ضاع العرب في متاهات الأحداث فمرة يتجهوا لواشنطن ومرة لموسكو ومرة للصين. لم يعرفوا ما يريدون، واضطرب الشارع العربي بتحليلات الإعلام، فمرة نسمع أن اليمن مقابل سوريا ونرى تخبط في المواقف والسياسات العربية على كافة المستويات.
ونرى من يرى الحوار ومن يرى أن القمع والقتل والسجون هي الحل، ونرى رفض الكل لبعضهم البعض. لم يعد أحد يطيق الآخر، ونرى الآخرين في العالم يتحاولوا ولبحثوا القواسم المشتركة. أما نحن إما معي أو ضدي لا ثالث لهما ولا توجد أي وسائل للحوار والتفاهم. ولذا نجد أن الأوراق مختلطة أين تكون المواجهة وأين يكون الحوار وتشخيص الأوضاع. لذا نرى أن الحل أن نبدأ جهودا لرأب الصدع ولم الشمل، ولابد أن نعرف جيداً أن الولايات المتحدة لا تعرف العواطف وإنما المصالح ولها سياستها التي تخدم مصالحها ومصالح حليفتها إسرائيل، ولذا وجدت أن إيران هي الحليف الاستراتيجي لتحقيق مصالحها فصداقات الولايات المتحدة والغرب لا تقوم على العواطف فلا صديق دائم ولا عدوا دائم وإنما مصلحة دائمة. لذا فمفاجأة العرب بمواقف أمريكية لاختلافها مع بعض القضايا فمثلاً الملف السوري مصلحة أمريكا هي أن تكون سوريا لا تهدد أمن إسرائيل ولا تشكل خطراً على مصالحها، لذا فليس هناك مشكلة ببقاء أو ذهاب الأسد وهنا تقاطعت مصلحتها مع إيران. ولذا فإن ذهاب العرب لموسكو التي تعرف أن لها مصالح كبيرة وشراكة مع إيران فهي تريد الابتزاز وسوريا منطقة مصلحة ونفوذ لها في المنطقة وليست مستعدة للتنازل لخاطر عيون السياسة العربية. ولذا فموسكو لا تعرف مثل واشنطن إلا ضغوط قوية هل العرب مستعدون للتوحد والبحث عن حلفائهم الحقيقيين. لابد من وقفة شجاعة للعمل بموقف واحد وإصلاح ذات البين ووقف الخلافات العبثية التي لا معني لها.
فنجد اليمن مثلاً يجب أن تتضافر الجهود إنهاء الملف اليمني وتوسيع التحالف وتحرير تعز وجعل صعدة منطقة آمنة خالية من الأسلحة وجعل حضرموت وشبوه مناطق محررة من التنظيمات الإرهابية ووقف الممارسات التي تعرقل عاصفة الحزم فلا حديث عن انفصال ومنع الجماعات التي تريد اللعب بهذه الورقة من جماعات لا دور لها في المقاومة وكانت سبباً فيما حصل واليوم بعد هذه الدماء تلعب بعواطف الناس في المناطق الجنوبية لتعود للحكم وتهدد أمن المنطقة وهي ورقة إيرانية لعرقلة عاصفة الحزم وجهود دول الخليج.
والملف العراقي والحركات البهلوانية لإيران من خلال العبادي ومحاربة الفساد وضرب القرى السنية وتشريد الناس ومنعهم من دخول بغداد ودور الأحزاب الكردية العنصرية التي تتحالف مع إسرائيل لتحقيق برنامجها في العراق وفيلم داعش لتصفية وتهجير السنة ومأساة الناس الذين يقتلهم داعش الإيراني والحشد الشعبي الإيراني بين فكي كماشة. لذا يجب الحفاظ على هوية السنة العرب ووقف هذه المجازر والتهجير الذي هو أكثر بشاعة مما حصل عام 48 بفلسطين ويجب على العرب عدم التهاون بذلك لخطورته على الجميع وعلى استقرار وأمن المنطقة، وما خلية الكويت وتسريب الجماعات الإرهابية للكويت والبحرين وغيرها إلا غيض من فيض.
والملف المصري وما يجب أن يكون من مصالحة وتهدئة الأوضاع وتكاتف الجميع ضد الإرهاب لأن دخول الإرهاب لمصر يضر بمصلحة العرب وقوتهم، ولذا فإن الاحتقان بمصر وقيام بعض الجهات بالتصعيد والتحريض يضر باستقرار هذا البلد الذي يُراد له أن يدخل في حرب استنزاف خطيرة، ولابد من تقديم تنازلات من جميع القوى السياسية ووقف المهاترات والتحريض الإعلامي بما يضر بالمصلحة الوطنية والعمل وفق الدستور، ولابد من جهود تقوم بها الدول ذات التأثير لإصلاح ذات البين وحل مشكلة سينا من خلال التنمية والتعليم ومحاربة الفقر.
وكذلك الملف الليبي والضغط على جميع الأطراف بحكومة انتقالية تمهد لانتخابات نزيهة تشرف عليها الدول العربية والمؤتمر الإسلامي والجامعة العربية والضغط على جميع الأطراف بالعمل المشترك. وكذلك الملف اللبناني ورفض الخلل بالدولة ولابد أن تتحرك القيادات الحكيمة.
نبحث اليوم عن ابن سودة وإسماعيل الأزهري ومحمد أحمد محجوب وعمر السقاف وأحمد خليفة السويدي وصباح الأحمد. رعى الله تلك الأيام. الحل ليس في موسكو فلو ذهب العرب كلهم لبوتين ولافيروف فلن يجدوا شيئاً ولو ذبحوا له الخرفان وقدموا له الموائد وبحوا فرس حاتم الطائي فذلك لن يحرك شعرة في بوتين فهو ليس من عبس ولا شمر ولا قحطان.
العرب أهملوا سندهم أفريقيا وآسيا ولا نري تحرك دبلوماسي في نيجيريا ولا تشاد ولا النيجر ولا السنغال وغينيا ولا نرى تحركاً عربياً في إندونيسيا وماليزيا وطاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزيا وألبانيا لماذا؟ هؤلاء حلفاءنا الحقيقيون، ورحم الله الملك فيصل بن عبد العزيز أدرك رحمه الله ذلك وطرد إسرائيل ونفوذها هناك. واليوم نسينا هؤلاء الذين هم حلفائنا وقوتنا من كل الجوانب.
ولذا لابد من الحفاظ على قوة مجلس التعاون كقوة اقتصادية وعسكرية وسياسية لما لها من تأثير عالمي ولابد من عودة الجامعة العربية لدورها. وتفعيل كافة المؤسسات، ولابد من موقف جماعي وحشد حلفاء لوقف المد الإيراني وسيفاجأ العرب قريباً بعلاقات إسرائيلية إيرانية تخرج للعلن كما تفاجئوا بذلك مع الغرب. فهم يعرفوا جيداً أن السياسة لا تؤخذ من التصريحات التضليلية ولا من الإعلام الذي يخدم أجندات معروفة ولا من المواقع التي تثير الفتنة وإنما مما يجري في المطابخ فإيران وأمريكا وإسرائيل حلفاء، وهذا ما قاله ويقوله المحللون الاستراتيجيون وليس المهرجين المشعوذين الذي زوروا وضللوا الناس بأخبار وتحليلات بعيدة عن الواقع ومسربة من خصوم الأمة.
آن الأوان لأن يعرف الجميع أن الخلل من عندنا وأن العالم لا يحترم إلا القوي. كانت صدمة للعقلاء أن يجدوا العالم العربي يعود لصراعات طائفية وعرقية وتنشأ بينهم جماعات مسلحة وإرهابية ويتقاتل الناس على معارك وهمية وتتدخل دول مثل إيران لتقرر مستقبل ومصير اليمن ولبنان والعراف وسوريا. أليس هذا عار ووصمة خزي في جبين هذا الجيل؟
هناك مشاكل ومصارحة تحتاج للقاءات وتشخيص واعتراف بالمشكلة وإصلاح البيت العربي عندها نستطيع أن تفاوض بوتين وحتى إيران والغرب من مركز قوي !! وليس من مركز ضعيف. فالعالم لا يحترم إلا القوي وكذلك التمسك بهويتنا والعودة إلى الله والاستعانة به دون غيره، فالله هو من يسير الكون وليس بوتين ولا أوباما ولا غيرهم، فاستعينوا بالله واصبروا وتوكلوا عليه.