من الأرشيف

الواقع المر للأمة والمسؤولية الوطنية

تتوالي المحن والأحداث على أمتنا ويعاني الناس الكثير جراء هذه التناقضات والممارسات اللا مسؤولة وغياب العقل والمسؤولية الوطنية. فأبسط قراءة لما يحدث يرى أن العنف والإرهاب والبطش هي لغة التفاهم. ونجد ما يجري حولنا أمر لا يصدقه عقل راجح. فالدم والقتل والتشريد وما نشاهده يومياً في ظل غياب المسؤولية تجاه ما يحدث وكأن الشلل والغيبوبة قد أصابت المفكرين والعقلاء.

منذ عهدت الأحداث والصراعات نجد المبادرات من العقلاء لاحتواء الأحداث، وكانت هناك قيادات رسمية وشعبية تسارع لرأب الصدع وحقن الدماء وعودة الأمور إلى مسارها الطبيعي وتجنب الناس آثار ونتائج مدمرة.

أما اليوم فنشاهد عكس ذلك.. التصعيد في الإعلام والانحياز والمواقف المتشنجة وغياب لغة الحوار والسلام والقبول بالعيش في ظل الاختلافات. نجد مثلاً الملف العراقي هناك أجندة إيرانية للانتقام والتوسع وتغليب طائفة بالقوة وتغيير الخارطة لإعادة رسم المنطقة توافق مصالح الدول الكبرى التي تقاطعت مع مصلحة الإمبراطورية الإيرانية للملالي الذين يعيشوا عقلية القرون السابقة. ولذا نجد أن الدم والقتل والتصفية هي الوسيلة.

وكلما حاولت العشائر المظلومة أن تجمع صفوفها يتم إعادتها للمربع الأول بخلق قضايا أخرى مثل ما صنعوا أخيراً داعش ولا مانع من أن يضحوا حتى بأتباعهم مقابل الحصول على الهدف الاستراتيجي إذ أن التوسع والهيمنة تغلب على الشعارات المرفوعة واليت تتناقض مع الواقع.

في الستينات تم استخدام الماركسية وتمت الاختطافات والقتل والدمار باسمها لصالح دول عديدة وقوى عالمية، واليوم يتم استخدام الطائفية والعرقية التي ظهرت بشكل سريع وتم توظيفها في هذا الإطار. فما يحصل في العراق أبشع جريمة إنسانية وأبشع جريمة تاريخية إذ يتم القتل والدمار والخراب لأجل طوائف تخدم مصالح دول. فلماذا لا يتحرك العقلاء لتعود الأمور كما كانت سابقاً، وأقصد بين أفراد الشعب وعدم السماح لأحزاب وفرق الموت من أن تنفذ أجندتها، ولماذا لا نجد لغة العقل. لاشك أن السلطة والمال وحب الهيمنة لا تمانع لدى هؤلاء الذين فقدوا معانيهم ومشاعرهم في أن يروا الناس بأطفالهم ونسائهم والمخيمات وسط البرد القارس ومحرومين من أبسط حقوق الإنسان وهذا بتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

وهذه سوريا والوضع الذي يسير فيه الناس والمخيمات والبرد، وهذا الشعب الذي عرف عنه السلام والعمل وعزة النفس وكرامتها لا نجد من يضحي لأجل الرحمة بهؤلاء.

البلاد تدمر وتحرق وشعار الساسة والقادة أنا أو الطوفان. وينتقم هؤلاء من الشعب المسكين الذي لا ذنب له ولا ناقة ولا جمل. فما هو ذنب الناس وقدراتهم. ومع ذلك لا نجد قلوب تتحرك ولا رحمة في أن توجد مبادرة لإخراج البلاد من هذه الدوامة. انتظر الناس عطف مجلس الأمن والدول الكبرى التي لعبت بالقضية لصالح إسرائيل وتحقيق حلمها فدعموا النظام بقدر ما دعموا المعارضة بقدر ما ليصفوا بعضهم حتى لا ترجح كفة فريق ويتحقق الهدف الاستراتيجي برنارد لويس وكيسنجر وهو ما يجري في ليبيا صراعات على أمور لا معنى لها ودمار مخيف وتدمير لمقدرات البلاد مع أن ليبيا لا توجد بها مذاهب ولا أديان ولكنه الشيطان.

وللأسف أن الغرب هو الذي يقوم بالمبادرات للسلام حسب استراتيجيته ومصالحه لا حياة ولا موت ولا انتصار ولا هزيمة وإنما الاستنزاف وهذا ما جرى في الملفين السوري والعراقي.

وأما اليمن وما أدراك ما اليمن فماذا يجري بها من غياب المسؤولية الوطنية عند القادة الذين باعوا بلادهم لمصالح الأجانب وعادوا إخوانهم العرب، تقربوا لإيران ومكنوها بما لا تحلم به لتحقيق أجندتها التي لم تكن تحلم بها في تصفية حساباتها وأطماعها في المنطقة، ولكن هؤلاء القادة لعبوا لعبة سيئة تتنافى مع الأخلاق والهوية العربية الإسلامية بتدمير بلادهم وأمتهم وعروبتهم وإسلامهم مقابل أموال وابتزاز سياسي رخيص، وأشعلوا النار وتواطأت القوى السياسية بقصد أو بغير قصد تحت مظلة الخوف والذل الناجم عن حب المال والمصالح مهما حالوا أن يضعوا عليها فناع زائف. ولم نجد في اليمن عقلاء يحرصوا على الدفاع عن وطنهم. يومياً نرى الإرهاب والموت والقتل تمارسه قوى معادية لليمن والعرب والإسلام. تُفجر المساجد وبيوت القرآن وتُحرق المصاحف فلا نجد أدنى غيرة أو كرامة .. هل هؤلاء أمة محمد صله الله عليه وسلم وهو منهم براء لأنهم لم يغاروا على نبيهم ليتكلموا عما جرى في أوروبا من رسوم كاريكاتورية من أشخاص جهلاء لا تأثير لهم وإنما هم ردود أفعال ويسكتوا عما يجري في بلادهم من تدمير المساجد وإحراق المصاحف. وفي دول أوروبا لا تُحرق المساجد ولا تحرق المصاحف وإنما هناك فئة شاذة لا تؤثر وتجاهلها أفضل ولكن هناك فئات سفهاء وجهلة ينفذوا مخططات أعدائهم.

اليمن كان مفاجأة لكل العرب لا يوجد به شخصيات وطنية والدولة تدمر الدولة والأحزاب تصفق لذلك برضى أو بنفاق لأجل المحافظة على المكتسبات والبلاد تسير نحو الهاوية والناس تدفع الثمن من الأبرياء. ولكن هذا لا يحرك ساكناً في قلوب الساسة والقادة والأحزاب الذين ماتت مشاعرهم وإنسانيتهم فأصبحوا لا إنسان ولا حيوان ولا نبات ولا جماد ولكن " ويخلق ما لا تعلمون".

العام العربي يحتاج اليوم لمبادرات وطنية للمصالحة ورفض الإرهاب والمليشيات وحمل السلاح والرأفة بالناس. لا بد من إعادة النظر فيما يجري. والسؤال أين العلماء؟ أين المفكرين؟ وأين القيادات الشعبية؟ ورجال القبائل؟ أين الدول ذات القبول من جميع الأطراف؟ الحل بأيدينا أن نعود إلى الله والتوبة وجمع الشمل وهذا لا يكون إلا بمبادرات من عقلاء أما السكوت فسيدفع الكل فاتورته وليس بمأمن من ظن نفسه محايداً بأبو فاس.

زر الذهاب إلى الأعلى