إبراهيم الحضراني وحفل صعدة المؤجل
سلطان مشعل يكتب: إبراهيم الحضراني وحفل صعدة المؤجل
الشاعر الثائر إبراهيم الحضراني بتلك النظرة الثاقبة، والرؤية الفاحصة والعمق في التوصيف والدراية في التشخيص سبق النظام السياسي وتجاوز صناع القرار ووضعهم في الزاوية الضيقة، وكشف ضحالة وضآلة التفكير السياسي لدى تلك النخب التي تصدرت المشهد السياسي وصناعة القرار في البلد بطريقة أو بأخرى.
تلك الوحدة التى جسدها الحضراني في قصيدته الخالدة وملحمته الرائعة (لقاء الأحبة).
فلأنه كان ولابد لأهل اليمن من أن يجتمع شملهم ويتوحد صفهم وتلتقي وجوههم. هذا اللقاء المتمثل بوحدتهم هو قدرهم ومصيرهم وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم. وهو أُسُّهم وأساسهم وأصلهم وفصلهم. ووحدتهم هي قيمتهم الكبرى وواجهتهم المثلى.
والجميع يعرف أنه لابد من حفلة كبرى، ومهرجان عظيم ولقاء موسع لإشهار حدث الوحدة اليمنية وبعثه من جديد. فشبه ذلك بعرس يمني أصيل تلتحم فيه صنعاء بعدن (حسناء وحسان).
ويحضر الجميع احتفاء وابتهاجا، فرحا ومرحا رقصا وبرعا. وقد وصف ذلك الحفل ب(الطنان) لعظمته وعظمة الحضور، وما صاحب ذلك من كرم وضيافة وتنوع الفعاليات المعبرة عن البهجة والفرحة.
وقد عبر عن ذلك بالماضي لتحققه مستقبلا، واختياره صعدة مكانا لذلك العرس وتلك اللحمة وذلك الابتهاج العابر للزمن هو الملفت والمعجز.. وهي إشارة لمدى أهمية الأطراف لديمومة المركز، لأن التفريط في الاطراف (ومنها صعدة) كلها أو بعضها، يؤذن بانهيار المركز وتفكك البلدان وخراب العمران.
والحري بنا أن نقف عنده ونعطيه حقه. فهنا الحضراني وعبقريته وهنا الحضراني وعمق النظر وهنا النقاط على الحروف.
وكما هو دارج في الأعراف السياسية أن الاتفاقات المهمة والبرتوكولات الأهم يختار مكان توقيعها وبرنامج إشهارها بعناية كبيرة لرمزية ذلك المكان، وما يمثله من أهمية بالنسبة لفرقاء مثل هكذا اتفاق، وما ذاك إلا لمعرفته جيدا بالتاريخ اليمني المتربع على الجغرافيا اليمنية، لأنه لا تاريخ بدون جغرافيا ولا جغرافيا بدون تاريخ، والفصل بينهما جهل وعبثية واستهتار.
تلك الوحدة التى ارتآها وحدة الارواح والقلوب والفن والحب والجغرافيا والخصوصيات وتخيلها وصورها في قصيدته الخالدة (لقاء الاحبة) بقيت حلما لليمنيين. فسفرهم إليه مستمر، ولابد من الوصول.
بينما الوحدة التي حققها معشر السياسيين بغير نظر ودراية ولا تحقق رواية. وبدون النظر لتاريخ ولا جغرافيا.. ذهبت.. نعم ذهبت الوحدة بصورتها تلك وانفرط عقدها.. بل وذهبت صعدة معها، لأن ذلك المعشر غلبت نظرية (الخراج) على التفكير والتفكر لديهم في النظر للجنوب وصعدة تحديدا.
وبالفعل تطلعات (الخراج) غلبت وطغت على اعتبارات التاريخ والجغرافيا والإنسان. وزاد الطين بلة أن الإنسان الذي تم تجاهله من (المعشر) هنا وهناك، نأى بنفسه عن التعامل مع الحدث بالشكل الصحيح.
لكن بنزر يسير من المسئولية وبمغادرة مربع (الدكاكين) ستكون الأمور أفضل وستسقط اخيلة أصحاب (الخراج). فتحقيق الوحدة من المعشر منجز لا ننكره ولا نجحدهم، لكن الإشكال في (الكلفتة) فقد رسخت تلك (الكلفتة) وذلك الأسلوب ثنائية الواحد وتجاهلت أهمية صعدة على الصعيد الوطني فتُركت مساحة شاغرة في جدار اليمن الكبير.
بينما الوحدة التي يفترض أن اتفاقاتها وقعت بصعدة في (لقاء الأحبة) قد رسخت واحدية الاثنين، وأعطت لصعدة رمزيتها ومكانتها الوطنية وكون ذلك لم يتم، لا يعني أنه ليس ممكنا حدوثه.
ف حية خالدة زكية مباركة للشاعر إبراهيم الحضراني وتحية للفنان أيوب طارش الصادح دوما ب: لن ترى الدنيا على أرضي وصيا، وب: لقاء الأحبة، وغيرها من الملاحم الوطنية. وحتما ستظل اليمن ولادة بخيرها وعظمائها.
عناوين ذات صلة: