"المشترك" باعتباره حارسا للعبث الحوثي صدام أبوعاصم
الحوثي عابث؛ ولا يريد أن يبني البلد بقدر ما يريد أن يبليها. لقد أهان الشرعية باعتدائه على دار الرئاسة وحصار الرئيس والحكومة، ومن ثم حين خجل الرئيس والحكومة من أنفسهم ومن الشعب وقدما استقالاتهم، عجز عن أن يملأ الفراغ، وبادر بعدها، لمغازلة سياسيين آخرين يبحث معهم عن آلية للخروج من هذه الحالة الشاذة.
ماذا تسمون هذا حين يزاحم الحوثي المكونات السياسية ويفرض وجوده المسلح مستهترا بكل شيء حتى بالرئيس وبالحكومة وبالاتفاقات التي جعلت منه شيئا ينظر له الناس باحترام، ثم يأتي وينقلب على كل شيء، ولا يبدو حتى أنه مدركا لحقيقة ما فعل ولا لأبعاد ذلك.
أليس هذا هو العبث عينه؟
أليس هذا هو العبث الذي يشبه إلى حد ما، عبث طفل شقي يجبرك أن تتحمل نزقه لأوقات ومراحل حتى يصل به الحال إلى طلب تصويب أحد أعضاء جسدك بالرصاص، وبعد أن تستجيب حبا لكل طلباته بما فيها الأخيرة الدامية، يعترف لك أنه لا يملك أي نوع من الثقافة الإسعافية ولا يملك المشرط والخيط والشاش والحقن، وبالتالي يدعك تموت أمامه، لأنه أبطن منذ هدف بعيد رغبته الجامحة في موتك.
الحوثي في موقع المتخبط، وقد أمهل بيان اللقاء القبلي الذي دعا له، القوى السياسية ثلاثة أيام أخرى لتشكيل مجلس رئاسي وعسكري، بعد تشاورات عبثية لثلاثة أيام لم تخرج بشيء فاعل، وهنا تكمن حيرة "أنصار الله" من فعلتهم الثورية السابقة لأوانها المنحوس.
تورط الحوثي بعد تقديم الرئيس والحكومة لاستقالتهما، لكن ما زاد ورطته وبالا هو قمع أنصاره للشارع الذي يتحرك ضده وضد ممارساته غيرالشرعية مستقويا بقوة السلاح.
إن كل يوم يمر، تزداد فيه البلد فراغا، ومستقبلها يزداد غموضا، ولا يمكن أن نغفل هنا، تزايد ورطة الحوثيين. لكنهم من ناحية أخرى غير آبهين ولا قلقين على ما يبدو، لأن هناك "مشترك" سينجيهم من المأزق حتما، كما أنقذوا قبله صالح وأعادوه للواجهة بعد أن كان قد تفحم.
يفترض بقيادات المشترك ممن ذهبوا للتفاوض بحضور بن عمر، أن يقولوا للحوثي أنت أهنت الأعراف السياسية وحتى القبلية والدينية وأنت تخطف سياسيا أعزل من أجل التفاوض على بعض النقاط.
يقولون له إن كان لابد من التحاور ماذا ترك الحوثي للقاعدة التي تدعي أنك تحاربها وأنها عدوتنا الأولى، وأنت تخطف مثلما يخطفون عناصر القاعدة، وتطالب بفدية مثلما يطالبون.
للأسف، مضى قادة المشترك يفاوضون الحوثي وزملاؤهم في الحكومة تحت الإقامة الجبرية في منازلهم. ولذا لن ألوم الحوثي في كل ما سيحدث، بقدر ما سألوم من أرادوا أن ينقذوا الحوثي اليوم كما أنقذوا صالح بالأمس، وحتما سيعود بأعذار ومطالب أخرى، يقوم من خلالها بالدوس على رؤوس السياسيين الخنع وعلى طموح هذا الشعب التواق للحياة.