من الأرشيف

جنوبية هادي لم تكن هدفا في الصراع

الصراع والعنف خلال العامين الماضيين كان بين مراكز قوى الشمال ولم يكن موجهاً ضد الرئيس هادي. والأخير كان يتعامل مع الأحداث بهذا الوعي. مثلا تم تحييد هادي في انتفاضة الحوثيين ضد الجرعة التي أقرها هادي نفسه وتم اسقاط باسندوة رغم أنه كان معترضا عليها..

وحتى لو صدقت فرضية تحالف صالح مع الحوثيين فقد كان تحالفا موجها ضد خصوم مشتركين هم إصلاح الشمال وبيت الأحمر وعلي محسن، بصرف النظر إن كان هذا تحالفا جيدا أم فاسدا وتخريبيا، أريد القول إن هادي لم يكن هدفاً للحوثيين أو لمن سبقوهم باعتباره جنوبيا ولا باعتباره شافعيا.

هادي لم ينتخب باعتباره شافعيا ولا باعتباره جنوبيا بل كان أمينا عاما للمؤتمر ونائبا لرئيس الجمهورية. والإهانة التي ألحقها الحوثيون بمنصب الرئيس هادي مست كل يمني في الشمال والجنوب باعتباره رئيس الدولة وليس باعتباره جنوبيا.

لا أدري ما المبرر لاستدعاء جنوبية هادي وانتماءه المذهبي؟ لماذا العويل لانه استقال ووجه ضربة لجماعة الحوثي المتهورة وعديمة الحس ووضعها في مأزق بدلا من استمراره لاضفاء شرعية على وضع وصفه الدكتور الإرياني ب"الشاذ"؟ لماذا لا يرتفع خطاب وطني منحاز للدولة ضد الخطر المتمثل في بقاء هادي رئيسا والخطر المتمثل في بقاء العاصمة اليمنية تحت سلطة مليشيا الحوثي؟

لماذا نضع عجز هادي وفشله وسذاجته في مقايضة صبيانية مع الوحدة والدولة اليمنية؟

ما حدث مؤخرا هو انقلاب على سلسلة انقلابات خطيرة تزعمها هادي ضد نفسه وضد العملية السياسية منذ صعوده للرئاسة: الأول الإنقلاب على المبادرة الخليجية باستبعاد صالح والمؤتمر كطرف ثاني في التسوية وفي السلطة. الإنقلاب الثاني هو انقلاب هادي على شركائه في انقلابه السابق على المبادرة الخليجية وهم علي محسن والإصلاح إذ تخلى عنهم وتركهم لقمة سائغة للحوثي بالتواطؤ مع أطراف خارجية لزمت الحياد واستحسنت ضرب إخوان اليمن في سياق الحرب على جماعة الإخوان في المنطقة.

الوضع الذي فرضه الحوثي بعد ذلك هو محصلة طبيعية لهذين الانقلابين، ولم يكن صاعقة في نهار مشمس. أصبح هادي بلا حليف، ابتعد عن المؤتمر ثم سمح بسقوط الإصلاح ووضع كل رهاناته على الخارج. هل تتذكرون التهليل والنشوة لحظة هروب محسن وضرب الإصلاح؟ والتهليل والنشوة باستبعاد صالح وحلفائه من التسوية ومحاصرتهم بالعصا الدولية ثم معاقبتهم بالفصل السابع. كان الحديث كله بعد ذلك يدور عن دهاء هادي الذي استطاع ضرب هذه القوى ببعضها وإزالتها من طريقه لكي تبدأ شراكة الجنوب الفعلية مع جماعة الحوثي كممثلة للشمال، ولم يتبق في طريقه سوى صالح وأن الانقضاض عليه مسألة وقت.

المهم لا تخونكم الذاكرة.

زر الذهاب إلى الأعلى