[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
شعر وأدب

وطن في ذرة رمل (شعر)

محمد جميح يكتب: وطن في ذرة رمل (شعر)


آه أيتها الصحراء
سافرتُ في كل البلاد
نزلتُ عند مَصَبّات الأنهار
وقفتُ على منابعها
ركبتُ الموجة
دخلتُ الغابة
ومازالت ذراتُ رمالكِ عالقة بروحي!
هناك خطوات الراعية على العشب...
حلقات أسمار أهلي بعد العشاء على ضوء القمر...
في الباحة الواسعة وسط "الديرة" التي تنفتح كقلب كبير يجمعنا في المساءات الحالمة...
فناجينُ القهوة، وحكاياتُ العشق المتبادل بين
المطر والرمال...
وفيما "يحتبي" الكبار وسط الباحة...
يلاحق الصغار ظلالهم على أضواء الأقمار...
لكني الآن هنا...
ألتفتُ إلى "مايا" تعزف ألحان الغجر في ساحة "بيكاديللي"
أرى "زوربا" يرقص على سواحل "كريت " الساحرة...
و"صوفي" تستمع إلى أحد كهنة العصور الوسطى...
الجميعُ يدعونني للمشاركة
وانا أصوّبُ عيني هناك...
هناك...
حيث النِياقُ السارحة والثغاء وأناشيد الرعاة...
وذات مساء...
كنت "أمتطي" القطار...
وأقرأ "صيد السلمون في اليمن"...
تلمحني الفتاة الغجرية...
تقول: نحن الغجر وطننا مخبوء في بكاء الناي...
وأنت أيها العربي تخبّئ وطنك في ذَرَّة الرمل!
أقول لـ"مايا" الغجرية:
هل جرّبتِ رؤية ذرات التراب، تتفلّقُ عن براعم الأزهار البرية بعد أن نام معها المطر على سرير الرمال؟!
أضيف: كما يتفتّقُ النايُ عن اللحن، ينشقُّ الرملُ عن الزهرة...
وأنادي بصوت رهيب يسمعه كُلُّ السواح على "جسر واترلو":...
أهتف: يا أصدقاء طفولتي...
يا أغنام الراعية...
يا أيام المطر في رمال مأرب...
يا روائح الأزهار البرية:
رُدّوا لي وطني...
ردّوني إليه.
وكنت قد وعدت "مايا"أنني سأذهب معها إلى الرمال...
لنبكي سوية عند أطلال الأوطان...
أطلال الأحلام...
قالت: يا لك من محظوظ: لم يزل لديك وطن ودموع...
أما أنا فلا وطنَ لي لأحنَّ إليه، ولا دموعَ لأبكي عليه...
عد إلى وطنك...
رمِّم ذَرَّة الرمل بصوت الناي...
رمِّمها بحميمية الدموع...

لندن-جسر واترلو

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى