آراء

كلمة رئيس الوزراء الاستثنائية بديوان محافظة عدن.. خارطة عمل وأسلوب خطاب

د. عبدالباقي الحنك يكتب: كلمة رئيس الوزراء الاستثنائية بديوان محافظة عدن.. خارطة عمل وأسلوب خطاب


في اللحظات الحاسمة والظروف الاستثنائية، يكون الناس أحوج ما يكونون إلى تحمل المسؤولية، وفي ظل الأزمات والتطورات المؤسفة في اليمن، يبقى الحد الأدنى من المسؤولية هو تحقيق المصالحة داخل الصف الوطني المناهض للأطماع الإيرانية، ووضع المعالجات الملحة من قبل الحكومة في الملف الاقتصادي بما يقوي الدولة ويعزز أبطال الجيش والمقاومة.

وعلى الضد من المزايدات التي ظهرت هنا وهناك، أعتقد أن كلمة رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، في اجتماع السلطة المحلية بعدن، اليوم، يستحق وصفه بـ"الاستثنائي" و"القوي"، بما احتواه من رسائل بدءاً بالوضع الاقتصادي مروراً بالجوانب العسكرية والسياسية. وقد يقول قائل إن الحكومة فشلت، وأن إيقاع الأزمة الاقتصادية سريع ومخيف، في ظل ظروف نعلمها جميعا، ويبدو واضحا أن الحكومة تدفع فواتير أخطاء حكومات سابقة وواضح أنها تبذل جهدا دؤوبا لمعالجة الاختلالات ومواجهة المستجدات بدون ضجيج ولا تسجيل بطولات.

في ظل هذا الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه المواطن مضافا إلى معاناته اليومية بسبب الحرب التي أشعلها الانقلاب الحوثي، جاءت كلمة الدكتور معين عبدالملك لتبين أن ثمة رؤية واضحة ومسؤولة لدى الحكومة لمعالجة الاختلالات تحتاج لإسناد شعبي ورئاسي وكذلك من قبل التحالف الذي لم يقصر مع اليمن في كافة المنعطفات الصعبة.

وبصورة عامة، أستطيع أن ألخص المضامين والدلالات التي تستحق الوقوف معها والإشادة بها، في النقاط التالية:

- تضمن الخطاب، تركيزاً على جوهر المشكلة اليمنية المتمثل في الجانب السياسي واصلاح الشرعية من الداخل عبر العمل المؤسسي ودعم المؤسسات والعمل بروح الفريق، وتعزيز الثقة ورفع المعنويات بالكفاح والقتال من أجل الحرية وصناعة السلام بالقوة.

- الحديث عن ضرورة المكاشفة والمصارحة والشفافية المالية من الوزير المختص، وعن إجراءات إدارية استثنائية لمواكبة سرعة المتغيرات والحاجيات وضرورة الاستجابة لها بصورة فورية بعيدا عن البيروقراطية الإدارية سيما المالية وهي إشارة للأجهزة المالية ومسؤوليها لالتقاطها.

- أحسن رئيس الوزراء ربط السياسي بالاقتصادي بالعسكري وبث الأمل وتعزيز روح الصمود والثقة بالنصر عبر الإشادة بمأرب بوابة النصر لليمن عموما. وإطلاق مناشدة مهمة للعالم الخارجي وخاصة رعاة اتفاق الرياض بسرعة الدعم، والتحذير من مخاطر كارثية تترتب على التأخير في الدعم الاقتصادي.

- اظهر استيعاباً مهماً لواقع الناس المعيشي ومآلاته الخطرة. واستشعارا بالمسؤولية تجاه معاناة المواطنين المتفاقمة، ورؤية للمعالجات الملحة على المستوى القريب والبعيد.

- وجه الدكتور معين خطابا واضحا لمراكز القوى والنفوذ وإعاقتها لجهود الحكومة وما سيتم عمله لمواجهة ذلك، كما تضمنت الكلمة التي ألقيت في ديوان محافظة عدن، نبرة التحدي لمواجهة قوى الشر المتنوعة عبر عزم الحكومة الصمود والعمل من عدن والاستعداد للتضحية بالروح والاشادة بتضحيات المواطنين بأرواحهم واستعداد الحكومة لاجتراح مثل ذلك واستصغار تضحياتها مقابل تضحيات المواطنين التي قدمت فداء للوطن.

