الدكتور الراحل محمد الكامل.. كيف رفض إغلاق قسم التاريخ بجامعة صنعاء؟
الدكتور الراحل محمد الكامل.. كيف وقف بطريق إغلاق قسم التاريخ بجامعة صنعاء؟
نعت نقابة أعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء، أمس، الدكتور/ محمد أحمد الكامل، رئيس قسم التاريخ والعلاقات الدولية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية.
وكان الكامل، أحد الأكاديميين الذين خسرهم اليمن مؤخراً وقد وقف في طريق محاولات الإلغاء والتهميش وتهديدات الأغلاق لقسم التاريخ، وغيرها من الاقسام العلمية الخاصة بالدراسات الاجتماعية والأدبية، بحجة قلة الأقبال في الانتساب اليها.
وفي السياق، عاد نشوان نيوز، إلى مقابلة أجراها الكامل مع إحدى الصحف التي يسيطر عليها الحوثيون، في 21 ديسمبر كانون أول 2020، حاول خلالها نقل ما يعانيه هذا القسم نتيجة الأحداث الأخيرة وبعض السياسات الإدارية في الجامعة التي تسببت في انخفاض عدد الأقبال على هذا القسم، رغم الأهمية العلمية التي يمثلها.
وحول سؤال عن أسباب تراجع الأقبال في التسجيل في قسم التاريخ يرجع الدكتور الكامل ذلك بالقول:
"بالنسبة لعدم الإقبال.. بالفعل يشهد القسم وغيره من الأقسام الإنسانية في جامعة صنعاء تراجعاً كبيراً في عدد الطلاب، كان قسم التاريخ من أكبر الأقسام الذي يستوعب عدداً كبيراً من الطلاب، وأحيانا يتم القبول فيه إلى خمسمائة ستمائة طالب، وذلك عندما كانت جامعة صنعاء هي الجامعة الأم والرئيسية، وعندما أنشئت جامعات إقليمية متعددة كجامعة عمران وذمار وتعز وغيرها أنشئ فيها أقسام متكررة،
بل على مستوى قسم التاريخ في جامعة صنعاء نفسها فتحت في فروع جامعة صنعاء في أرحب وخولان والمحويت أقسام متكررة للتاريخ، وبذلك تشتت القبول في تلك الأقسام هذا جانب، وجانب آخر ظهور الجامعات الخاصة ونسب القبول المتدنية فيها لاسيما الأقسام الإدارية المنتشرة في أغلب الكليات وهي التي يجد فيها الطالب جهة تستوعبه للعمل.
وبسبب أن قسم التاريخ لن يغير من برامجه ويوسع آفاقه بحيث يستوعب المتغيرات هذا جانب آخر، ولا ننسى أيضاً أن الوعي المجتمعي حول التاريخ ومفهومه على أنه عبارة عن علم جامد ماض لا يقدم ولا يؤخر وليس له فائدة وهذا ناتج عن مشكلة في الوعي لدى المجتمع. وكذلك عدم وجود مجال لتوعية المجتمع بأهمية التاريخ وهو أساس العلوم كلها ولا من علم ولا حياة ولا نشاط إلا له تاريخ، والتاريخ هو مستقبل وحاضر وليس ماضياً وانتهى.
فالتاريخ متجسد بالحاضر ولكي نفهم الحاضر لا بد أن نعود للماضي، ولنرسم سياسة المستقبل لابد أن نؤسس حاضر على أسس وقواعد نستخلصه من تجارب الماضي، والتاريخ هو مسيرة البشرية والفهم الخاطئ على أن التاريخ سرد قصصي على أخبار أمم مضت ولا داعي له فهذا فهم خاطئ والسبب فيه عدم وجود أدوات ومنابر مجتمعية توضح أهمية التاريخ.. كما لا توجد برامج إذاعية وتلفزيونية وصحفية جدية تريد أن توصل فكرة التاريخ وأهميته للمجتمع فهذا من ضمن الأسباب التي أدت إلى العزوف".
وأكد الدكتور محمد "كان علينا في قسم التاريخ في إطار التطوير الأكاديمي التي تشهده جامعة صنعاء وكلياتها المختلفة، أن نعيد النظر في مقررات قسمنا، بحيث يتناسب مع تلك المتغيرات وذلك بعد مشاورات متعددة ودراسات مستفيضة تم تعديل القسم وإضافة العلاقات الدولية".
"إننا نعاني من فهم قاصر ليس على مستوى الطالب أو على مستوى المجتمع هناك فهم قاصر على مستوى صناع القرار، بأن التاريخ لا يقدم أو يؤخر في المجالات الوظيفية سوى في التدريس، بينما نجد طالب التاريخ في الدول المتقدمة أمريكا بريطانيا ألمانيا مطلوب حتى على مستوى الشركات الاقتصادية لما لخريج قسم التاريخ من خبرة في مجال التاريخ الاقتصادي والمضاربات والأسهم، حتى أن بعض شركات الأسهم توظف أستاذا في التاريخ الاقتصادي لوضع رؤية أمام المضاربات في الأسواق وفقاً لخبرته التاريخية، فيستطيع أن يحدد قواعد تسيّر هذه الحركة.
فالدول تهتم بالتاريخ وتراه مهماً في العلاقات الدولية والسياسية الخارجية وفي المجالات الاقتصادية وتاريخ العلوم كتاريخ الطب وتاريخ الهندسة والتشريعات والاستشارة لصانع القرار لرؤساء الدول والمخابرات فيكون هناك خبرة تاريخية أو معلومات يقدمها دارس التاريخ في مجالات مختلفة. حتى ان لرئيس الدولة أو قائدها مجموعة من المؤرخين والمتخصصين في التاريخ في مناصب المخابرات وكل المجالات.
ومن أهم الجهات التي تستوعب طالب التاريخ هي وزارة الخارجية وزارة الثقافة والسياحة والإعلام ومراكز الوثائق وهيئة السياحة والآثار وجانب التدريس والإرشاد السياحي، ومراكز الدراسات والبحوث، ولذلك نحن حدثنا مواد قسم التاريخ لكي تتناسب مع طبيعة هذا العلم واسع المجالات والبحوث في برامجنا المختلفة".
وفي أجابته عن سؤال اعتزام الجامعة إغلاق أي قسم عدد طلابه أقل من 15 طالباً؟ أجاب "أعتقد أن هذا فيه سوء فهم اجتماعي وليس هناك توجه لإغلاق الأقسام، إنما كان هناك لمناقشة مشكلة تناقص إعداد الطلاب في بعض الأقسام، وبالتالي كان هناك عدة آراء طرحت حول تعليق الدراسة في بعض الأقسام، وهذا لا يصح طبعا نحن لسنا مع هذا لأن جامعة صنعاء وكلية الآداب أم الجامعات والتخصصات والأقسام العلمية يجب أن تكون مفتوحة بما يناظرها من الجامعات الأم الدولية ولا يصح أن يوقف ويغلق قسم حتى لو كان هناك طالب واحد.
ويضيف: هناك حلول وهي أن تغلق الأقسام الفرعية يعني قسم التاريخ في الكليات الفرعية لا داعي لها ويجمع الطلاب إلى قسم التاريخ الأم في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وبالتالي نحد من مشكلة التدني وهذا من أسباب تدني القبول وتشتت الطالب في أقسام أخرى".
عناوين ذات صلة: