أخبار

طلّاب الجامعات اليمنيون على جبهات القتال

يعدّ العام الدراسي الحالي الأسوأ على الإطلاق في تاريخ اليمن. واقعٌ فرضته الحرب التي أثّرت على مختلف القطاعات في البلاد. وتبقى ظروف الطالب في محافظة تعز اليمنية (وسط)، الأسوأ بالمقارنة مع أوضاع الطلاب في محافظات أخرى، علماً أن الدراسة ما زالت معلّقة تماماً منذ بداية العام بسبب الاشتباكات المستمرة، ما أجبر الكثير من الطلاب على ترك كتبهم وأقلامهم وحمل السلاح.

وانخرط مئات طلاب جامعة تعز في صفوف المقاومة الشعبية لمواجهة انقلاب جماعة أنصار الله (الحوثيين) والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، بعدما أغلقت الجامعة أبوابها بشكل كامل مع اندلاع الشرارة الأولى من المواجهات المسلحة قبل ثمانية أشهر. هذا ما يؤكده الطالب سامي عبد القادر (21 عاماً)، المرابط في إحدى جبهات الحرب منذ بدايتها. يشير إلى أن المرة الأخيرة التي ذهب فيها إلى الجامعة كانت قبل الحرب بأسابيع قليلة، وتحديداً في أبريل/ نيسان الماضي، موضحاً أنه كان يجد صعوبة في الذهاب إلى الجامعة بسبب انعدام المشتقات النفطية وتوقف حركة المواصلات. ويؤكد أن الحرب أغلقت أبواب الكليات كونها تقع في محيط المواجهات المسلحة.

يضيف عبد القادر، أن عدداً من زملائه استشهدوا وهم يقاتلون في صفوف المقاومة، ومنهم من جرح، لافتاً إلى أن أكاديميين أيضاً يشاركون في الحرب. أما بقية التلاميذ، فهم إما في منازلهم أو نزحوا إلى القرى والمحافظات الأخرى مع أهاليهم. هكذا، لم يعد التعليم أولوية في هذه الظروف. يتابع: "صحيح أنني خسرت دراستي هذا العام، حالي حال طلاب آخرين، إلا أنني أحاول ألّا أخسر مدينتي إذا تخاذلت في الدفاع عنها". ويتمنى أن تنتهي الحرب في أقرب وقت ممكن ليعود إلى جامعته وينهي دراسته.

من جهته، يوضح الأستاذ في كلية الهندسة في تعز يعقوب الشرعبي، أن توقّف الدراسة في جامعة تعز قد حدث بشكل تدريجي، بعدما عجز الطلاب والكادر التعليمي عن الوصول إلى حرم الجامعة بسبب انعدام المواصلات. كذلك، توقفت الكليات التطبيقية عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي، لينتهي الحال بالتوقف التام مع بداية المواجهات المسلحة. يقول لـ"العربي الجديد": "اندلعت المواجهات في الشوارع والمناطق المؤدية إلى الجامعة مثل شارع الدحي والحصب والضباب، وكان من المستحيل الوصول إلى كلية الهندسة والتربية والعلوم التطبيقية والحقوق، بينما كانت كلية الآداب على مقربة من إدارة الأمن التي تدور فيها المواجهات"، مشيراً إلى أن توقف العمل في الجامعة دفعه إلى مغادرة البلاد، وهذا حال كثير من الأكاديميين.

وتجدر الإشارة إلى أن الحوثيّين تمركزوا في مبنى جامعة تعز في منطقة الجبيل، الأمر الذي دفع مقاتلات التحالف العربي إلى قصف الجامعة بغارات عدة، ما أدى إلى أضرار مختلفة. وحاولت إدارة الجامعة إيجاد بدائل مختلفة للطلاب وتوفير مقرات بديلة كي يستأنفوا الدراسة فيها، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل باستثناء تأمين دراسة بعض طلاب كلية الطب على حسابهم الخاص في الأردن، وانتقال آخرين إلى جامعة إب التي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن تعز.

وبالانتقال إلى جنوب البلاد، وإلى مدينة عدن تحديداً، يبدو أن الطلاب تمكنوا من التغلب على المخاوف وتهديدات الجماعات الدينية المتشددة خلال الأشهر الماضية. وكان تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قد هدد طلاب جامعات وكليات عدن باللجوء إلى العنف، بهدف منع الاختلاط بين الجنسين أو إقامة الحفلات داخل الجامعات أو عدم الالتزام بأداء الصلاة في أوقاتها المحددة. وأكد في بيان أنه عازم على "الضرب بيد من حديد" كل من "يحاربون الله ورسوله بكافة أشكالهم ومظاهرهم". لكن هذا لم يثنِ عدداً من الطلاب عن الذهاب إلى جامعاتهم ومواصلة الدراسة، منهم طالب الهندسة المعمارية محمد فيزان.

لم يأبه فيزان وبعض من زملائه بتهديدات الجماعات المتطرفة، وقرروا الاستمرار في الذهاب إلى الجامعات على الرغم من التهديدات المتكررة وتفجير بعض القنابل الصوتية على مقربة من بعض الكليات واقتحام كليات أخرى. يضيف لـ"العربي الجديد": "شعرنا بالخوف بسبب هذه التهديدات، وخصوصاً الطالبات اللواتي أجبرن على عدم الحضور خوفاً من التعرّض لأذى"، مشيراً في الوقت نفسه إلى تشديد الحراسات أمام الجامعات، ما ساعد على استعادة الأمن نسبياً وعودة الطلاب خلال الفترة الماضية.

وفي ما يتعلّق بتأثير توقف التعليم الأكاديمي لفترات طويلة، يؤكد فيزان أنه من المفترض أن يكون قد أنهى دراسته الجامعية العام الماضي، إلا أن الحرب أرجأت تخرّجه. ولا يختلف الوضع في غالبية المحافظات، على رأسها صنعاء وإب وحضرموت، عمّا هو في عدن، إذ تستمرّ العملية التعليمية وإن كان الإقبال ضعيفاً. فالنزوح الداخلي والخارجي، وارتفاع كلفة التعليم التي زادت بنسبة مائة في المائة تقريباً بالمقارنة مع العام الماضي، أدت إلى إحجام كثير من الطلاب عن الاستمرار في التعليم.
ويرى أستاذ التنمية والسكان في جامعة صنعاء عبد الملك الضرعي، أن كثيراً من الأسر اليمنية أصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزامات التعليم نتيجة تدني معدلات الدخل، مشيراً إلى أن استمرار "مخاوف الطلاب من اشتداد القصف الجوي جعلهم في حالة من عدم الاستقرار".

 

زر الذهاب إلى الأعلى