[esi views ttl="1"]

ميلاد النبي.. ألوان وجبايات!

ليس هناك ما يضير في الإحتفاء بمناسبات تخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا أظن تاريخ الميلاد أهمها.. ويبدو أن تخصيص الإحتفاء بميلاد النبي محمد هو تأثر وربما منافسة لأخوتنا أتباع عيسى عليه السلام .. !

والملاحظ أن العالم على مختلف معتقداته يحتفي بميلاد عيسى، وغالبية البشر لا يحتفون بميلاد عيسى النبي في نظر المسلمين أو الرب في نظر المسيحيين ، وإنما ينتهزون الفرصة للإبتهاج والفرح والإجازة.. ويبدو أن المسيحيين احتفوا في الأساس والبدايات بميلاد عيسى لرد الإعتبار لعيسى وأمه العذراء عليهما السلام... ذلك لأن ميلاد عيسى من غير أب كان قضية إشكالية لا سابق لها.. وكان ذلك امتحانا وابتلاء عسيرا للأم والإبن على السواء من لحظة الميلاد الأولى..وبالنسبة للأم العظيمة فقد كان الإبتلاء العظيم في المخاض والحمل أيضا ..

وخلافا للمسلمين والمسيحيين ، لا يسلم اليهود بنبوة عيسى أو بربوبيته .. وواضح أن إشكالية ميلاد عيسى من غير أب وموقف قومه اليهود منه ومن والدته مريم عليهما السلام هو ما جعل المسيحيين من بعد يتمحورون حول ساعة الميلاد حتى جعلوا منها عيدا سنويا وبداية تاريخ العالم ويحتفون بتلك الذكرى كل عام على النحو الذي نعرف .. ولا بأس إن يحتفي العالم بذالك الميلاد الذي كان إشكاليا في وقته وفيه رد إعتبار لنبي من أول العزم في نظر المسلمين وإله في نظر المسيحيين، وإنسان كبير ومصلح في نظر غير المؤمنين به.

والملاحظ بأن ميلاد أولي العزم من الرسل الذين سبقوا عيسى بما في ذلك أبو البشرية آدم ، لم يحتف به قبل ميلاد عيسى ولا بعده، وكذلك لا يُحتفى بميلاد مصلحين أو مؤسسي ديانات مثل بوذا على نحو ما يحدث في حالة ميلاد عيسى ، لأن ميلاد أحدهم لم يكن إشكاليا في وقته ..!

ولا بد أنه استبشر بميلاد محمد عليه السلام كل من عرف به من قومه بما في ذلك الذين قاتلوه ولم يؤمنوا به بعد أربعين عام من ذلك الميلاد الطاهر ..

ومعروف أن عمه أبو لهب الذي ندد به وعاداه وفاصله وكفر به بعد بعثته، ممن استبشر بمولد محمد واحتفى به وأعتق جاريته التي كانت أول من بشره بميلاد محمد ..! وسوى أنه ولد يتيما ، لم يكن ميلاد محمد محفوفا بالمخاطر كما كان حال موسى أو محل اتهام واستهجان كما في حالة ميلاد المسيح ( يا أخت هارون ما كان أبوك أمرأ سوء وما كانت أمك بغيا)..!

وواضح أن اللحظة الحاسمة في تاريخ عظماء العالم بما فيهم سيد الخلق محمد، لم تكن لحظة الميلاد ولا لحظات التكوين في الأرحام قبله، ولا مناسبة زواج الآباء ولا سؤدد الآباء والأجداد، ولا أيام أو شهور بعد الميلاد وإنما قد يحدث ذلك لاحقا وخصوصا عند تصدي أولئك الكبار للنهوض بالمهام الكبرى وتحمل الأعباء الثقيله ( قم الليل إلا قليلا .. إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا )..

وعلى أهمية تفاصيل حياة سيدنا محمد من الواضح أن حدثي البعثة والهجرة هما الأكثر أهمية وحسما في تاريخ التحولات الكبرى في دين الإسلام وحياة النبي ، وليس أي مناسبة أو تاريخ قبل ذلك .. ! ولم يأت عبثا اختيار المسلمين وإجماعهم منذ صدر الإسلام ، التركيز على حدث الهجرة النبوية الشريفه، باعتباره الحدث الأهم والأبرز في تاريخ الاسلام ونبيه العظيم ..وواضح أن الإهتمام الخاص الذي يوليه كثيرون الان لمسألة ميلاد النبي هي من باب المضاهاة والمنافسة للإحتفاء بميلاد عيسى .. دون النظر إلى الخلفيات والمسببات.. ومع ذلك لا باس بالاحتفاء بميلاد النبي محمد ، ما غلب على ذلك حسن النية وسلامة القصد وكف الأذى عن الناس جميعا ..

لا أتذكر أنني كتبت عن مناسبة الميلاد من قبل ، ولكني أبادل قلة من أصدقائي المسيحيين التهنئة بمناسبة أعياد الميلاد ، خاصة بعد ما سمعت أحد علماء جزيرة العرب يقول أنه لا يرى ذلك، فيما أرى أن أخلاق الاسلام وموجبات العلاقات الانسانية تحتمه .. وإذ نرى بأن لا بأس في الاحتفاء بميلاد النبي ، لكن يحسن بل يجب أن يكون ذلك دون مبالغات ودون فرض أتاوات على الناس مثلما يحدث الان في اليمن .. رأيت أكثر من صورة لسندات بثلاثة آلاف ريال مطلوب من أصحاب الدكاكين تسديدها "لأنصار الله" لتغطية تكاليف الأحتفال بمولد النبي ، وعلق على صورة أحد السندات صاحب محل ( سندفعها .. إذا لم ندفع سيأتي إلينا المبندقين .. وإما أو .. ) .. ورأيت توجيه لرئيس الجمهورية بصرف مائة مليون ريال للاحتفال بالمولد النبوي وتساءلت : ألا تكفي، وبلاش جباية من المواطنين ..؟! وأعلم أنه لم يسبق الرئيس هادي في ذلك لا ملك ولا إمام ولا رئيس جمهورية ، ابتداء بحيى حميد الدين ومرورا بالحمدي وسالمين وانتهاء بعلي عبد الله صالح .. !
وأكيد لم يسبقهم إلى ذلك النبي، أو أي من خلفاءه ..!

سذاجة المسلمين في عصرنا لا أكثر منها ولا حدود لها.... وحتى البشاعة التي يتسبب فيها البعض .. وفيما يختار متطرفون اللون الأسود يتعصب آخرون للطلاء الأخضر...! ومما يلفت النطر في شأن الإحتفال بالمولد هي جباية أموال الناس بغير حق،،وفكرة السند بمبلغ ثلاثة آلاف الذي يجب أن يدفعه أصحاب الدكاكين مسامهة في الإحتفال ... ربما يظن الذين وجهوا بتلك السندات أنهم يأخذوا أموال الناس حلالا وبنظام ما دام وهناك سند ..! وتذكرت هنا مقولة الحلبي، للذين اجتاحوا صنعاء 1948، حيث قال لهم عندما وجدهم يكسروا ويخربوا بيته : انهبوا بنظام ...!

وخطر ببالي هنا أن أسأل الأستاذ العزيز الزميل النائب أحمد الكحلاني : لمَ لا تقل لهم يا أخي إن هذه الجباية مخالفة للدستور والقانون .. ؟!

وخصصت زميلي العزيز أحمد الكحلاني هنا كونه كان أكثرنا حرصاً ونضالا على تطبيق الدستور والقانون وأكثر تصديا لمخالفته .. كانت لائحة المجلس لا تفارق يده. !

قد يرد مداعبا كما هي عادته : فوضى مالية وإدارية يا أخي ..! لكني لا أعفوه هنا .. وقد لاحظته متفائلا قبل ثلاثة أشهر..!

زر الذهاب إلى الأعلى