- حث أعضاء الحكومة للارتقاء إلى مستوى الحدث كحامل سياسي وممثل لقوى الشعب الحية وضرورة التلاحم وتجنب الصراعات لانجاز استحقاقات اقتصادية وعسكرية وأمنية عاجلة وملحة.

- إشادة ذكية بتضحيات تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية والمطالبة بدعم عاجل في الوقت نفسه.

- حرص على عمل الحكومة في إطار توجيهات الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في محاولة تعزيز الإرادة السياسية وتوحيد الجهود للتغلب على التحديات.

- تضمن الكلمة قضايا عادة أخرى تناولها د. معين تلميحا وتصريحا كدعم الجيش وضرورة عمل اصلاحات وتقييم أوجه الصرف، وكذلك الحديث عن اختلالات وأخطاء حدثت بالسابق، والشروع في إصلاحات يتطلبها الوضع والداعمون في محاولة استعادة ثقةالمجتمع الدولي وتقوية الدولة ومؤسساتها.

- إشارة ذكية لوضع عدن الخاص ومتطلبات ذلك في كل الجوانب في محاولة لكسب موقف القوى الموجودة على أرضها إلى جانبه.. والحقيقة أن سياسة رئيس الوزراء تترجم ذلك التفهم، فهو يحافظ على وجود الدولة في عدن دون ضجيج ويعزز حضور مؤسساتها دون عنتريات، ويرسخ منهجا حكيما في حلحلة الخلافات وتفكيك المشكلات وتمتين الثقة مع المجلس الانتقالي بصيغة متنامية، رغم وجود مراكز قوى تعمل في الكواليس على افشال أية معالجات حكومية غملا في إسقاط الحكومة دون أن تلقي بالاً لمعاناة المواطنين، وواضح من كلمة الدكتور معين، كما أسلفنا، أن الحكومة ستتعامل مع تلك العراقيل بحزم وأنه ليس أمامها سوى النجاح.

- تثمين النجاحات الأمنية التي حصلت والجهود الكبيرة التي يقوم بها المحافظ أحمد حامد لملس.

- الإشادة بقوة هذه الحكومة وتمكنها كأول حكومة تقوم بإحالة احالة ملفات فساد تتعلق بجهات عليا عبر الاجهزة الرقابية والاستعداد لعمل اللازم.

- كشف رئيس الوزراء استعداد الحكومة للعمل بآليات مختلفة بما في ذلك تغييرات إدارية وتطوير الاساليب في محاولة لاستجابة عاجلة للتحديات المتسارعة والارتقاء إلى ما يفترض أن تكون عليه حكومة الحرب التي ضحت في أول أيام قدومها إلى عدن وتعرضت لاستهداف شرير بالصواريخ البالستية من قبل المليشيا الحوثية.

***
ختاما.. نشد على يد رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك وكل رجال الحكومة الشرفاء، ونقول لهم إنهم في سباق مع عجلة إفساد ترقص رقصتها الاخيرة، ونشيد بكل خطوة وموقف شجاع، وباعتقادي أن الوضع كان يمكن أن يكون أسوأ لو لم تقم الحكومة بما قامت به من خطوات متواضعة منذ عودة رئيس الوزراء، في ظروف يعلمها الجميع.

لا مجال للتوقف أمام الأشواك والعراقيل التي توضع هنا وهناك بل ينبغي الدوس عليها والمضي قدما.. هناك مسؤولية وتحدٍ، وأختم بالتأكيد الذي أورده رئيس الوزراء ويشدد فيه أن أي تأخير في الدعم الاقتصادي يضاعف الكلفة.. وكلنا ثقة بأنكم لن تخذلوا اليمنيين في هذه الظروف الصعبة.

اقرأ أيضاً: معين عبدالملك بخطاب هام: مطلوب دعم اقتصادي لليمن والتأخير كلفة مضاعفة

زر الذهاب إلى الأعلى