طواف في كتاب "مصرع الابتسامة" لحميد شحرة
نبيل البكيري يكتب حول: طواف في كتاب "مصرع الابتسامة" لحميد شحرة
يعد كتاب مصرع الابتسامة للباحث والكاتب الصحفي حميد شحرة واحدا من المحاولات البحثية الجادة التي حاول من خلالها أن يقف على تأريخ واحدة من أهم مراحل النضال اليمني الطويل ضد الإمامة والكهنوت، بالوقوف على دور حركة الإخوان المسلمين "المصرية“ في تلك الثورة وهي ثورة 1948 والتي سميت ثورة الدستور.
فقد تمثل دور إخوان مصر بهذه الثورة من خلال دور الجزائري الفضيل الورتلاني مبعوثهم لليمن والذي نسج علاقات قوية مع كل القوى اليمنية وعلى رأسهم الرئيس جمال جميل الضابط العراقي الذي جاء في بعثة عسكرية عراقية لليمن عام 1940 وبعد انتهاء مهمته بقى في اليمن وتزوج بيمنية من أصول تركية، ومثل جمال جميل العمود الفقري لثورة 48 فيما مثل الورتلاني مرشدها الفكري من خلال طروحاته ودوره في تفكيك قداسة الكهنوت والتحريض على الثورة.
يحاول الكتاب هنا أن يركز على نقطة مهمة فيما يتعلق بالدور الرئيسي للإخوان في تلك الثورة، وكشف الستار عن أدوار بعض من اليمنيين الذين انتموا لحركة الإخوان كالمسمري وغيرهم، فضلا عن الهدف الرئيسي من دور الإخوان من تلك الثورة وكيف استطاعوا أن ينسقوا جهود كل القوى اليمنية المناوئة للإمامة في تيار وطني واحد استطاع القيام بتلك الثورة التي كان يستحيل قيامها بسبب حالة الجهل والخرافة المسيطرة على اليمنيين حينها لدرجة قال عنها الزبيري مخاطبا الإمام:
من أين يأتيك العدو وأنت في
بلد تكاد صخورها تتشيعُ
كتاب مصرع الابتسامة بسرديته تلك التي خالفت في بعض تفاصيلها سرديات أخرى فيما يتعلق بتلك الثورة ورجالها الحقيقيين إلا أنها حاولت فتح نافذة لرؤية مغايرة عن تلك الرؤى التي سادت وحاولت إغفال هذه الزاوية المهمة في تلك الثورة التي مثلت النواة الأولى لكل الثورات اليمنية بعدها من 1955 وصولا حتى 26 سبتمبر 1962 والتي صدقت فيها مقولة الرئيس جمال جميل بقوله لحظة إعدامه لإبراهيم يحيي حميد الدين، "حبلناها وستلد“ وهو ما تحقق بعد ذلك.
الكتاب جهد بحثي كبير، وكان بمثابة باكورة وخاتمة أعمال الأستاذ الكاتب والصحفي المرحوم حميد شحرة رئيس تحرير صحيفة الناس، والكتاب يوثق لمرحلة مهمة يجب الوقوف عندها لمعرفة مدى التحولات التي عاشها المجتمع اليمني وكيف قادت نحو تلك الثورة التي أسست وفتحت نفاذة التمرد وكسرت حاجز الخوف والرهبة من أساطير الإمامة.
يكشف الكتاب أيضا عن جزء مهم فيما يتعلق بسبب كل هذا العداء والكره الذي يكنه الاماميون قديمًا وحديثًا للإسلاميين والاصلاحيين اليوم ومعركتهم مع الإمامة والثأر المتبادل ليست وليدة اللحظة وإنما صراع قديم مع هذه الآفة الكهنوتية.
التقط حميد اسم الكتاب من أبيات للزبيري يصف فيها ثورة 48 قال فيها:
أنا راقبت دفن فرحتنا الكبرى
وشاهدت "مصرع الابتسامة"
ورأيت الشعب الذي نزع القيد
وأبقى جذوره في الإمامة
نحن شئنا قيامه لفخار
فأراه الطغاة هول القيامة
عناوين ذات صلة: