[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

دستور تفكيكي !!

(الشعب حُر في تقرير مكانته السياسية، وحُر في السعي السلمي إلى تحقيق نموه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي من خلال مؤسسات الحكم في كل مستوى، وفق أحكام هذا الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها اليمن).
----------

هل يعقل أن تتضمن مسودة الدستور نصا كهذا؟ وهل يعقل أن يمنيين فعلا هم من ضمن مسودة الدستور نصا كهذا، الذي يتيح، دستوريا، لـ"الشعب" في أي اقليم أو ولاية تقرير مكانته السياسية ؟!

من لايصدق فليقرأ ماتعنيه الإحالة الدستورية المقترحة هذه إلى المواثيق الدولية التي صادقت عليها اليمن. إذ نقرأ في المادة 1 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية كمثال، مانصه :

(1. لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
2. لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
3. على الدول الأطراف في هذا العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها مسئولية إدارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشمولة بالوصاية، أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة).

مايعني أن بإمكان "الشعب" في اي إقليم أو ولاية"نفطية تحديدا" اعلان تقرير مصيره استنادا إلى النص الدستوري، سالف الذكر.وسيكون بإمكان اي دولة أن تعلن إعترافها بالدويلة أو الدويلات التي قد تقرر مصيرها، في هذا الاقليم أو ذاك، هذه الولاية أو تلك، بحجة أن الدستور الاتحادي "اللقيط" يجيز ذلك.

الدستور هو بمعنى ما تقرير مصير، أي ان الشعب-أي شعب- حينما يستفتي على دستوره إنما يقرر بذلك مصيره،وفق أحكام الدستور الذي يستفتى عليه. أما أن يستفتى على دستور يمنح فيه "الشعب" حرية تقرير مصيره، من خلال مؤسسات الحكم، في كل مستوى،(الإقليم ،الولاية، المديرية)،فهذا مايجعل الدستور دستورا تفكيكيا لا يمت إلى مايسمى ب" العقد الإجتماعي" بصلة، إذ أن هذا النص يجعل الدستور تعاقدا على الإفتراق، لا تعاقدا على التوافق والإتفاق.
-----------
ملاحظة: النص وارد أصلا ضمن وثيقة بنعمر التي صاغها فريق الخبراء المرافق له، وإعادة تضمينه، حرفيا، مسودة الدستور، يكذب التصريحات القائلة بأن المسودة حصيلة يمنية 100%، إذ لايعقل ولا يتصور أن يقبل أي يمني بتفكيك وتدمير وطنه "دستوريا" على هذا النحو الكارثي، المعيب والمخزي.

زر الذهاب إلى الأعلى