تمر بنا أزمات محزنة .. يفتح المواطن اليوم التلفزيون ليرى أخبار وصور محزنة كلها تدور حول أزمات. كان الربيع العربي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. خرج الناس على أمل الإصلاح من الفقر والظلم والفساد، وإذا الأمور تسير عكس ما تصور هؤلاء وإذا بهم أمام مخطط بشع يقود إلى انفلات.
كانت العراق البداية وسارت تونس ومصر واليمن وليبيا، وإذا بظهور جماعات إرهابية وإذا بنا أمام فتنة كبرى أظهرت مدى هشاشة الأوضاع في المجتمعات العربية. وللأسف انتشرت ثقافة الكراهية وسفك الدماء وعدم قبول الرأي الآخر واستنزاف الطاقات. وإذا بدأت مشكلة نفاجأ بمشكلة أخرى وآخرها لبنان وهكذا دواليك.
حروب طائفية صراعات عرقية وقبلية جماعات إرهابية حرب إلكترونية ، وتقف إسرائيل والقوى الغربية في الخلف وتظهر إيران على الشاشة وفق صفقة ستظهر نتائجها وأسرارها بعد فترة كما انكشفت أجراء منها مؤخراً، وتلعب شبكات التواصل التي تدار من جهات خارجية ذكية أضف إلى المواقع الالكترونية التي ينتشر فيها كُتاب يثيرون الكراهية والحقد والعداء بين الناس وتؤجج لتمزق وصراع المجتمع. والعجيب أن الصراع كله داخلي وبعيد جداً عن القدس والأقصى وغزة. وكأنه اعتراف بإسرائيل وتنازل عن حق الشعب الفلسطيني وكرامته والظلم الذي أصابه للأسف الشديد.
للأسف الشديد إن المعلومات التي يتلقاها الشباب اليوم تقود للعداء والكراهية والتمزق. ويقف ساسة وصحفيون وإعلاميون وراء ذلك للوصول لأهداف شخصية ومصالح ضيقة. ولا يوجد شخص وطني يخاف الله فهؤلاء لا يمانعوا من قتل وشفك دماء الملايين ليصلوا وذويهم وأتباعهم للسلطة. انظر ماذا يجري في العراق من مأساة دماء وقتل وسفك دماء لحساب دولة أخرى وفئة ضد فئة. ونجد شعب أهين وتم تدمير كل قدراته وبلغ السيل الزبى، وشعب سوريا واللاجئين ودمار سوريا ومعاناة الشعب السوري وتفرج من الغرب وكأنه مشهد سار وتشفي لشعب له تاريخ، وخدمة لأمن إسرائيل بأقل ثمن. وكذلك الشعب اليمني الذي تم إحراقه وقتله على يد عصابات قبلية تابعة لإيران وجيش أعد لهذه الجريمة وقادة سياسيين أرادوا العودة للحكم ولو بحرق اليمن أشد من نيرون.
إن ما يجري في اليمن لا يصدقه عاقل أو من يحمل أبسط مشاعر الإنسانية وما يجري في لبنان صراع لفئة تريد فرض هيمنتها لإبقاء نظام سوريا وإنهاء هذه البلاد على حساب الطوائف الأخرى . وليبيا التي تشهد دمار وقتال وصراعات لفئات مريضة بحب السلطة وظهور جماعات إرهابية تمهيداً لتقسيم هذا البلد وتدمير قدراته، وكذلك مصر التي تم إيصالها إلى أعمال عنف لاستنزافها وجرها لصراعات وإثارة الكراهية والعداء وإشعال نار الفتنة. وهكذا نجد غياب العقلاء لجمع الشمل وإصلاح ذات البين والعفو والتسامح والقبول بالمشاركة الوطنية.
للأسف إن المحور أخذ جانب قوى سياسية وحزبية تستخدم الجيوش وتستخدم الجماعات المتطرفة لتحقيق أجندتها، وللأسف إن هناك ثلاث جهات تقوم بتدمير المنطقة القيادات السياسية والانتهازيين والإعلاميين والعسكريين المنتقمين أضف إلى استفادة وتحريك وتشغيل من جهات خارجية تعرف نقط الضعف.
إن حجم الكارثة كبير جداً بحيث لا يطاق ولا يصدقه عاقل ويبعث على الأسى والألم. ولكن ما هو المخرج هل هو الترقيع ؟ أم الشكوى؟ أم السكون؟. لا شك إن الحل هو أن تشخص القضية وأن يتحرك العقلاء الصامتون للبدء في حركة مصالحة إسلامية رسمية وشعبية ولابد من قمة إسلامية دولية تبدأ في اختيار لجنة لحل المشاكل والتحرك بقوة إضافة إلى تحرك لعلماء ومفكري العالم الإسلامي والشخصيات الاعتبارية وحركة شعبية للبدء في تضميد الجراح والمصارحة والمكاشفة. كما إن الجهود يجب أن تتضافر.
نحن بحاجة إلى قمة إسلامية تنموية إنسانية تكون مهمتها إعداد خطة تنموية لمناطق الصراع ومساعدة الدول الفقيرة للخروج من قضايا الفقر وكذلك وضع الحلول لقضايا اللاجئين والمهجرين وحمايتهم ووضع برامج لهم تكون بإعداد مسبق من البنك الإسلامي للتنمية والصناديق التنموية، إضافة لوضع خطة إعلامية لحماية الشباب من الغزو الفكري وترشيد الإعلام ومواجهة خطر الحرب الإلكترونية وكذلك لمحاربة المعوقات لهذه الفتن وعلى رأسها الخطر الإيراني فتقوم بعض الدول الأفريقية والآسيوية من الدول الإسلامية وعدد من الدول العربية بمطالبة إيران بالكف عن إثارة الفتن والتدخل في الشؤون العربية وتمتنع عن دعم الإرهاب وتمزيق العالم العربي وبالأخص العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان. وإلا فإنه سيتم اتخاذ إجراءات وعقوبات وعزل لها.
لابد من توضيح الصورة للقيادة الإيرانية وبقوة وحزم حتى لا تتلاعب بالألفاظ والمواقف ولا يتحقق الهدف وتستطيع إفراغ هذا العمل من محتواه وإفشاله بالمكر والدهاء والحيل السياسية بالألفاظ والأساليب المعروفة ولكن وضوح الصورة والطرح سيساعد كثيراً على ذلك ثم إعادة الجامعة العربية لدورها وإصلاحها وكذلك الوحدة الخليجية وأخذ المخاطر بجدية فليس أمام دول الخليج إلا الوحدة أمام الأخطار. والله الموقف.