خوارزميات فيسبوك لتصنيف المحتوى وهل نستطيع أن نخدعها؟ القصة الكاملة
خوارزميات فيسبوك لتصنيف المحتوى وهل نستطيع أن نخدعها من خلال الحيل المستخدمة لتجاوزها أو تقطيع الكلمات والتلاعب بكتابتها - القصة الكاملة، كتب: رياض الأحمدي
يثور الكثير من الجدل، في أوساط رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية على وجه خاص، على خلفية ما تم تداوله من منشورات حول خوارزميات فيسبوك وفي ظل السياسية المتشددة لشركة ميتا على خلفية الأحداث في المنطقة العربية.
ومنذ الأيام الأولى للتصعيد، وحتى قبل ذلك، رصد "نشوان نيوز" محاولات التهرب من الخورزميات التي تؤدي إلى عقوبات ضد الحسابات والصفحات، بما في ذلك تقطيع الكلمات، مثل كتاب كلمة فلـ سـ طين، أو حتى كتابة الكلمة مع خطأ إملائي، على غرار كلمة الحوثي لتكون "الحوتي"، أي التلاعب بالنقاط، وحتى كتابة أجزاء من الكلمة فقط.
المرحلة الثانية، التي أثارت لغطاً عن طريق أفكار وحيل يدعي مروجوها أنها تؤدي إلى إيقاف الخورازميات. هذه الأفكار بدت أحياناً كما لو أنه عملية "شعوذة"، وخصوصاً تلك التي تزعم أن نشر كلمات أو رموز، يؤدي إلى وقف فلاتر رقابة موقع فيسبوك وانستغرام، تلك المواقع التي استخدمت آليات لتهميش الحسابات أو الصفحات التي تضم محتوى مناصراً للقضية الفلسطينية، أو في مسائل أخرى.
وتداول المستخدمون نشر العديد من المنشورات التي تبدأ بهضخا بسطر يقول إنه "تم التأكد للجميع بأن موضوع الخوارزمية طلع صحيح.. على فيسبوك وانستجرام"، وأبعد من ذلك، تنقل المنشورات المتداولة، التحذير بأنه "يُرجى الانتباه إلى أن اليوم هو الموعد النهائي. إذا لم تنشر هذا البيان ولو مرة واحدة على الأقل، فإنك توافق ضمناً على استخدام صورك والمعلومات الموجودة في تحديثات ملفك الشخصي".
إذن ما حقيقة ما يُنشر عن خوارزميات فيسبوك وعن الحيل السحرية لتجاوزها؟
للإجابة على هذا السؤال، يوضح خبراء تحدث إليهم "نشوان نيوز"، أن القضية يمكن تقسيمها إلى زاويتين، وهما الأولى الخاصة بتقطيع الكلمات أو كتابتها بطريقة خاطئة، والثانية تلك التي تخص نشر منشورات الخوارزميات وما تضمنها من أكواد ومزاعم.
هل نستطيع أن نتجاوز خوارزميات فيسبوك بتقطيع الكلمات أو تمويهها؟
فيما يتعلق بهذا الجزء، يقول الخبراء إن فعالية تقطيع الكلمات أو إدخال أحرف إنجليزية فيها، أو كتابتها بتغيير بعض الحروف أو حذفها أو التلاعب بنقاط الأحرف العربية، يعتمد على نوع الفلاتر المستخدمة في فيسبوك وأي منصة على الانترنت.
إذ أنه إذا كانت هذه الفلاتر حرفية، فإن الحيلة يمكن أن يكون بعض الجدوى بالتهرب من العقوبات الخاصة بالكلمات المحظورة أو بأسماء الجهات والتنظيمات والأشخص المصنفين في قوائم خطرة، مثل التنظيمات الإرهابية والشخصيات المتهمة بارتكاب أعمال عنف، وجماعات مثل حركة حماس أو حزب الله أو الحوثيين أو غيرهما.
إما في الحالة الأخرى، وهي اعتماد الخوارزميات على الذكاء الاصطناعي الذي بات مستخدماً على نطاق واسع في أبرز المنصات، فإن تقطيع الكلمات أو حذف بعضها أو أي من الطرق المستخدمة في الحالة الأولى، لن تجدي نفعاً في أغلب الأحوال. بمعنى أنه؛ حتى لو كتبت منشوراً لم يتضمن كلمة حماس أو أي عبارة محظورة، يمكن للذكاء الاصطناعي، فهم طبيعة الموضوع أو المحتوى، من خلال السياق، ومن ثم تصفيته أو تصنيفه.
اختبر "نشوان نيوز"، هذا الطريقة بطرح أسئلة على كلٍ من جوجل بارد - نموذج الذكاء الاصطناعي لشركة جوجل ونظام شات جي بي تي، عملاق الذكاء الاصطناعي لشركة أوبن إيه أي، هذه الأسئلة تتضمن عبارات مموهة أو حتى مُحرفة، ولكن كانت الإجابة تشير إلى أن Bard AI - Google و ChatGPT ، يمكن أن يفهما المقصود، بتفهُّم الخطأ وليس الالتزام بالنص حرفياً.
على سبيل المثال، عند سؤال جوجل بارد عن حركة "سماح"، جاء الرد ليؤكد أن النموذج اللغوي قد فهم قرأ الكلمة في سياق الكلمة التي سبقتها "حركة"، وأن المقصود هو حماس، لذلك جاء في الإجابة "إن الصراع في إسرائيل وغزة معقد ويتغير بسرعة. للاطّلاع على آخر الأخبار، استخدِم "بحث Google".
في المقابل فإن شات جي بي تي، لم يقم بالرد حسب السياق، لكنه مع ذلك يقوم بتصحيح الكلمة الخاطئة وبالتالي يفهم سياقها، كما تظهر لقطة الشاشة التالية عند السؤال عن حركة "حمس"، بحذف حرف "ألف".
إذن هل ينفع تقطيع الكلمات في فيسبوك؟
الجواب نعم ولا، في آن واحد، أي أنه في حال قراءة خوارزميات فيسبوك للكلمات بشكل حرفي، فإن ذلك يمكن أن يخفف من الحكم على المحتوى، وفي ظل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، يمكن للخوارزميات تصنيف المنشورات وتحديد توجه المحتوى من خلال السياق وليس بالضرورة الكلمات.
وماذا عن خوارزميات فيسبوك والمنشورات المتداولة؟
الجزء الثاني في الجدل الذي يُثار هو المنشورات المتداولة عن موضوع "الخوارزميات" والحيل التي تزعم أنها فاعلة في تجاوزها، أو المنشورات التي تتضمن لغة قانونية تلزم فيسبوك بعدم نشر أو استخدام الصور الخاصة بالمستخدم.
الإجابة على هذا السؤال لا تتطلب الكثير من التحليل، بل العودة إلى القاعدة الأساسية التي تعمل مواقع التواصل الاجتماعي وأي مواقع يتم استخدامها على الانترنت.
هذه القاعدة أو الحقيقة التي يعلمها الخبراء والمتخصصون، هي أن شروط التسجيل التي يوافق عليها المستخدم لحظة إنشاء الحساب، ومن ثم سياسة الخصوصية، وشروط وأحكام الاستخدام.
هذه هي القاعدة التي تحكم العلاقة قانونياً بين المنصة وبين المستخدم. وبالتالي فإن أية تحذيرات أو منشورات تبتكر طرقاً لحفظ الخصوصية من خلال منشور على صفحة المستخدم، مسألة تنم عن جهل في استخدام الشبكة العنكبوتية وقواعدها.
ما هي الوظائف الأخرى للخوارزميات على فيسبوك وغيره من المواقع؟
بالإضافة إلى تدقيق وتصنيف المحتوى على صفحة المستخدم، تعمل خوارزميات فيسبوك وشبكات التواصل الشبيهة على أساس تحليل سلوك المستخدمين وتفاعلاتهم مع المنشورات، من تقديم المحتوى الذي يهتم به المستخدمون أكثر.
وتشمل هذه العوامل العديد من الجوانب من أهمها:
التفاعلات المباشرة مع المنشورات؛ مثل التعليقات والإعجابات والمشاركة.
الوقت الذي يقضيه المستخدم في قراءة المنشورات.
الصفحة التي يتابعها المستخدم.
الأشخاص الذين يتفاعل معهم المستخدم.
الكلمات والعبارات التي يستخدمها المستخدم في المنشورات والتعليقات.
وتقوم الخوارزميات، وفق مراجع الذكاء الاصطناعي، بتحليل هذه العوامل واستخدامها لتحديد المحتوى الذي من المرجح أن يتفاعل معه المستخدم أكثر. وتُستخدم هذه الخوارزميات لتحديد ما يظهر في صفحة خلاصات الأخبار للمستخدمين، وكذلك ما يظهر في صفحات العلامات التجارية والصفحات العامة.
بعض الأمثلة على كيفية عمل خوارزميات فيسبوك:
- إذا قام المستخدم بتسجيل الإعجاب بالعديد من المنشورات حول الرياضة، فمن المرجح أن تظهر له منشورات أخرى حول الرياضة في صفحة خلاصاته.
- إذا قام المستخدم بقضاء الكثير من الوقت في قراءة المنشورات حول السياسة، فمن المرجح أن تظهر له منشورات أخرى حول السياسة في صفحته.
- إذا قام المستخدم بمتابعة صفحة علامة تجارية تبيع الملابس، فمن المرجح أن تظهر له إعلانات عن ملابس من هذه العلامة التجارية.