اهتمامات

مرحبًا رمضان، شهر الرحمة والغفران

عبود الحربي يكتب: مرحبًا رمضان، شهر الرحمة والغفران


أيام وليالٍ قليلة وسيحل علينا هلال شهر رمضان المبارك لعام ١٤٤٥ هـ. إنه الشهر الفريد من نوعه بسبب أنه فيه أنزل الله القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. إضافة إلى أنه شهر الصيام والقيام، الذي يعد الركن الرابع من أركان الإسلام. وقد قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (البقرة ١٨٥). في هذا الشهر تنفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، وتتضاعف الحسنات، وتقل المعاصي والمنكرات، وتنزل الرحمات، وفيه ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.

من المعلومات الضرورية التي يجب معرفتها حول هذا الشهر المبارك هو أن الصيام يعني الامتناع عن الأكل والشرب والجماع نيةً للتقرب إلى الله تعالى. وقد فُرِضَ في السنة الثانية للهجرة على صاحبها - أفضل الصلاة والسلام - أنه فرض عينٌ على كل مسلم ومسلمة. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة ١٨٣).

لا يثبت دخول رمضان إلا برؤية الهلال أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا، ولا يصح إلا بشروط، وهي الإسلام والعقل والبلوغ والطهارة والمقدرة والإقامة، وأركانه النية والامتناع عن المفطرات منذ دخول الفجر الصادق حتى أذان المغرب. ويُضاف إليه الإخلاص والصلاة والابتعاد عن المحرمات القولية والفعلية، وتقديم الفطور وتأخير السحور، والإكثار من الصدقات والدعاء، وتفطير الصائمين والتسكُّن والإحسان إلى الفقراء والمساكين من المسلمين وغيرهم.

من الأمور التي يجب التنبه إليها في هذا الشهر المبارك هو عدم الاستهتار في أداء الصلوات في أوقاتها مع جماعة المسلمين في المسجد، حيث إن الصيام بدون صلاة لا يجوز. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "[رَبُّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ، وَرَبُّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ]" رواه ابن ماجة وصححه الإمام الألباني.

إلى جانب ذلك، يجب ترك الأمور السلبية الأخرى مثل الغضب لأتفه الأسباب والغيبة والنميمة وإزعاج الآخرين. إن الصيام فرصة ثمينة لتهذيب النفوس والرجوع إلى الله والإحساس بالفقراء والمساكين الذين لا يجدون حتى قوت يومهم الضروري، خصوصاً في ظل الحروب المستمرة وغلاء الأسعار وانتشار البطالة. قال صلى الله عليه وسلم: "[إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتِ الْأَبْوَابُ النَّارُ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ كُلِّ لَيْلَةٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ اقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ اقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ]" رواه ابن ماجة والترمذي عن أبي هريرة، وصححه الإمام الألباني في صحيح الجامع.

اللهم أهل هلال رمضان علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، وصومٍ مقبولٍ وذنبٍ مغفورٍ وعملٍ متقبلٍ وشهرٍ مبارك. وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

زر الذهاب إلى الأعلى