تمكنت قوات عسكرية تابعة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بمساندة مقاتلين جنوبيين ودعم من دول التحالف الذي تقوده السعودية ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وقوات الجيش المتحالفة معها من السيطرة على نحو 90 بالمئة من مدن الجنوب اليمني مؤخراً.
هذا التقدم العسكري المفاجئ لقوات هادي، جاء بعد شهور شهدت سيطرة عسكرية شبه كاملة للحوثيين وحلفائهم على معظم اليمن، وفي ظل جمود الوضع العسكري وما تبعه من تصلب ورفض طرفي الصراع تقديم أية تنازلات تساهم في بلورة حلول سياسية لإنهاء النزاع في اليمن.
إلا أنه، وفي النصف الثاني شهر يوليو/ حزيران الماضي، تمكنت قوات عسكرية تابعة للرئيس هادي، المقيم في السعودية، وبدعم غير مسبوق من "قوات التحالف" وصل حد المشاركة البرية في المعارك بجنوب اليمن، من خلال قوة سعودية إماراتية مشتركة، استعادت "قوات هادي" زمام المبادرة العسكرية.
وتمكنت "قوات هادي" من استعادة السيطرة، في وقت لاحق" على كل محافظات الجنوب اليمني، إضافة إلى محافظة تعز التي تعد حلقة الوصل بين شمال اليمن وجنوبه.
التطورات العسكرية على الأرض اليمنية تتو إلى بشكل سريع جداً، والمفاجآت لازالت واردة تماماً في هذا البلد الذي يتعرض للتدمير جراء شهور من الحرب، وسط غياب لأي رؤية سياسية للحل، ما قد يطيل أمد الحرب.
وعلى الرغم من أن الواقع اليمني الآن، أصبح منقسم، ما بين جنوب تسيطر عليه قوات هادي بمساندة مقاتلين جنوبيين يرفعون رايات الانفصال، وشمال يسيطر عليه "الحوثيون" وقوات الجيش المتحالفة معها.
هذا الواقع اليمني الجديد يحمل في طياته حالة من التوازن العسكري على الأرض بين القوى المتصارعة، ومن الممكن أن يكون نقطة تحول للضغط على طرفي الصراع للعودة للتفاوض السياسي لإنهاء الصراع.
المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، تحدث قبل يومين عن صياغة اتفاق سياسي لحل الأزمة اليمنية، ومن المنتظر أن تقدم القوى المتصارعة وجهة نظرها في الاتفاق خلال أيام.
لكنه، يبدو حتى الآن، أن المواجهة العسكرية أعلى صوتاً من الحراك السياسي في اليمن، مع توالي الإشارات من قيادات عسكرية كبيرة تابعة للرئيس هادي على المضي قدماً في الحسم العسكري ومهاجمة العاصمة صنعاء، مع الإصرار على تنفيذ "الحوثيين" وحلفائهم، قرارات الأمم المتحدة حول اليمن، وخصوصاً القرار 2216، كشروط مسبقة لقبول الحل السياسي.
وفي المقابل، هناك إصرار الحوثيين وحلفائهم على وقف الحملة العسكرية التي تقودها السعودية ضدهم منذ شهور، واختيار رئيس توافقي لليمن بدلا من هادي، وهما شرطان للانخراط في أي حوار سياسي، والتهديد باتخاذ خيارات استراتيجية لم يفصحوا عنها حتى الآن، لمواجهة "العدوان السعودي"، يقابل برفض قاطع من حكومة هادي المدعومة خليجياً.
ومن خلال القراءة المتأنية للواقع اليمني، ربما سيكون من الأفضل استغلال حالة التوازن العسكري التي يشهدها اليمن حالياً، للضغط على طرفي الصراع بالاحتكام للسياسة بدلاً من المواجهة العسكرية، لأن الاصرار على الحسم العسكري والتقدم نحو العاصمة صنعاء، سيسبب كارثة للجميع.