اهتمامات

كتاب "الإمامة وخطرها على وحدة اليمن".. مقرر للتربية الوطنية

عفراء صائل تكتب: كتاب "الإمامة وخطرها على وحدة اليمن".. مقرر للتربية الوطنية


أثناء دراستي الابتدائية والإعدادية لمادة التربية الوطنية لطالما طرحت على والدي السؤال التالي:
لم لا تستبدل وزارة التربية والتعليم كتاب التربية الوطنية بكتاب القاضي الزبيري "الإمامة وخطرها على اليمن" أو تُدرس أجزاءً منه ضمن المنهج؟

لم لا يرى طلاب صفنا الصور ذاتها التي رأيتها في هذا الكتاب في كتاب التاريخ لئلا ننسى؟

كنت وقتها لم أبلغ الخامسة عشرة بعد وفي مكتبتنا كان هناك كتابان يضعهما والدي على الدوام في حافة المكتبة ليكونا في متناول أيدينا وهما "كتاب جمهورية أفلاطون"، وكتاب "الإمامة وخطرها على اليمن". في الكتاب الأخير وفي ذاك السن، لطالما شاهدت ملحق الصور الذي نشر فيه، في المرة الأولى من مشاهدتي لتلك الصور بكيت.

ولاحقاً وفي أول قصيدة قرأتها للزبيري وكانت بعنوان "الخروج من اليمن.. السجن الكبير"، -والتي وعلى غير عادة ذاكرتي ما زلت أتذكر أبياتها الأولى حتى اليوم- بكيتُ أيضاً لكني وجدت في انتصارات تلك المرحلة وفي الإطاحة بالإمامة العزاء لنفسي وبقيت في كل إذاعة مدرسية أقدمها سواءً في المناسبات الوطنية أو في غيرها استخدم قصائد القاضي محمد محمود الزبيري في التقديم.

فبالنسبة لي ولا سيما في عمري ذاك لطالما كان القاضي الزبيري رمزاً للثورة، وصاحب الضمير الذي نقل إليَّ مع كل قصيدة شعوره في كل مرحلة وجزءاً مهماً من تاريخ البلد، التاريخ الذي يعيد نفسه اليوم مُلقياً بجهود الكثيرين كالقاضي الزبيري وغيره خلف ظهره.

التاريخ يعيد نفسه اليوم، وتعود معه الإمامة دون أن تُكلف نفسها عناء إضفاء بعض التحديثات على نفسها.. فيعود "سكان اليمن الأعلى وكأنهم طبقة حاكمة تحتكر الحكم لنفسها وتجعل من اليمن الأسفل مجرد مجال حيوي لها"، "لتفرض عليهم إلى جانب السلطة السياسية سلطة روحية" ليعاني اليمنيون بعدها من استبداد الحاكمين وما وصفه القاضي الزبيري أيضاً "بالعبودية الاجتماعية" والتمييز بين أبناء الشعب وهذا ما لا يمكننا إنكاره في المرحلة الحالية، وأيضا "العبودية الروحية المتمثلة في الأوهام الزائفة" التي تعمل الإمامة على توكيدها ونشرها بين أبناء الشعب،

وتعتمد عليها أيضاً في وصولها للحكم وإثبات أحقيتها في التفرد به بأمر وتولية، مفتراة، من الله لأهل بيت رسوله وتحت الشعار المأثور "من أحبنا أهل البيت فليستعد للبلاء جلبابا" كما ذكر القاضي محمد الزبيري في كتابه..

وكما نعايش ونلاحظ اليوم فعلى سبيل المثال إن أخذنا كتب "الثقافة الوطنية" التي تُدرس اليوم في الجامعات سنقرأ كماً هائلاً من محاولات الترويج للأوهام والمعتقدات الزائفة في الأوساط الطلابية والتي إلى حدٍ ما غير محصنة تجاه هذه الأفكار لأسبابٍ عدة أهمها غياب التنبيه والتحذير والتأكيد على شدة خطورتها -سواءً في مناهج التربية الوطنية أو التاريخ في المراحل الابتدائية والإعدادية- على المجتمع اليمني عموماً.

كما يذكر القاضي في كتابه مقولة الإمام الشهيرة
"من مات فهو شهيد ومن عاش فهو عتيق". وهذه إحدى أهم سياسات الإمامة سابقاً واليوم "سياسة التجويع" وحمل الناس أيضاً على الزهد في انتظار رمان الإمام وعنبه في الجنة، في الوقت الذي يبني الإمام فيه قصره ومسجده وهذا ما يحدث اليوم أيضاً، بعدم تسليم رواتب المواطنين تحت ذرائع عدة، ورفع أسعار البترول والغاز والحبوب والمواد الغذائية وأخذ الإتاوات من أصحاب المتاجر والمشاريع الصغيرة والكبيرة كمجهودات لحروب لم نرد خوضها إطلاقاً في الوقت الذي تُخصص للمسؤولين والمتنفذين من أبناء الإمامة محطات مخصصة لهم لتعبئة البترول والغاز، ورواتب شهرية مصاريف يومية وحوافز وصفقات وشقق وفلل وسيارات فاخرة.

باختصار شديد، ما دونه الزبيري في كتابه هو تاريخ وما لا يمكننا تلخيصه إطلاقاً هو التاريخ لكن وفي رأيي الشخصي الحقيقة المطمئنة والأهم حتى وإن عادت الإمامة وتفشت، لابد لزبيري آخر أن يظهر، ولأحرار آخرين أن يثوروا مهما طال الزمن.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى