قبل أن يقدم الحوثيون على خطوة اختطاف احمد عوض بن مبارك بدعوى التآمر على اليمن وتمرير مخطط خارجي، كان يتوجب عليهم المرور بالخطوات التالية أولا:
_ رفض انعقاد مؤتمر الحوار قبل التهيئة بتنفيذ النقاط الـ20 وبخاصة تلك المتعلقة بصعدة. (الحوثيون وافقوا عن طيب خاطر على انعقاد المؤتمر، وتواطئوا مع الرئيس ومستشاريه ومدير مكتبه (الذي اختطفوه اليوم) على اليمنيين، وذهبوا في مسار كارثي أدى إلى هذه الهاوية؛
_ رفض وضع "كيان الدولة" على طاولة البحث في مؤتمر حوار يشرف عليه الأمريكان والأوروبيون. (لا توجد نخب وطنية تضع كيانها الوطني على طاولة التشريح الاقليمي والدولي لكن ممثلي الحوثيين في لجنة الحوار وفي منتجع موفنبيك قبلوا بل أيدوا وتحمسوا)؛
_ رفض الالتفاف على مذكرة اعضاء مؤتمر الحوار التي تطلب البدء بالتهيئة قبل الذهاب إلى جدول الأعمال. (لكن ممثلي الحوثيين انقلبوا على قرار القاعة في موفنبيك، وشارك ممثلهم في هيئة الرئاسة الأستاذ صالح هبرة في تمييع القرار الوحيد المحترم لأعضاء المؤتمر)؛
_ رفض الالتفاف على قضية الشهيدين أمان والخطيب. فتلك الجريمة التي وقعت بينما مؤتمر الحوار منعقد كانت بمثابة فرصة استنقاذ اليمن من منعرج التمزيق والتفتيت. (لكن هيئة رئاسة المؤتمر في موفنبيك وفيها ممثل للحوثيين، أقنعوا اولياء دم الشهيدين بالصبر والتريث لأن القصاص وشيك لا ريب!)
_ رفض الالتفاف على مذكرة الـ100 عضو في الحوار التي تطلب وقف الهرولة نحو تمزيق البلد، واعادة دراسة خيار الفدرالية من الجذور، من خلال لجنة خبراء قانونيين وسياسيين واقتصاديين. المذكرة وقع عليها اعضاء من كتلة الحوثيين وأمين غام التنظيم الناصري الحالي، لكنهم جميعا انقلبوا عليها لأن هادي متضايق من مضامينها؛
_ رفض استمرار المماطلة في استيعاب المسرحين والمتقاعدين قسريا من ابناء المحافظات الجنوبية في الجيش والأمن. (الحوثيون لم يكتفوا بالتواطؤ فحسب بل يريدون البدء باستيعاب ميليشياتهم المسلحة التي تقتحم المدن اليمنية)؛
_ رفض تشكيلة لجنة صوغ الدستور الجديد التي شكلها الرئيس هادي شخصيا وعلى صورته لتنجز مسودة تآمرية ضد اليمن، كيانا وهوية وإنسانْ. ( ممثل الحوثيين شارك في صوغ المواد حميعا، كلمة كلمة _ بالاحرى خنجرا تلو آخر في صدر اليمن_ لكنه في اللحظة الأخيرة تلقى أمرا بالانسحاب من اللجنة وعدم التوقيع)؛
_ رفض الانقلاب على الدستور النافذ والقوانين السارية التي يصدر بهما الرئيس هادي قراراته الكارثية. ( الحوثيون الذين يرفضون المبادرة الخليجية قبلوا التمثيل بالشرعية والدوس على الدستور باسم المبادرة الخليجية، علما بأن المبادرة لا تعطل _ نظريا_ سوى البند المتعلق بالرئاسة المؤقتة والذي على اساسه صار نائب الرئيس رئيسا لمدة عامين)؛،
_ رفض الانقلاب على الإرادة الشعبية الذي تم تنفيذه بالتواطؤ بين الرئيس هادي والرئيس السابق صالح واللقاء المشترك. الانقلاب سمح للرئيس هادي ان يستمر رئيسا رغم انقضاء مدة ولايته المؤقتة( عامان فط)، وسمح للمشترك بالحافظ على مكاسبة الثورية جدا في الحكومة، وسمح للرئيس السابق صالح بالاحتفاظ بأغلبيته الساحقة في البرلمان. ( الحوثيون أيدوا بالصفقة جزئيا وحرفوا اهتمام الشعب باتجاه حكومة المشترك. أي انهم قبلوا برئيس غير شرعي وبرلمان معتق ومتهالك، وعارضوا الحكومة فقط)؛
***
من هو الخائن والعميل والمتآمر؟
على الحوثيين أن يتقشفوا في توزيع اتهامات من هذه الشاكلة.
عليهم أولا محاسبة ممثليهم الذين وقفوا على الدوام في صف الظالمين ضد المظلومين، قبل أن يقرروا اختطاف (أو توقيف) أحمد عوض بن مبارك. شخصيا يمكن أن أزود اللجان الثورية بقائمة ببعض الأسماء.
***
اليمن وضعت في خريف 2012 على سكة "الحرب الأهلية". الرئيس هادي وقادة المشترك وممثلو الحوثيين و (من صاروا حراك 2013)، تورطوا في مؤامرة ضد الشعب اليمني ووحدته واستقراره وسلمه الأهلي.
لا أحد اعتذر حتى الآن، بمن في ذلك "السيد" الذي يرسل لجانه إلى البيوت والطرقات لخطف "المتآمرين".
يفعل ذلك قبل أن يعتذر عن ما اقترفت أيادي ممثليه في موفنبيك.
كيف ليمني عاقل أن يصدقه؟
***
هذه المسودة كارثة وطنية، لا ريب.
وإسقاطها لا يكون بطرق المافيا وإنما بالعودة إلى الشعب، مالك السلطة ومصدرها وصاحب الكلمة الفصل في تقرير مستقبله.
على السيد عبدالملك الحوثي ان يراجع ما كان يقوله خلال عام 2014.
لنبدأ بالانتصار للشرعية والإرادة الشعبية ولنبدأ برفع المظالم قبل معركة "الدستور" الموفنبيكي الذي سيتسبب بحرب اهليه، قبل إقراره أو من بعد إقراره.