين الأدهل رحمه الله صاحب كتاب الاستقلال الضائع وأولاد باهارون وغيرهم وهو ملف كبير وكيف ستتم معالجته وهل وضعت الدول العربية والأمم المتحدة حل لهذه القضايا. وهل سيتم تأمين الشريط الحدوي مع دول الجوار والبحر الأحمر من الجماعات الإرهابية ومن مخطط إيران وأطماعها في تفجير الصراعات وتصدير الإرهاب حسب استراتيجيتها وماذا في جعبتها السرية من مفاجئات للجنوب العزيز الحبيب إلى قلوبنا. أسئلة تحتاج إلى تفكير بعقل من هذا ولكن السؤال هو هل تم مناقشة القضايا من مختلف جوانبها وأن الوضع يختلف عن التسعينات وأن هناك لاعبين جدد داخلياً وخارجياً.
اللهم أحفظ أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الفتن ومن شياطين السياسة.