آراء

العيد ولبس الجديد

عادل الأحمدي يكتب: العيد ولبس الجديد


عيدكم مبارك يا أحبائي. حدّقوا في الصورة.. هذا هو الشال نفسه الذي عيّدت به عيد الأضحى والفطر الماضيين. والمعوز نفسه الذي أهدانيه الصديق العريق عبدالرزاق الحطامي قبل سنة وشوية.
لا أذكر بالضبط متى آخر مرة اهتميت فيها بشراء ملابس جديدة لي في العيد. وطيلة 20 سنة وأم أسامة تحاول تغيير هذه العادة لدي ولا جدوى. وفي مرات عديدة كانت تشتري لي بعض الملابس بالصميل.
للعيد في قلبي ذكريات ذابحة جعلتني آخر واحد يهتم بشراء الجديد لنفسه، وأدري أن لبس الجديد سُنّة مستحبة، بل كانت هي العيد كله في نظري يوم كنت صغيرا.
السبب ليس ضيق ذات اليد والحمد لله، لكنني لا أقوى على النظر في وجه طفل يرتدي ملابس بالية في يوم عيد وأنا ألبس الجديد.. وتخنقني الدمعة كلما فكرت في مشاعر أب لا يستطيع شراء كسوة العيد لصغاره.
لظروف قاهرة، عشتُ أبوّة مبكرة وكنت المسؤول عن كسوة إخوتي وكثيرا ما أصل لهم بالكسوة للقرية في إب بعد صلاة العيد بساعات وأحيانا قبل الظهر، لظروف قاهرة أيضا.
ذات عيد، وأثناء وصولي من صنعاء، كان إخوتي ينتظرونني جوار مدرسة الوادي على بعد كيلومترات من البيت، وما إن وصلت السيارة حتى احتضنوني بدموع والله لن أنساها ما حييت.
خلال تلك الفترة لم أكن أكتسي أنا وأبي حفظه الله، إلا من سوق الحراج، كنا نؤْثر الصغار، ولذا كانت أثواب العيد الحراجية مخالفة لمقاسي في الأغلب؛ الياقة العريضة أو الأكمام الطويلة أو الاتساع الذي لا يستره لبس العسيب. لكنني كنت حريصا على أن يكون الشال والفنايل الداخلية، جدداً بقراطيسهن.
كل هذا قبل أن تأتي الجائحة التي جعلت من الكسوة حلماً عند الكثير من الأسر، وسبحان علّام البيوت.
العيد امتحان صعب لآدميتنا.. اليوم، ثمة شريحة واسعة من الأمهات يسمحن لأبنائهن بارتداء الجديد ليوم أو يومين فقط في عيد الفطر ويقمن بغسلها وكوايتها وحفظها للعيد الكبير.
العيد هو الأطفال والأرحام، فمن استطاع أن يصنع لهم فرحة فقد دخل الجنة بصنادل.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى