شعر وأدب

الشاعر ياسين البكالي.. القصيدة وضحاها

ثابت الأحمدي يكتب حول الشاعر ياسين البكالي.. القصيدة وضحاها - قراءة في سفر رائعته التاريخية "المتوضئ بالدم"


في مسامات الحروف الإبداعية أحيانا ما في بواطن الذات الإنسانية من لحظات التجلي وساعات المكاشفة والتواجد، مع أن هذا الحروف هي ابنة هذه اللحظات بتجلياتها الروحية الخالصة.

ياسين والفجر.. هكذا يبدوان في متلازمة تخيلية، أدبي اللغة، فلسفي الرؤية، لمن يبحث عن المعنى وظل المعنى. لا.. بل عن المدلول في أفقه الواسع، باعتبار المدلول أوسع أفقا من المعنى، وفقا لنظرية النظم للجرجاني إمام البلاغة العربية، أو هكذا يبدو لي الأمر..

ياسين وصبحه الشارق.. عمود ضياء يجر خلفه مجرة هائلة من حشود المعاني وعناقيد الفكر، تتجاوز المنظورات في مفهومها السطحي إلى اللامرئي من عوالم أفكاره المتدفقة.

ياسين والضحى.. عالم مستقل بذاته، ليس مجرد شاعر فحسب، ينظم القريض، ثم يلقيه على قارعة المسير، مقولبا أفكاره وصوره الشعرية. إنه روح قادمة من وجع ممتد، وشهقة طويلة، على محياه قلق المصير ودهشة العابر..

في "المتوضئ بالدم" يعري حلمًا شيطانيًا في معبد هندوسي، حين خيم "الرجيم" على قلب المعتوه بداخل الكهف المظلم، ليعلن بعد ذلك على الملأ في خطبة بلا جمعة أنه الرب الأعلى وسيد الثقلين..!!
أدعو وبتحيز كبير لطيافة ممتعة مع هذه القصيدة الاستثنائية..

المتوضئُ بالدم

أبى أن يصلي لهذا البلد
فأسبتَ ثم أتى في الأحد

توضأ بالدم صلى لمن
دنى فتدلّى له فابتعد

وكان الرجيمُ على قلبه
يؤرجح ما بين أمسٍ وغد

وقام خطيباً بلا جمعةٍ
فجمّعَ فيه خطايا الأبد

وأدلجَ في غابة الانحناء
ومن حوله ألفُ عبدٍ وعبد

وزنبقَ كل جيوش الحصى
على كفِّ ريحٍ تحثُّ الزبدْ

أكان الذي؟ كيف صار الذي؟
بناءً على ما جرى يُعتَمد

ولم تدر صنعاءُ أو غيرُها
من الشبلُ؟ من يا تُراه الأسد؟!

وأدركَ عيبانُ أن الردى
على أرض مرّان شدّ الوتد

وسالَ الصديدُ على نفسه
وظل علي بين جزرٍ ومد

وكانت بمرّان أفعى الدجى
تُفقّسُ بيض الأسى والنكد

ونملُ الشهيةِ من فارسٍ
إلى جُحرها يستحثُّ المدد

تشهّى الركوعَ لبوذا فما
أتمّ الإقامةَ حتى سجد

وأمَّ إلى حيث تزني الجباهُ
بخبز العباد وأمن البلد

إذا وجّهَ الابنُ سهمَ الخنا
لمن أرضعتْهُ فبئس الولد

فحيناً على صدرِها يرتمي
وحيناً على لحية المُعتقد

على رملة السبعتين التقتْ
خطايا الخطايا بشكلٍ مُعَد

تولّى إمامٌ وولّى غلامٌ
وجُرذٌ تنحّى وجرذٌ صعد

ستعلو على قهقاتِ المُدى
رصاصُ المكلا ونارُ العند

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى