[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

تحقيق صحفي يكشف ضبط شحنات أدوية غير مبردة في عدن

تحقيق صحفي يكشف تفاصيل بشأن ضبط شحنات أدوية غير مبردة في عدن جنوبي اليمن وسط محاولات للإفراج عنها رغم التحذيرات


كشف تحقيق صحفي عن تفاصيل ضبط شحنات أدوية مستوردة عبر حاويات حديد غير مبردة، في عدن، وعن محاولات لإطلاق الشحنات على الرغم التحذيرات من كونها تالفة.

وأشار التحقيق الذي نشره الزميل عبدالرحمن أنيس ويعيد نشوان نيوز نشر نصه، إلى أن الهيئة العليا للأدوية اصرت على الافراج عن عشرات الالاف من المضادات الحيوية التالفة بحجة ان الشركة المستوردة ستحفظها في مخازنها.

وأشار إلى أن التجار يستوردون الأدوية في حاويات حديد كون الغرامة التي يدفعونها لهيئة الأدوية مع كل شحنة غير مبردة اقل بكثير من سعر استئجار الحاويات المثلجة. في حين أن أمن المنطقة الحرة وجمرك الميناء رفعا خطابات اخلاء مسؤولية عن استهلاك الأدوية الواصلة، ودونوا عدد من محاضر "اثبات حالة".

إلى التحقيق:

يفتح العمّال باب حاوية حديدية تم انزالها في ميناء الحاويات بعدن، يتقدم احد الضباط برتبة نقيب الى الحاوية ويتحسس كراتينها ثم يفتح احدها لفحص محتوياتها، اخرج عينة ونظر الى لونها باستغراب، ثم جال ببصره يمنة ويسرة وعلامات الاندهاش تغزو وجهه مما رآه في تلك الكراتين.

امضى الضابط وقتا في تفقد البضاعة، ثم دوّن في تقريره الملاحظات التالية:

1- الحاوية غير مبردة منذ وصولها الى ميناء عدن قبل ستة اشهر.

2- يوجد رطوبة على الكراتين.

3- يوجد نمل وبيوت العنكبوت بين باكتات الأدوية.

تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 1
تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 1

كانت تلك الشحنة مملوكة لشركة (فارما بيديا) للاستيراد. "انظر الوثيقة رقم 1".

رفع الضابط الذي يشغل منصب رئيس قسم الأدوية والمخدرات في شرطة المنطقة الحرة تقريره الى شرطة المنطقة الحرة مقترحا اتلاف الشحنة، لكن الهيئة العليا للأدوية ترفض ذلك، وتطلب الافراج عن الشحنة على ان يتم تحريزها في مخازن الشركة المستوردة تحت اشرافها.

وصلت تلك الشحنة الى ميناء عدن في 14 نوفمبر 2020 قادمة من باكستان، وبعد ستة أشهر كاملة من بقاءها في الميناء، وجه مدير عام الهيئة العليا للأدوية الدكتور عبدالقادر البابكري، خطابا في تاريخ 27 يونيو 2021 الى مدير جمرك ميناء عدن للحاويات يطلب فيها الافراج عن الشحنة وتحريز الكمية التي تحوي ستة اصناف دوائية في مخازن شركة فارما بيديا تحت اشراف الهيئة. "انظر الوثيقة رقم 2".

تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 2
تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 2

في تاريخ 5 يوليو 2021 وجه العميد عبدالسلام العمري مدير عام شرطة المنطقة الحرة خطابا الى مدير عام الهيئة العليا للأدوية بعدن، كان مضمون المذكرة: ((نرجو منكم اعادة النظر في الافراج وامر التحريز فقد تغيرت الوان الاصناف الطبية جراء تعرضها لدرجة حرارة عالية)) "انظر الوثيقة رقم 3"، لكن هيئة الأدوية تصر على الافراج تحت ذريعة ان كمية الحاوية المقدرة بعشرات الاف الباكتات بين قوارير وامبولات واشرطة، ستحرز في مخازن الشركة المستوردة.

تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 3
تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 3

اخيرا يقرر مدير الجمرك تسليم الافراج لمندوب الهيئة العليا الأدوية، كاتبا في توجيهه (على مسؤولية الهيئة العليا للأدوية)."انظر الوثيقة رقم 2".

ترى لماذا لا تتلف كمية ثبت بالدليل انها لم تعد صالحة للاستخدام الادمي؟ وما الجدوى من مطالبة تاجر بتحريز عشرات الالاف من باكتات وقوارير الأدوية في مخازن شركته؟ وهل تم تحريزها فعلا ام بيعت في السوق؟.. أسئلة لا يعلم اجابتها الا الله في عرشه ثم مسؤولي الهيئة العليا للأدوية في ارضه.

اسماء الاصناف المنتهية

كانت اسماء اصناف الأدوية المنتهية التي اصرت هيئة الأدوية على الافراج عنها كي تحرز في مخازن الشركة المستوردة كالتالي:

1- المضاد الحيوي لينزوليد (اوكسازوليدينون مضاد حيوي للعدوى البكتيرية الخطرة) كمية 5000 علبة.

2- دواء باراسيتامول (24 الف علبة).

3- ليفوفلوكساسين (يستخدم لعلاج العدوى البكتيرية التي لا يمكن علاجها بمضادات حيوية اخرى). (30 الف قارورة و 15 الف باكت).

4- ميثيكوبال (صنفين اقراص وامبولات). (40 الف باكت). "انظر الوثيقة رقم 4".

تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 4
تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 4

غرامات مريحة للتاجر

يتحايل كثير من تجار ومستوردي الأدوية، فبدلا من دفع مبلغ كبير لاستئجار حاوية مبردة من بلاد المنشأ، ياتون بالأدوية في حاويات حديدية حارة، ويدفعون عند وصولهم غرامة اثنين مليون ريال للهيئة العليا للأدوية التي تكرر استلام الغرامة منهم في كل شحنة. "انظر الوثيقة رقم 5".

تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 5
تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 5

اذا استأجر التاجر حاوية مبردة سيدفع خمسين الف دولار منها خمسة الف دولار ثمن ايجار الحاوية و 45 الف دولار مبلغ ضمان يرد حين عودة الحاوية المبردة للشركة التي اجرتها، ولكن للربح السريع ياتي التاجر بالأدوية في حاويات حديدية حارة ويدفع غرامة اقل بكثير مما سيخسره لو استأجر حاوية مبردة.

ومن ناحية اخرى تستفيد الهيئة العليا للأدوية من ذلك حيث تاخذ غرامة اثنين مليون ريال على كل حاوية غير مبردة، دون اتخاذ اي اجراء اضافي ضد المستورد الذي يكرر دفع الغرامة مع كل شحنة.

محاضر اثبات حالة

حصلنا على عدة محاضر (اثبات حالة)، وقعها المسؤولون في امن الميناء والجمرك تحسبا لاي مساءلة قانونية مستقبلا نتيجة استهلاك المواطنين لأدوية بشرية تستورد بطريقة مخالفة لبروتوكولات استيراد الأدوية.

تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 6
تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 6

في 23 اكتوبر 2023، جاء في محضر اثبات حالة انه تم معاينة وتفتيش حاوية نوع حديد (غير مثلجة)، تتبع شركة الجبل فارما للأدوية، لكن تم صرف شهادة افراج للأدوية التي تحتويها من قبل الهيئة العليا للأدوية. "انظر الوثيقة رقم 6".

تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 7
تحقيق الأدواية الوثيقة رقم 7

كما حصلنا على صورة من مذكرة وجهتها الهيئة الى مدير جمرك الميناء تطلب فيها الافراج عن الحاوية المذكورة وعليها توقيع مندوب الهيئة بان الأدوية مطابقة للمواصفات !!. "انظر الوثيقة رقم 7"

ليس ذلك محضر اثبات الحالة الوحيد الذي طالعناه، وجدنا العديد من محاضر اثبات الحالة، منها محضر اثبات حالة بتاريخ 25 نوفمبر 2023 يفيد بمعاينة وتفتيش حاوية نوع حديد غير مثلجة تحتوي على شحنة أدوية واصلة من تايلند باسم المستورد (محلات الجبر التجارية)، ويفيد المحضر بانه تم صرف شهادة افراج للأدوية من قبل الهيئة العليا للأدوية. "انظر الوثائق رقم 8 +9".

وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 8
وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 8
وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 9
وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 9

كما عثرنا على محضر اثبات حالة بتاريخ 1 نوفمبر 2023 يفيد ايضا بمعاينة وتفتيش حاوية نوع حديد غير مثلجة تحتوي على أدوية بشرية واصلة من الهند، باسم المستورد / معمل النور للأدوية، "انظر الوثيقة رقم 10" ، وتم صرف شهادة افراج للأدوية من قبل الهيئة العليا للأدوية ايضا !!."انظر الوثيقة رقم 11".

وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 10
وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 10
وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 11
وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 11

الامن والجمارك يخلون مسؤوليتهم

قبل عام ونصف وتحديدا في 2 يونيو 2022، تم ارسال مذكرة مشتركة حملت توقيعين: مدير عام جمرك المنطقة الحرة محسن قحطان ومدير عام شرطة المنطقة الحرة العميد عبدالسلام العمري، كانت المذكرة موجهة لمحافظ عدن، ومنسوخة للنائب العام ورئيس محكمة استئناف عدن ومدير امن عدن والهيئة العليا للأدوية.

جاء في المذكرة الموجهة للمحافظ لملس: ((نحيطكم علما بان هناك شحنات أدوية تصل الى ميناء المنطقة الحرة محملة بحاويات غير مبردة وغير مخصصة لحفظ الأدوية، وقد تم اتخاذ اجراءات من قبلنا برفع مذكرات الى الهيئة العليا للأدوية، كما تم اخذ تعهدات على مستوردي الأدوية بعدم استيراد اي أدوية بحاويات، ولكن لا زالت توصل بعض شحنات الأدوية محملة بحاويات غير مبردة وغير مخصصة لحفظ الأدوية، ويتم الافراج عنها من قبل الهيئة العليا للأدوية)).

وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 12
وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 12

واختتمت المذكرة المشتركة الموجهة لمحافظ عدن بالقول: ((وعليه فإن أمن المنطقة الحرة وجمرك المنطقة الحرة يخلون مسؤوليتهم عن وصول اي أدوية بحاويات غير مبردة وغير مخصصة، وتتحمل مسؤوليتها الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية)). "انظر الوثيقة رقم 12".

وسبق ذلك قيام مدير عام شرطة المنطقة الحرة العميد عبدالسلام العمري بارسال خطاب الى رئيس هيئة المنطقة الحرة حسن حيد يحذر فيها من ان الأدوية تصل الى الميناء بحاويات حديد، ثم تنقل بعد تنزيلها من الحاويات الى ثلاجات مبردة، في حين يجب ان تكون مبردة منذ بداية تصديرها من بلاد المنشأ.

وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 13
وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 13

ويحذر العمري من ان هذا الامر يشكل خطرا على حياة المواطنين المستهلكين للأدوية "انظر الوثيقة رقم 13"، تلا ذلك توجيه مدير جمارك الميناء محسن قحطان الى مدير الرقابة الخارجية وقسم المعاينة في الجمارك بعدم السماح بتفريغ الأدوية الى ثلاجات مبردة بعد وصولها، واخراجها من الميناء بنفس الحاويات التي وصلت بها كون الهيئة العليا للأدوية على علم بوصولها في حاويات غير مبردة. "انظر الوثيقة رقم 14".

وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 14
وثائق تحقيق شحنات الأدوية غير المبردة في عدن 14

وجهة نظر هيئة الأدوية

حاولت التواصل هاتفيا وبرسائل الواتساب مع الدكتور عبدالقادر البابكري رئيس الهيئة العليا للأدوية، وعرضت عليه طرح وجهة نظره في هذا الامر حرصا على عدم تغييب وجهة النظر الاخرى، وقد رد علي بأنه مسافر خارج البلاد، واجمالا فصفحتي متاحة لأي تعقيب يصل من طرف الهيئة العليا للأدوية.

ختاما

هذا التقرير لو نشر في بلد آخر لتسبب في ايقاف عدد كبير من المسؤولين على ذمة التحقيق، هذا امر يتضرر منه كل مواطن وكل مستهلك للدواء من الصيدليات، الغني والفقير، الصغير والكبير، المسؤول وعامة الناس، فهل نرى تحقيقا جديا في هذا الامر؟!

الوثائق:

زر الذهاب إلى الأعلى