آراء

الصحفيون المختطفون.. أهلاً أحرار الجمهورية

عبدالله المنصوري يكتب بمناسبة إطلاق سراحهم في اليمن: الصحفيون المختطفون.. أهلاً أحرار الجمهورية


بعد 7 سنوات و10 أشهر وبضعة أيام، أرى أخي البطل توفيق، وزملائي/رفاقه الأبطال عبدالخالق عمران، حارث حميد وأكرم الوليدي، بيننا ومعنا بأجسادهم، دون أن أرى صورهم في بوسترات وتصاميم تحمل أسماءهم وتاريخ اختطافهم ومعلومات معاناتهم في سجون السلاليين التي ذاقوا فيها صنوف التعذيب الممنهج، كانت آخر فصولها قبل شهور على يد الإرهابي عبدالقادر المرتضى.

 

حمدًا لله دائمًا وأبدًا على سلامتكم أيها العظماء.

 

الشكر الجزيل لكل الأحرار، مدافعي حقوق الإنسان ومناصري حرية الرأي والتعبير الذين لم تتوقف تضامنهم وجهودهم ومتابعاتهم القضية للوصول إلى هذه اللحظة التي يعجز فيها الكلام عن الكلام.

لا أدري ما أقول عن قرابة ثمان سنوات، قضوها في سجون الظلم والقهر والتعذيب! وربما كانوا سيقضون ضِعفها لو لم تأتِ إشارة قبول الصفقة من طهران. فطوال هذه المدة، التي بدأت في 9 يونيو/حزيران 2015، فشلت كل الجهود والمساعي بمختلف الوسائل والوساطات للإفراج عنهم، سواءً على المستوى الشخصي أو المهني أو الإنساني أو القبلي أو الأممي، باءت هذه المساعي بالفشل، رغم ثِقلها حقوقيًا على الجانب الحوثي، وتصاعد ضغط الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي للمطالبة بالإفراج عنهم.

لكنها إيران التي تُجيد استخدام أدواتها بشكل مرسوم لخدمة أجندتها وأهدافها، إذ أدركت مبكرًا أن هذه العصابة لن تعصي أوامرها ولن تجرؤ على مخالفة حرف واحد من فرماناتها المرسلة من قُم وطهران، وبالفعل فشلت كل التحركات المحلية والخارجية للإفراج عن هؤلاء الصحفيين وغيرهم من السياسيين والأكاديميين والطلاب والعسكريين والناشطات والأطفال، وآخرين من الذين تمتلئ بهم سجون هذه الميليشيات الإرهابية منذ اليوم الأسود والمخجل، 21 سبتمبر/أيلول 2014.

صحيح أن فرحتنا تتجاوز هذه الاستدلالات والأحداث السياسية حاليًا، ولكن لا يجب أن يغيب عنا التذكير عمومًا، وتذكير هذه المليشيا خصوصًا بما فعلته بأبناء شعبنا إرضاءً وتنفيذًا لمشاريع دخيلة، كان ضحاياها يمنيون من مختلف المناطق والقرى والأرياف والمدن، ومن كل التوجهات والانتماءات السياسية.

لم تصل إلينا هذه الفرحة إلا بعد انتظار طويل ومعاناة لا تصفها الكلمات وصيغ التعبير، عشتها مع أسرتي وأسر زملائي الصحفيين طيلة اختطافهم، ومن هؤلاء من غادروا الحياة كمدًا وقهرًا وحزنًا على فلذات أكبادهم، كما هو الحال مع والدي ووالد الزميل عبدالخالق وأيضًا والد الزميل حارث، رحمهم الله وتقبلهم في جناته، الذين لن يكونوا ضمن المستقبلين والمبتهجين بسلامة عودة الأبناء التي طال انتظارها. فرحة مبتورة، ولا شيء غير وقع الصدمة. هكذا ستكون، أو هكذا أرادتها ميليشيا الحوثي لنا ولأغلب اليمنيين.

قرابة ثمان سنوات، فيها ما فيها من آلام وأوجاع وأحزان وأساليب تعذيب جسدية ونفسية طالت أخي توفيق وزملاءه، وبالتأكيد سيحتاجون رعاية صحية عاجلة، ولفترة طويلة، وأما أعمارهم المعصورة بالألم والمعاناة والمنهوبة في زنازين الجماعة الإرهابية، فلن تُعوّض ولن تُنسى، لكننا سنحتفظ بالحق القانوني في ملاحقة كل مرتكبي جرائم الاختطاف والتعذيب والإخفاء القسري، وسنعمل مع كل أحرار العالم بكل السبل؛ لضمان المساءلة وعدم إفلات المجرمين من العقاب. ومن المهم جدًا أن يعمل الجميع بجدية على حماية الآخرين من التعرض لنفس التجربة المروعة والمؤلمة.

أخيرًا، هؤلاء الصحفيون ليسوا كل المختطفين في سجون المليشيات الحوثية، بل لا يزال المئات من المدنيين والسياسيين والعسكريين رهن الاختطاف والاحتجاز وعلى رأسهم الهامة الوطنية الأستاذ محمد قحطان، والقائد البطل اللواء فيصل رجب، الذي يشكل بقاؤهم في سجون هذه الجماعة الإرهابية عارًا في جبين الإنسانية والمجتمع الدولي، والذي من الواجب ممارسة مزيد الضغط لإطلاق سراحهم فورًا دون قيد أو شرط.

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: مأرب تستقبل 89 محتجزاً لدى الحوثيين بينهم 4 صحفيين

زر الذهاب إلى الأعلى